بعد حلب وإدلب.. الغوطة تذبح بخنجر إيران.. فهل لها من “معتصم”؟

أربعاء, 05/30/2018 - 10:03

فما هي إلا دقائق من تصويت مجلس الأمن الدولي لصالح وقف إطلاق النار في كامل سوريا، حتى خرجت طائرات النظام لتحلق فوق سماء الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق وتمارس هوايتها المفضلة في إرسال حمم الجحيم المتفجرة على رؤوس المدنيين.
وفي أول نهار بعد التصويت على الهدنة، خرجت مفارز برية من قوات النظام لتشن حملة برية واسعة على أكثر من جبهة على الغوطة الشرقية في ضرب للقرار بعرض الحائط.
مجازر:
كعادة قوات نظام الأسد، تسببت انتهاكاتها الوحشية تجاه المدنيين السوريين في صدمة عالمية من السلسلة غير المنتهية من المجازر التي تتواصل في الغوطة على غرار ما حدث سابقا في حلب وحمص ودير الزور.
المرصد السوري لحقوق الإنسان بدوره، وثق ارتفاع عدد قتلى الغارات التي شنها النظام السوري خلال أسبوع على غوطة دمشق الشرقية إلى 500 مدني على الأقل.
وأضاف أن حصيلة القتلى في الغوطة الشرقية ارتفعت إلى أكثر من 500،.ومن بين القتلى 121 طفلا و65 امرأة قضوا منذ 18 فبراير الجاري حتى السبت، وفق المرصد، الذي أكد أن عدد الجرحى بلغ نحو 2500 شخص، فضلا عن عشرات المفقودين تحت ركام المنازل المدمرة.
ورصد المرصد خروج 10 مراكز طبية في الغوطة الشرقية عن العمل بسبب القصف المكثف، الأمر الذي ضاعف عدد القتلى، وزاد من معاناة الجرحى الذين اكتظت بهم المشافي الميدانية.

صمت:
وجاء ارتكاب هذه المذابح أمام مرأى العالم وسمعه وخاصة مجلس الأمن والدول المعنية بالملف السوري، في حين أنه باستثناء تصويت مجلس الأمن لصالح الهدنة فإن موقفا دوليا واضحا ضد تلك المجازر لم يتبلور حتى الآن.
الأمين العام للأمم المتحدة بدوره اكتفى سابقا بالتعبير عن قلقه المتطابق مع قلق من سبقوه في منصبه، في حين أن مبعوثه الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا تحدث أمام مجلس الأمن، بلغة محايدة قائلا إن “تصعيد القتال في الغوطة الشرقية قد يجعلها حلب ثانية”.
ورفض ديمستورا القول بأن الروس والمليشيات الإيرانية ومليشيات النظام قاموا بتدمير أحياء حلب الشرقية أواخر 2016، ونظموا عمليات تهجير قسري لمئات الآلاف من سكانها المدنيين، فتحولوا إلى مشردين ونازحين ولاجئين، ويريدون القيام بذلك مرة أخرى في الغوطة.
لماذا؟
تشكل الغوطة الشرقية أهمية قصوى للنظام والمعارضة السورية على السواء، ذلك أن الغوطة تقع في منطقة استراتيجية تجعلها على بعد مرمى حجر من قلب العاصمة دمشق والقصر الجمهوري الذي يقيم فيه رئيس النظام بشار الأسد.
ويبدو أن النظام السوري وحلفاءه الروس والإيرانيين يستعجلون الوقت لتحقيق حسم عسكري مهما كان ثمنه في الغوطة الشرقية المحاصرة على حساب دماء المدنيين، وذلك بعد أكمل مختلف اللاعبين الدوليين والإقليميين تثبيت نفوذهم على الأراضي السورية.
وجاء التصعيد الأخير بعد أسابيع قليلة من تلقي المليشيات الإيرانية والروسية ضربة قوية من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، والاشتباك الذي حصل داخل سوريا بين الإيرانيين والإسرائيليين، وما يمثله ذلك من تحديات للنفوذ الروسي في سوريا، واستهداف القواعد العسكرية الروسية في حميميم وطرطوس الذي أثبتت أن الانتصار الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان وهمياً.
“ويحشد النظام وحلفاؤه المزيد من مليشياتهم وقواتهم لتحقيق غايات الساسة الروس والإيرانيين في تثبيت احتلال سوريا الذي لن يكتمل إلا باحتلال الغوطة، معتقدين أن احتلالها سُيفضي إلى حسم المعركة ضد إرادة غالبية السوريين لصالحهم، كي يتمكنوا من تثبيت نفوذهم في سوريا
ويولي النظام وحلفاؤه أهمية كبيرة للغوطة الشرقية نظرا لما تمثله من بُعد إستراتيجي، بوصفها المدخل الجنوبي الشرقي لعاصمة “سوريا المفيدة” دمشق، ولإشرافها المباشر على طريق مطار دمشق الدولي ذي الأهمية العسكرية الكبيرة بالنسبة للنظام والإيرانيين.
كما تنبع أهميتها أيضاً من اتصالها المباشر بطرق تفضي إلى محافظتي درعا والسويداء باتجاه الحدود الأردنية من جهة الجنوب، وباتجاه الحدود العراقية من جهة الشرق، فضلاً عن أن الغوطة الشرقية هي آخر حصن كبير بالنسبة للمعارضة قريب من العاصمة.
وكانت الغوطة الشرقية، منذ دخول الروس في الحرب إلى جانب النظام في عام 2015 ضد غالبية الشعب السوري، هدفاً رئيسياً للقتل والتدمير، حيث شهدت مرات عديدة تكثيفاً للقصف بالمقاتلات الروسية ومقاتلات النظام، رغم محاولات الساسة الروس إظهار أنفسهم وكأنهم معنيون بإيجاد حل سياسي في سوريا.
ويحشد النظام وحلفاؤه المزيد من مليشياتهم وقواتهم لتحقيق غايات الساسة الروس والإيرانيين في تثبيت احتلال سوريا الذي لن يكتمل إلا باحتلال الغوطة، معتقدين أن احتلالها سُيفضي إلى حسم المعركة ضد إرادة غالبية السوريين لصالحهم، كي يتمكنوا من تثبيت نفوذهم في سوريا، لكن يبقى صمود السوريين وخاصة أهل الغوطة كافيا لتحويل أحلام النظام إلى سراب.

.gulf365.co/