الجذب السياحي / عبد الرحمن الطالب بوبكر الولاتي

خميس, 09/10/2020 - 19:54

السياحة هي التنقّل من مكان الإقامة الأصلي والانتقال إلى مكانٍ آخر بقصد الزيارة والتنزّه والاستمتاع أو الاطلاع أو الاستكشاف أو العلاج، والسائح هو الشخص الذي يزور دولةً غير دولته الأصلية أو غير الدولة التي يقيم فيها إقامة دائمة لأي سبب غير العمل والكسب، وتعكس السياحة مدى التطور الحضاري الذي وصلت إليه الدولة، كما أنها مصدر مهم من مصادر الدخل القومي، فهي تساعِد على إنجاح الخطط التنموية في الدول وتوفّر فرص العمل للمواطنين، وتعد مصدراً للعملات الأجنبية، وقطاعاً رئيسياً في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
يشمل الجذب السياحي جميع مناطق الترويح والتسلية والمتعة التي يبحث عنها السائح وزيادة القناعة والرضا بالتجربة السياحية وقد تكون منطقة ذات الملامح المميزة او موقع سياحي فريد يمكن الوصول اليه بسهولة من قبل المجاميع السياحية على مدار السنة .
يقول ميدلتون  في الجذب السياحي  انه “مواقع سياحية معروفة اشتهرت بتصميمها الفريد مثل ولاتة و شنقيط ...... و يديرها جهاز اداري متخصص وان الهدف من وجودها زيادة المتعة وثقافة الفرد ”  , ويشمل الجذب السياحي عناصر مهمة هي العنصر الديناميكي المتحرك (السائح ) و العنصر الثابت (الموقع ) والعنصر الثالث هو (النقل ) لأنه الرابط بين الانسان والمكان .
صناعة الجذب السياحي لها برتوكولاتها ووسائلها وفي مقدمتها الدعاية والإعلان ووجود بنية تحتية وفوقية جاذبة مما حذا بالدول التي تفتقر لعناصر الجذب السياحي لخلق وسائل جذب سياحي ترفيهي واستجمامي وعلمي وتعليمي وثقافي ناهيك عن جعل الدولة مركز تشغيل وصيانة وجسر عبور لوسائل النقل المختلفة بين دول العالم خصوصا في مجال النقل الجوي وخير مثال على ذلك ما حظيت به دبي من شهرة واسعة في هذا المجال.
ولا شك أن للإعلام دورا بارزا في بلورة النظرة الإيجابية للسياحة المحلية وتشجيعها وجعلها قبلة للسياحة الخارجية من خلال جعل تسهيلاتها منافسة لتلك الموجودة في الخارج سواء فيما يتعلق بالأسعار أو حرية الحركة أو السعة أو عدم التطفل ولا شك أن الإعلام الذي يروج للسياحة المحلية على استحياء بينما يروج للسياحة الخارجية بصورة جاذبة يغرد خارج السرب لأنه بهذا يشجع السياحة الخارجية وهذا ما أدى إلى صرف كثير من المواطنين مليارات على السياحة الخارجية. وهنا لا بد من الإشادة بما تبذله وزارة السياحة من جهود جبارة في سبيل توطين السياحة في البلاد وجعلها مصدر دخل يعتمد عليه خصوصا أن موريتانيا لديها مقومات سياحية لا تتوفر لدى الآخرين وفي مقدمتها الآثار والمواقع التاريخية والثقافية والتنوع الطوبوغرافي الذي تتمتع به موريتانيا من سواحل وجبال وصحارى لكل منها جاذبيته ناهيك عن استتباب الأمن والاستقرار. ولا شك أن هذا سوف يكون له دور فاعل في توطين السياحة الداخلية وجعلها أكثر جاذبية. ولتحقيق ذلك لا بد من الاستفادة من أساليب الجذب السياحي المتبعة في الدول الناجحة في هذا المجال والتي من أهمها تسهيل الحصول على التأشيرة عند المنافذ مقابل رسوم متواضعة وخير مثال على ذلك ما تفعله كل من ماليزيا وتركيا وغيرهما حيث يتم الحصول على التأشيرة عند المنافذ مقابل رسوم رمزية.
إن تشجيع السياحة في موريتانيا يحتاج إلى عدد كبير من المبادرات الجذابة التي من أهمها:
جعل جميع الخدمات والتسهيلات عوامل جاذبة ومنافسة لما هو موجود في الخارج وفي مقدمة ذلك توفرها وانخفاض تكاليفها والعمل على إزالة العوائق التي تقف حجر عثرة أمام انتشارها والرغبة بها.
بلورة إعلام سياحي يبرز السياحة المحلية ويرفع من قيمتها ولا يجعلها باهتة من خلال تفوق الدعاية للسياحة الخارجية.
تشجيع المؤسسات السياحية التي تقوم بتقديم خدمات سياحية على غرار ما هو معمول به في الخارج مثل حملات التكفل بالنقل والإقامة لمدد معينة وبتكاليف معقولة لجميع مناطق موريتانيا.
تشجيع إنشاء وسائل نقل سياحي مزودة بمرشدين سياحيين تقدم رحلات يومية أو نصف يومية لمشاهدة أهم المعالم والمواقع لهذه المدينة أو تلك مقابل مبالغ مقبولة.
العمل على تشجيع وجذب الاستثمارات السياحية والترفيهية ودعمها وتسهيل مهمتها.
العمل على جعل مطارات البلاد في كل من النعمة و نواكشوط و انواذيبو .....الخ مراكز عالمية منافسة من خلال رفع كفاءتها التشغيلية والاستيعابية وأهميتها الدولية وجذبها لأكبر عدد من شركات الطيران العالمية بحيث تصبح تلك المطارات مراكز اتصال وتشغيل وصيانة وتوزيع دولية منافسة للقدوم والمغادرة والترانزيت وهذا بدون شك سوف يكون من أهم عوامل الجذب السياحي إذا رافقه تسهيلات في منح تأشيرات العبور والإقامة.
يبحث السائح باستمرارٍ عن المناطق السياحية التي تلبي رغبته وتناسب ميزانيته ووقته، وقد تنجح بعض الدول في استقطاب السياح نظراً لتوفر مقومات الجذب لديها دون غيرها من الدول.
مقومات الجذب السياحي أهميةً للسياحة في أي دولةٍ وتمنحها التفرّد والامتياز عن بقية البلدان، ويمكن تقسيمها إلى:

 

1/ مقومات طبيعيّة وهي العوامل الطبيعيّة المناسبة التي تجذب السياح لزيارة المنطقة، وتتمثّل في الموقع الجغرافي الذي يؤثر في المناخ السائد، وهذا يؤدي إلى التأثير بتنوّع البيئة من بحارٍ ومحيطاتٍ وغاباتٍ وتنوّع الكائنات الحية التي تعيش فيها، وتتأثر هذه العناصر الطبيعية بعامل الوقت والمسافة ورغبات السائحين، فمثلاً على الأغلب يرغب رجال الأعمال والذين يعيشون في المدن الصاخبة بزيارة المنتجعات السياحية والمناطق التي تكثر فيها الغابات والأشجار والسواحل الشاطئيّة و الجبلية بحثاً عن الهدوء والاسترخاء، ومن يقطنون في المناطق الأوروبيّة والباردة يبحثون عن المناطق الدافئة والمعتدلة في فصل الشتاء وهكذا، كما أنّ المسافة التي يقطعها السائح لها دورٌ في الإقبال على بعض المناطق دون غيرها فلا أحد يرغب بتمضية الوقت على الطائرة أو في الباخرة.
2/ المقوّمات التاريخية والحضارية يبحث الكثير من السياح عن المناطق ذات الحضارات العريقة، والتي تظهر من خلال الآثار التي تتركها خلفها لتدل عليها من آثارٍ والمباني التذكاريّة، حيث يركّزون في زيارتهم على المتاحف والمساجد والمكتبات والمناطق الأثرية والتاريخية .
3/ المقومات الاجتماعية والدينية وهي التي تعكس مدى ترابط أبناء المجتمع معاً وتتضمن أنماط وأساليب الحياة التي تغلب على الأفراد في المجتمع، وتعدّ مصدر جذبٍ لبعض السياح الذين يحبون التعرّف على عادات وتقاليد الشعوب الأخرى، وكذلك المقومات الدينية المتمثلة بعبادة المجتمع والمظاهر الدالة عليها من المزارات المهمّة والأضرحة والأماكن المقدّسة وأماكن الاحتفالات الدينية.
تعتبر السياحة من أهم مصادر الدخل في عدد كبير من الدول حيث يعتمد عليها كالمصدر أول للدخل ولهذا اهتمت بها الدول وأصبحت عملية الجذب السياحي تأخذ أولوية قصوى في حراكها ونشاطها الاقتصادي وشجع على ذلك تطور وسائل السفر إلى أماكن لم يكن الإنسان يحلم بالوصول إليها قبل عدة عقود.
لجذب السياحي على سلوك السائح تأثيرات والمتمثلة في قرار السائح في اختيار وجهته السياحة ورضا وولاء السائح، هي التي تساعد على بقاء السوق السياحي وتشجيع الإستثمار فيه وخلق المنافسة من أجل تطوير هذه العوامل بناءا على رغبات السياح وتطلعاتهم وما يتماشى مع احتياجاتهم، وهذا من أجل الحصول وضم أكبر عدد من السياح الجدد والحفاظ على السياح القدامى.