موريتانيا والجزائر.. علاقات تتراجع بسبب فرنسا والمغرب

ثلاثاء, 03/29/2016 - 08:02

شهدت العلاقات الجزائرية الموريتانية مؤخرًا العديد من الاضطرابات والتوترات، لاسيما مع إعلان «مجموعة الدول الخمس في الساحل» عن إنشاء قوة عسكرية للتدخل في المنطقة دون مشاركة الجزائر، الأمر الذي أكد أن هناك صراعًا نفوذيًّا مكتومًا بين الطرفين على الزعامة في هذه المنطقة، فما هي دلالات هذا الصراع ومن يغزيه في الوقت الراهن؟

تمر العلاقات الجزائرية الموريتانية بمرحلة حرجة خلال العامين الماضين، بعد تبادل طرد ممثلين دبلوماسيين من البلدين، على خلفية مقال نشره مستشار بسفارة الجزائر على موقع إخباري موريتاني، حيث اعتبرت نواكشوط أنه يسيء إلى موريتانيا وسياستها الخارجية، الأمر الذي أثر على علاقات البلدين الدبلوماسية.

وكانت قد بدأت العلاقة مرة أخرى تدخل في إطار التهدئة، حيث قررت موريتانيا والجزائر العودة للتنسيق الأمني في ديسمبر الماضي، إثر وساطة تونسية أسفرت عن تخفيف التوتر بين البلدين، وإنهاء أزمة دبلوماسية تواصلت 5 أشهر، إلَّا أن هذه التهدئة لم تدم طويلًا، فسرعان ما نشبت الأزمة الأخيرة بين البلدين، التي جمدت الجزائر على أثرها تعاونها العسكري مع موريتانيا، تزامنًا مع إعلان دول الساحل عن إنشاء قوة عسكرية بالمنطقة، تضم موريتانيا والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو ومالي.

يأتي هذا التصدع في العلاقات الموريتانية الجزائرية، بعدما قلقت الأخيرة من محاولات بناء منظومة أمنية لمواجهة الإرهاب في الساحل من دون إشراكها، مع أنها البلد الأكبر من حيث الموارد والتجهيزات، حيث ترى أن إقصاءها جاء بتوجيه من جهات خارجية على خلاف معها سياسيًّا وأمنيًّا في عدد من الملفات، وأنه إذا تم هذا التحالف سيكون على حساب المنطقة أكثر من صالحها.

وتبنى خبير العلاقات الدولية الموريتاني بشير شيخنا رؤى الجزائر، وتخوفاته من هذا التحالف قائلًا: إن تنامي التنسيق الأمني في المنطقة من دون الجزائر في إطار ما بات يعرف بمجموعة الساحل أثار شيئًا من الشك والريبة لدى الأشقاء الجزائريين، مضيفًا: على موريتانيا المبادرة إلى توفير تطمينات أخوية مباشرة وقوية حتى تطمئن صدور أشقائنا في الجزائر، معتبرًا أن بمثل تلك التطمينات الصادقة يمكن تلاشي أن يصبح وقف التعاون العسكري بين الجزائر وموريتانيا بداية لشرخ لا يخدم مصالحنا الوطنية على الصعيد الأمني، ولا يخدم معادلة التوازن الجيوستراتيجي في المنطقة.

وأشار بشير إلى أن الإطار الجديد في منطقة الساحل صار بالنسبة للجزائريين نوعًا من التحالف الإمبريالي، يحاك ضدهم من الجنوب بطريقة غير مباشرة، مضيفًا أنه من الملاحظ أنهم لم يبدوا كثيرًا من الامتعاض إلَّا بعد أن أصبح جليًّا أن إطار مجموعة الساحل يتعمق في اتجاه التعاون العسكري المكثف في الشريط الساحلي، الذي يعتبر ذا أهمية استراتيجية قصوى بالنسبة للجزائر.

 وترى الجزائر أن هذه المستجدات بما فيها البعد التمويلي الأجنبي، من الطبيعي أن يقلقها، لاسيما عندما تؤخذ في الاعتبار مؤشرات دولية تشي بنوع من التقارب الضمني بين الإطار الساحلي الجديد وأطراف أخرى، لا يخفى على أحد تضارب مصالحها مع مصالح الجزائر في عديد من الملفات الأمنية إقليميًّا ودوليًّا، وهو ما طرحته صحيفة «لوموند» الفرنسية التي أشارت إلى أن هناك خلافات بين الجزائر وفرنسا؛ بسبب عدم جدية الأولى في ملف الإرهاب لذلك تعمد فرنسا، التي تمول مجموعة دول الساحل، وتُعد وسيطتها لدى الاتحاد الأوروبي والمانحين الدوليين، إقصاء الجزائر من هذه المجموعة بعد تجارب سابقة لم تكن في المستوى المطلوب، مثل تجربة مجموعة «دول الميدان» «الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر» والتي تمسى بـ«هيئة الأركان العملياتية» التي مقرها تمنراست «2000 كيلومتر جنوب العاصمة الجزائرية».

وبعيدًا عن مواقف فرنسا التي باتت قريبة من المغرب في ملف الصحراء، دائمًا ما تكون العلاقات الموريتانية المغربية في خلفية أي توترات بين الجزائر ونواكشوط على خلفية توتر العلاقات بين الجزائر والرباط منذ عقود؛ بسبب النزاع على إقليم الصحراء، وبحسب مراقبين هناك ثمة مؤشرات ميدانية على التحول في علاقات المغرب وموريتانيا نحو التقارب وتوطيد العلاقات، أهم مظاهرها تسارع وتيرة الزيارات الرسمية المتبادلة بين المغرب وموريتانيا الفترة الأخيرة، ويقول البعض: موريتانيا تريد استرضاء المغرب على حساب علاقتها بالجزائر.

وتشير بعض التقارير الجزائرية إلى أن المغرب وراء إقصاء الجزائر من قِبَل دول الساحل الإفريقي الخمس، حيث سربت المغرب معلومات، تزعم بأن الجزائر ليس لديها جدية في التعامل مع التنظيمات الإرهاب، الأمر الذي أخذه المنضمون في الحلف، كحجة لعدم مشاركة الجزائر في هذا التحالف

elbadil.com