عقدويوا كوفيد19.. تصدوا للوباء وحرموا من الاكتتاب /تقرير عبد الله علي

أربعاء, 08/17/2022 - 15:32

لم تكن وزارة الصحة الموريتانية على ذلك القدر من الاستعداد لمواجهة أزمة عالمية ووباء فتاك مثل فيروس كورونا على كافة المستويات ، كانت المنظومة الصحة "هشة" كما وصفها الوزير الأسبق نذيرو ولد حامد وتفتقر للوسائل اللوجستية من أسرة وأجهزة إنعاش وأكسوجين وبذلات وكافة التجهيزات الطبية ، وفي الأطقم الصحية أيضا هناك عجز في المستشفيات والمختبرات ، ولاحتواء الجائحة كان لابد من اقتناء التجهيزات الضرورية واكتتاب أو التعاقد مع أطقم صحية مدربة أو تدريبها وإدماجها في الحرب "طويلة النفس". 
أعلنت الوزارة التعاقد مع مجموعة من الأطباء تبين بعد ذلك أنها مجموعة ضمت أطباء وصيادلة وأطباء بيولوجيين وممرضي دولة وممرضين اجتماعيين و قابلات. 
تم تقسيم التوليفة الجديدة على أقسام كوفيد في المستشفيات والمركز الوطني للبحوث في مجال الصحة العمومية ، يتذكر عضو المكتب التنفيذي لعقدويي كوفيد سيد ولد محمد جيدا بداية الوضعية وظروف العمل وضغطه إضافة للتحديات التي كانت تواجههم والمسار النضالي مع الوزارة بعد "الصدمة وخيبة الأمل" بعد كشف "مستور" وقلب ظهور المِجن لهم.

يقول ولد محمد " بالنسبة لظروف العمل كانت البداية متوترة خاصة أن الأمر بدأ في دول ذات مؤهلات طبية كبيرة وأطقم مدرية على مواجهة الأزمات والأوبئة ولم تكد تصمد أمامه ، وخلف إصابات هائلة ، مما سبب لنا توترا كبيرا، هذا إضافة للشح الحاصل في المعلومات عن المرض الفتاك، فما كان متوفرا من معلومات كان يأتي من دولة الصين وتعلمون التكتم الذي صاحب انتشار الفيروس ، وكان من المفترض أن تمر على منظمة الصحة العالمية وكانت تُحدَّث بشكل أسبوعي تقريبا، كانت فترة صعبة....!"
يواصل ولد محمد "أنا طبيب بيولوجي كنت في تلك الفترة أعمل في مختبر المعهد الوطني للبحوث في مجال الصحة العمومية ، وواجهنا الوباء بالإجراءات الاحترازية المنصوص عليها من طرف منظمة الصحة العالمية والتي دعت لها وزارة الصحة ، حددنا كل شيء حتى مسار العينات المأخوذة للفحص كان مضبوطا ، احترازا من إصابة أحد العاملين ،ومن أجل سلامة النتائج ،كنا نعمل على مدار 24 ساعة ، مرت الفترة ونحن في عزلة بعد أن منعنا أنفسنا من اللقاءات الاجتماعية مع الأسرة والمحيط ، خوفا عليهم وتحسبا لأي شيء آخر". 
"وبالنسبة للتحديات التي كانت أمامنا فقد كنا نواجه شيئا شبه مجهول للكثيرين ، والمواطنون في هلع عم الجميع ماجعلنا تحت ضغط على المؤسسات الاستشفائية لأن الأطباء العاملين أضحوا أمام تحد هو ترتيب الحالات من طفيفة إلى متوسطة إلى خطيرة ، وقد خف الضغط بعد بدء حملات التوعية والتحسيس التي بدأت بعد أسابيع من تسجيل حالات مجتمعية وانتشر الوباء بين المواطنين ، وهو مازاد من احتمال تسجيل حالات في الأطقم الطبية. 
كانت طبيعة عقودنا مع الوزارة على تعدد تخصصاتنا أننا "مقدموا خدمات" ، هذا حسب نص العقد الذي لم نكن على اطلاع تام به ، ونذكر أن وزير الصحة الأسبق نذيرو ولد حامد قال إنه عقد قانوني يتم تجديده مرة واحدة وبعدها سيتم ترسيمنا ، وبعد انتهاء الموجة الأولى تم تجديد العقود تلقائيا ، وفي الموجة الثالثة وعندما ظننا أن كلام الوزير نافذ وسيتم ترسيمنا ، صدمنا بقرار وزير الصحة حينها سيدي ولد الزحاف ، حيث تمت إزالة بعض بنود العقد . 
وتنكرت الوزارة لنا بعد الموجة الرابعة واعتبرتنا مجرد مقدمي خدمات تم التعاقد معنا بغرض السيطرة على الوباء وعقودنا منتهية بانتهائه ، كان القرار صادما 
بدأنا مسارا جديدا بعيدا عن المستشفيات والمختبرات ، هذه المرة أمام وزارة الصحة والوزارة الأولى والرئاسة والبرلمان ، تتبعنا السلم الإداري ، ولم نترك جهة قد تعنى بقضيتنا إلا ونظمنا وقفة أمامها، نظمنا أكثر من وقفة احتجاجية مطالبين بحقنا ، تمت مماطلتنا حتى تجاوزت فترة العقد ب4 أشهر ونحن محافظون على أماكن عملنا والعمل يجري بانسيابية. 
ثم جدد العقد مرة أخرى ، وأبلغنا أنها المرة الأخيرة وعلينا بعدها بالتوقف مباشرة ، وحين توقفنا أصيبت بعض المؤسسات الصحية بشلل تام ، فمثلا مستشفى الشيخ زايد بنواكشوط الشمالية كان أغلب العاملين فيه من عقدويي كوفيد 19 ويعاني الان من نقص في الكادر الطبي بعد أن لم تعد إدارة المستشفى تتحمل مسؤوليتهم وكذلك الوزارة ، وذلك نفس وضعية المركز الوطني للبحوث فقد كان يعتمد على البيولوجيين من العقدويين ، والان تتعطل الخدمات فيه بسبب انعدام الكادر البشري ، وكذلك المستشفى الوطني ومستشفى الصداقة والمركز الصحي بيارت وفي الداخل هناك روصو ومستشفى كيهيدي خير مثالين على ذلك 
بالنسبة للوزارة وحتى الآن لم نجد منها تجاوبا مناسبا تقول إنها لن تتخلى عنا ولكن لم تجد بعد الطريقة القانونية لذلك ، والآن نحن في مصير مجهول". يُنهي ولد محمد كلامه. 
مصير مجهول وحق "مهدور" وجهد "ضاع" بين ضغط وحاجة و"استغلال" وضعية.
حاجة بينة في تدعيم الأطقم الصحية بعناصر الكفاءة والخبرة في خوض معارك مثل "حرب كوفيد" تظهرها المستشفيات الوطنية وتحدثت عنها الوزارة في أكثر من مناسبة ، ووضعية عمال كوفيد المتعاقدين صعبة ومصيرهم مع الوزارة لم يتحدد حتى الآن ، والأكيد أن طبيعة العقد قانونيا -إن جدد- ستختلف ، والغاية عن المجموعة "الترسيم"
وفي 15 من أغسطس 2022 أعلنت وزارة الصحة عن اكتتاب داخلي للأطباء والممرضين والفنيين السامين العاملين بولايات نواكشوط لصالح مصلحة المساعدة الطبية المستعجلة (SAMU) ،وارتدادات الإعلان الذي يظهر حاجة القطاع للعاملين ذوي الخبرة عبر عنها حراك الأطباء العامين غير المكتتبين في بيان رفض فيه سياسة وزارة الصحة في التعاطي مع مطالبه ،متهما إياها بالتهرب من المسؤولية وغياب الجدية في إيجاد حلول لهذه المطالب التي على رأسها اكتتابهم ، داعين إلى الشروع في إجراءات عملية تفضي إليه في أقرب الآجال لضمان تكفل أفضل بالمرضى داخل المستشفيات وتحسين الخدمات الصحية المقدمة لهم ، مطالبين في الوقت ذاته باكتتاب جميع الأطباء العامين العاطلين عن العمل نظرا للحاجة الماسة للقطاع لخدماتهم، خاصة بعد ما لاحظه الجميع من نقص في الكادر الطبي المؤهل منذ ظهور جائحة كوفيد-19 .
.

حقوق "ضائعة" و"مماطلة قائمة" تقول مجموعة الأطباء ، وهو مايراه الناشط الحقوقي إبراهيم ولد بلال رمظان غير مرضٍ ، و"يعبر عن انتهاك صارخ لحقوقهم حيث أن الحس السليم يعترف لهم بتضحيات جسام في وقت حرج و في ظروف جد خطيرة و هذا يكسبهم مباشرة الحق في أوسمة و نياشين فضلا عن حقوقهم المادية المنصوصة في الاتفاق، كون الوزارة ماطلتهم و هضمت حقهم في الاكتتاب فهذا إن صح فهو مرفوض و يجب على الوزارة ان تفي بالتزاماتها اتجاه هولاء العمال" 
يواصل ولد بلال "ما ورد على ألسنة العمال المتضررين غير مقبول فكيف يتضمن العقد التزام الوزارة بتجديد العقد مرة واحدة و بعدها يصبح اكتتابا و لا يتم ذلك حسب المنصوص في الاتفاق الأصلي".
وفي الجانب القانوني يقول الدكتور وأستاذ القانون أحمد ولد جدو إن "هذه العقود التي تبرم الدولة مع الأشخاص الذين ليسوا موظفين عموميين ويصفونها بأنها عقود تقديم خدمات ورغم أنها خاضعة لقانون الصفقات العمومية، لكن عند الاطلاع على مضمونها تجده مضمون عقد شغل خاضع لقانون الشغل، و يكتبون في محتواها أنها خاضعة لقانون الوظيفة العمومية
وهذه الصيغة بالنسبة لنا كمختصين غير مفهومة لا تشريعيا و لا إداريا" 
يضيف ولد جدو "الحقوق لابد لها من سند تشريعي و السند غير موجود من الناحية التشريعية، لكن لو نظرنا بأنه التزام من الإدارة و أنها أكتتبت هؤلاء ضمن نطاق الوظيفة العمومية فعليهم أن يلجأوا للقضاء المختص فهو الذي يمتلك كلمة الفصل في هذا المجال" 
"فالطريق إذن بكل بساطة هي القضاء المختص في ظل فترة حكم شاهدنا فيها تنفيذا للأحكام القضائية و احترام قوتها القانونية وبالنسبة للقانون لا وجود لهذا النوع من العقود" ينهي ولد جدو حديثه معنا"
  
تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا. 
عبد الله علي