النوع في موريتانيا...قوانين لصد العنف/ أموه أحمدناه

خميس, 10/26/2023 - 18:33

لم يعد الحديث عن العنف القائم على النوع في موريتانيا حديثا عابرا بقدر ما هو حديث متفق عليه،في ظل المطالبات بالقوانين التي تكفل للضحية الحصول على الحقوق،وتعمل على معاقبة مرتكبي العنف في حق المرأة والفتاة،وهو ما ظلت الدولة الموريتانية تعمل عليه خلال السنوات الماضية،إلى جانب هيئات المجتمع المدني،وإن كانت الخطوات المتخذة أتت دون المطلوب يرى مراقبون.

 

جهود رسمية للإشراك والحماية

في موريتانيا تمثل النساء ما يزيد على 50% حسب الإحصائيات،ولفتح باب المشاركة على مصراعيه في مختلف الأصعدة أمام النساء،بذلت موريتانيا جهودا كبيرة لخلق الظروف المناسبة لتمكين المرأة والفتاة،هذه الجهود من بين تجلياتها اليوم ما يدركه المتابع للشأن السياسي،حيث زادت الحصة الانتخابية المخصصة للمرأة،مع سنّ التشريعات التي تقف بالمرصاد لمختلف الممارسات التي تنتهك حقوق المرأة،من قبيل العنف وزواج الأطفال وختان الإناث والحرمان من التمدرس،ورغم كل ما سبق ذكره يرى البعض أن المرأة في موريتانيا ما زالت بحاجة لمزيد من التمكين والإشراك،وللقوانين الرادعة التي تكفل لها الحصول على الحقوق،دون أن تبقى هذه القوانين حبرا على ورق كما يقولون.

 

مشكل قديم يتجدد

يؤكد القائمون على المرصد الموريتاني لحقوق المرأة أن ظلم المرأة قائم منذ نشأة الدولة الموريتانية،وهو ما يُرجعه البعض لضعف التشريعات والقوانين،وخلال الأعوام الماضية ارتفعت وتيرة العنف القائم على النوع خاصة خلال جائحة كورونا التي ألقت بظلالها على العالم أوائل ديسمبر من عام 2019،حيث سجلت موريتانيا حسب الجمعية الموريتانية لصحة الأم والطفل أعلى رقم لضحايا الاغتصاب منذ العام 2002،مضيفة أن التكتم على العنف بسبب العادات والتقاليد يزيد من انتشار هذه الظاهرة.

 

حملات توعوية وتحسيسية

ارتفاع نسبة العنف القائم على النوع خلال كوفيد كان وراء ظهور الحملات التحسيسية في الواقع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي من طرف منظمات المجتمع المدني،مع الدعوة لتفعيل القوانين الرامية لحماية المرأة والفتاة من العنف،وتوفير الرعاية والتعليم والتوعية والتكوين،فبحسب تقرير صادر عن رابطة النساء الموريتانيات معيلات الأسر حول العنف ضد المرأة،فإن هذا العنف يرتبط بالمستوى التعليمي،إذ يشير التقرير المذكور إلى أن نسبة النساء الأميات اللواتي تعرضن للعنف الزوجي تجاوز 46% وتتراجع عندما يتعلق الأمر باللواتي حصلن على مستوى تعليمي ابتدائي لتصل 30% بينما تصل هذه النسبة في صفوف اللواتي حصلن على تعليم إعدادي 11 % في وقت تصل 7% بالنسبة للتعليم الثانوي و1% بالنسبة للتعليم الجامعي.

 

 مؤيـد للقوانين ومعارض

لقد عملت موريتانيا خلال السنوات الماضية على صياغة ودراسة مشاريع القوانين التي تضمن حماية المرأة والفتاة،من قبيل مشروع قانون محاربة العنف ضد المرأة والفتاة "كرامة" الذي شغل الناس خلال الفترة الماضية،بعد أن عُرضت مسودته على المجلس الأعلى للفتوى للمظالم،قبل أن يقترح إلغاء بعض المواد.

"كرامة" بحسب المسودة ينطلق من قيم الإسلام ومقاصده التي تحمي قدسية الأسرة وتصون كرامة المرأة والفتاة،مرورا بالمبادئ الدستورية والاتفاقيات الدولية ذات الصلة،ويهدف للوقاية من العنف القائم على النوع ووضع الإجراءات القانونية الكفيلة بحماية الضحايا ومعاقبة الجناة.

وبقدر الدعوات لوجود قوانين تحمي المرأة والفتاة،فإن القانون الجديد قوبل بالرفض من أول يوم تم الإعلان عنه،فالمعارضون له يرجعون معارضتهم لمخالفته تعاليم الدين الإسلامي،ولكون مواده تُشجع على العقوق وتشيع الفاحشة وتهدد سكينة الأسرة وتنسف ثوابت الولاية والقوامة حسب تعبيرهم،بينما يقول المؤيدون خلاف ذلك،ويؤكدون أن المعارض لقانون "كرامة" لم يكلف نفسه عناء قراءة مادة واحدة من مواده،وبين القبول والرفض لم يجد قانون "كرامة" للتطبيق سبيلا.

 

إن حماية المرأة اليوم كما يؤكد مهتمون تكمن في الدعم والإشراك وخلق المشاريع المدرة للدخل،وفي التكوين والتدريس والتوعية والتحسيس،خاصة في المناطق النائية من البلاد،في ظل تسجيل موريتانيا لواحد من أعلى معدلات الوفيات في العالم بسبب حمل المراهقات وعدم المباعدة بين الولادات وختان الإناث ونقص الرعاية السابقة للولادة.