هيئة حقوقية في موريتانيا تحارب آثار الرق عبر التعليم/ أموه أحمدناه

سبت, 11/26/2022 - 12:55

"كان فضل هيئة الساحل علي كبيرا،فقد كانوا وراء ما أنا عليه الآن،بعد أن كدت أفقد الأمل في التعليم ناهيك عن التوظيف" ، بهذه الكلمات يستهل بله عبد القادر الذي فقد والده قبل مدة وينحدر من أسرة ضعيفة ماديا حديثه عن مساره الذي لم يكن سهلا،وهو الذي استطاع الحصول على شهادة الياكلوريا ثم لاحقا أصبح معلما يُنسب للوظيفة العمومية ويشرف على تكوين الأجبال.

 

في موريتانيا بدأت خلال السنوات الماضية تنتشر بشكل كبير الهيئات الحقوقية،من قبيل هيئة الساحل التي تؤمن حسب القائمين أن التعليم وسيلة للقضاء على الرق ومخلفاته،إلى جانب أشكال الغبن والتمييز،انطلاقا من مسلمة مفادها أن الشخص المتعلم لا يمكن أن يُستعبد أو يَستعبد،حيث يقول رئيس الهيئة إبراهيم بلال رمضان:

"نحن ننطلق من أن التعليم مهمة سلطوية للدولة،و لكن المجتمع المدني له دور مكمل في توعية المجتمع و في الضغط على الدولة لكي تأخذ واجباتها على محمل الجد،و ليس هذا فحسب بل نحن نساعد في الميدان من خلال تقسيم أدوات على أبناء الأسر المتعففة و انتداب متطوعين لإعطاء دروس تقوية و بناء أقسام أحيانا بل مدارس أهلية وذلك ما نصبوا اليه و نعول كثيرا على مؤسسات الدولة ورجال الأعمال لمساعدتنا في ذلك".

 

تحول الأوضاع المادية دون حصول أغلب الأطفال في موريتانيا على تعليم يضمن مستقبلا واعدا،في ظل العزوف عن التعليم الحكومي خلال السنوات الماضية،الأمر الذي جعل هيئات المجتمع المدني تسعى بوسائل يصفونها بالمحدودة لتوفير تعليم نموذجي لأبناء الطبقات الهشة من المجتمع،انطلاقا من أهمية التعليم حيث يقول حمزة جعفر مسؤول التعليم في هيئة الساحل:

"يجب أن نتعامل مع التعليم كمسألة أمن قومي،فوجود التعليم الجيد يعني وجود دولة قابلة للاستمرار،ونأمل أن تضاعف الجهود للنهوض بقطاع التعليم،وبإصلاح التعليم نضمن إصلاح الصحة والعدالة وشتى ميادين الحياة".

 

اهتمام الهيئات الحقوقية ومجتمعات المدني بتوفير التعليم لأبناء موريتانيا من الطبقات التي تعاني أو عانت من التهميش لا يتوقف على العاصمة نواكشوط،فالأولوية للأرياف والقرى النائية،غير أن تحديات جمة دون تحقيق الأهداف المرسومة،من قبيل الوسائل المادية،وإن كانت هناك قوافل تحط الرحال بين الفترة والأخرى بالمدن الداخلية الموريتانية،وهي القوافل التي يتحدث عنها ولد رمظان قائلا:

"بدأنا هذه السنة في تنظيم قوافل الى الداخل و نلتقي المواطنين و ننصب ممثليات في الولايات و سوف نبدأ انطلاقا من السنة الدراسية الحالية التدخل في الداخل بالاعتماد على نهج خاص يقوم على دعم المدارس العمومية من خلال معلمين احتياطيين يقدمون دروس تقوية خارج أوقات الدوام".

 

كثيرا ما تتذيل موريتانيا الترتيب العالمي عندما يتعلق الأمر بالتعليم،وهذا الترتيب يرى حمزة أنه لن يتغير إلا بالاعتماد على استراتيجيات جادة،لذلك أطلقت عدة هيئات حقوقية مبادرات فردية وجماعية رامية للتثقيف بأهمية التعليم،مع توفير مقاعد دراسية مجانية في مدارس خصوصية لبعض أبناء الطبقات الضعيفة،ويضيف حمزة:

"زرنا بعض المدارس الخاصة بغية توفير مقاعد محددة،وبعد الموافقة نقوم بزيارة ميدانية لمحيط المدرسة،ثم نقوم باختيار أطفال نرى فيهم المعايير المطلوبة،من قبيل المستوى المادي ووضع الأسرة العام،وبهذه الخطة اعتمدنا توفير ما يناهز 700 مقعد دراسي لأطفال لا يستطيع ذووهم توفير الرسوم الدراسية للمدارس الخصوصية".

 

في موريتانيا لم يعد الرق مشكلة مطروحة في الوقت الراهن حسب مراقبين،غير أن مخلفاته تلقي بظلالها في شتى ميادين الحياة،ويؤكد رئيس هيئة الساحل استعداد الجهات الحكومية لإصلاح ما أفسدته سنوات الرق والتهميش بالتعليم مضيفا:

"الدعم الأساسي الذي حصلنا عليه كان من طرف بعض المدارس الخصوصية في نواكشوط،ونأمل أن تدوم العلاقة بيننا لضمان تعليم أكبر قدر ممكن من أبناء الطبقات المعدمة،وكل الجهات الحكومية التي تواصلنا معها حتى الآن أبدت استعدادا للمساعدة".

 

ويضيف ولد رمظان قائلا:

"نرجو من الدولة انفتاحا أكثر على منظمات المجتمع المدني،إذ تمثل الوجه الآخر للمجتمع،فلا يمكن بأي حال من الأحوال تصور عمل الدولة دون المجتمع المدني،وهذا المجتمع ظهرت جدوائيته ودوره في أكثر من مرة".

 

يعد الرق والغبن في موريتانيا من القضايا التي تعمل الحكومة والهيئات الحقوقية على تجاوزها ومعالجة آثارها،من خلال الإشراك والحرص على المساواة،وتوفير التعليم باعتباره أحسن أداة للنهوض بالبلاد وتحسين أوضاع العباد.

 

تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.