محمد الشيخ : أنا رهن إشارة بلدي في كل جهد وطني، شرط أن أبقى حرا في قول ما أراه صوابا(مقابلة)

خميس, 12/03/2020 - 08:51

الإعلام نت - أهلا وسهلا بكم معنا في هذا اللقاء الذي أجرته وكالة الإعلام مع الدكتور محمد ولد الشيخ أستاذ الإعلام في جامعة قطر ، والمرشح السابق للإنتخابات البرلمانية. 

اتصلنا بالدكتور في مقر إقامته بالدوحة وأجرينا معه مقابلة تعرضنا فيها لجوانب سياسية وإعلامية وغير ذلك وبدأنا بالسؤال الأول :

1- أهلابكم دكتور محمد وفي البداية يا حبذا لو أطلعتمونا على قراءتكم لمجرى الأحداث ومآلاتها في البلاد، وكيف تقيمون السنة الأولى من حكم غزواني..؟

-شكرا لكم أخي الكريم ولموقعكم المتميز على تخصيص جزء من وقتكم لإجراء هذه المقابلة معي رغم أنكم أفضل من يحلل هذا المشهد الوطني، وعطفا على سؤالكم أقول إن البلاد تمر بمنعطف هام من تاريخها، يمثل لحظة وثقت فيها الجماهير في رئيس منتخب، وسلمته زمام أمورها وأعطته كل الوقت لتحقيق جزء من مطالب الشعب، في تحسين أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية، ولكن للأسف الشديد جاءت النتائج هزيلة ودون التوقعات، على كل الأصعدة حيث اتضح غياب القيادة أو تغييبها عن المشهد بشكل جعل موجة من الإحباط تسود كافة الأوساط الشبابية والطليعية، وهو ما ينذر بانفجار الوضع إذا لم يتم تداركه بسرعة بقرارات فعلية وقائمة على أرض الواقع فلم تعد المسكنات تكفي.. 
أتفهم الظروف الدولية وكارثة كورونا وكل العوامل الخارجية، لكنني لا أستطيع أن أتجاهل دور السلطات الحاكمة وفشلها في وقف تدوير المفسدين والكروت المحروقة وهو ما ولد انطباعا شديدا لدى النخب أنها غير جادة في التغيير الموعود .

2- كيف تقيم أداء المعارضة في هذه الفترة ، وكيف ترى ماسمي حالة الغياب شبه التام الذي تعيشه الآن..؟

-باختصار لاتوجد معارضة حاليا في بلادنا، لأنها قد تخلت عن هذا الدور منذ مجيء النظام الحالي، واكتفت بمراقبة المشهد والتفرج عليه، مكتفية بوعود شفهية ربما تلقاها قادتها من الرئيس، وأتوقع أن سبب ذلك هو غياب هذه المعارضة عن أي لقاء مع الرئيس السابق، وهو ماجعلها تتمسك بوهم التشاور الزائف لدرجة جعلت السلطات تتجاوز هذه المعارضة الشكلية وتسير البلاد بشكل أحادي، ينذر بكارثة فعلية إن استمر التعاطي مع المشهد بهذا الأسلوب الاحادي الخالي من أي اعتبار للشركاء الآخرين في الوطن .
وإن كان لي من أمل في المشهد المعارض، فهو في القيادات الشبابية الوطنية ونشطاء وسائل التواصل الاجتماعي غير المنتمين لأي حركة أو حزب تقليدي، كما أن استمرار المظالم والتعسف بصورة متسارعة جعل الجميع ينخرطون في المشهد السياسي بشكل متزايد، وهو ما سيجعل الأحزاب السياسية التقليدية يتم تجاوزها إلا في أضيق الحدود.

3- كيف تقيمون أداء الحكم الحالي فيما يتعلق بالحرب على الفساد وهل ترون أن الاجراءات التي تم اتخاذها ضد الرئيس السابق تعد توجها حقيقيا في ذلك الإتجاه ، أم هي مجرد استهداف..؟

-ظننت في البداية أن هناك جهودا تبذل في هذا المسار، ولكن مع الوقت اتضح لي أن الأمر لايعدوا خلافا شخصيا بين صديقين يحاول كل منهما ابتزاز صاحبه، للحصول منه على أكبر مكسب ممكن، وماسوى ذلك لم أشاهده على أرض الواقع.
وبالتالي يكون شعار مكافحة الفساد بالنسبة لي قد تجاوزته الأحداث، ولم يعد ينطلي على أي متابع للمشهد.

4- كنتم أحد الدعمين للمرشح الرئاسي سيدي محمد ولد ببكر ، وخضتم معه حملة الرئاسيات، وغاب مرشحكم عن الساحة بعد إعلان النتائج فلماذا برأيكم..؟

- كنت ضمن داعمي المرشح المحترم سيدي محمد ول بوبكر، وقد قمت له بجهد شاهده الجميع على مستوى مدينة نواذيبو، وضمن الحملة المركزية له. ولكنني لاحظت قبل غيري أن هذا الرجل المحترم لم يقرر أن يواصل النضال وفق إكراهات الواقع، وأن ترشحه كان لحظة فرضتها معطيات وتحالفات معينة ولم يرد مواصلة المشوار، فاعلنت انفصالي عن تياره  التحقت بحزب الاصلاح وهو ضمن أحزاب الموالاة مع الإبقاء على صلة ود واحترام مع الرئيس سيدي محمد ول بوبكر، الذي أكن له كل التقدير وأعتبره أحد أبناء موريتانيا البررة الذين يستحقون تبوء أفضل المناصب فيها ولا أخفيك أنه الأقرب الى نفسي بين كل سياسيي البلاد.

5- تحالفتم مع حركة نستطيع اليسارية في النيابيات الماضية ، وجاءت النتائج دون المتوقع ، فما هو السبب حسب وجهة نظركم..؟

-كانت تلك لحظة هامة تعرفت فيها على أصدقاء أعزاء لايزال حبل الود قائما معهم، ولكن غاب عني أن النظام السابق كان لي بالمرصاد فلم أحقق الفوز ليس بسبب حركة نستطيع فقط، بل لأن النظام سجنني أثناء الحملة، وحكم علي بالاقامة الجبرية طيلة أيام الحملة، وكانت النتائج بالآلاف رغم التزوير الواضح والمنع والتضييق !

6- بعد إعلان ترشحكم للنيابيات تم اعتقالكم من قبل الأمن فما هو السبب ، وكيف كنت ظروف اعتقالكم، وماذا كان أمن يريد منكم..؟

-تم اعتقالي لتهم ظنية، ضلع فيها معارف ومنافسون وأجهزة الدولة العميقة، وفهم خاطئ من الرئيس السابق لتصريحات أدليت بها لقناة الجزيرة، حول علاقات بلادنا وقطر، كما أن الموضوع شهد تضخيما إعلاميا وافتراءات بعلاقات متشابكة مع أكثر من بلد، ولكن عندما اتضح للأمن زيف كل تلك التهم، تم الإفراج عني وخضعت لعملية جراحية في المستشفى العسكري، وانهت تلك الممارسات التعسفية حظوظي في النجاح لعضوية البرلمان، ولكنها زادتني إصرارا على مواصلة النضال ضد الديكتاتورية، بغض النظر عن النظام القائم فليست لدي مشكلة شخصية مع الرئيس ول عبد العزيز، الذي التقيت به عدة مرات عندما كان رئيسا للجمهورية، بل أشيد بالعديد من الانجازات التي تحققت في حكمه وأرفض قرارات أخرى أراها خاطئة.
وهو نفس الموقف من النظام الحالي فلاتوجد لدي مشكلة مع هذا النظام، فقربي منه أو بعدي يعتمد على ما يحققه للشعب الموريتاني من إنجازات على أرض الواقع، بعيدا عن التطبيل ونفاق المصفقين .

7- توجد في موريتانيا أكثر من نقابة صحفية، إضافة لعشرات المواقع ووسائل الاتصال السمعي البصري ، ومع ذلك لم يزل الأداء الإعلامي دون المطلوب فلماذا برأيكم..؟

-يرجع ذلك إلى غياب الرؤية الشمولية للإصلاح والتعامل بمنطق المصلحة الذاتية والضيقة حيث لايسعى من يتولون المناصب لإصلاح حقيقي يجعل الحقل ينهض من كبوته؛ فالاعلام الرسمي خاضع للسلطات العمومية، تحركه وفق أجندتها الرسمية. وغالبا يتم تغييب تأثيره بفعل النمطية والاحتفالية والشكلانية التي تطبع أداءه.
وبالمناسبة فقد أعطيت للرئيس السابق كتيبا يتضمن وصفة لاصلاح الاعلام العمومي في بلادنا عندما كلفني بها وطبعتها على نفقتي..!
كما أرسلت لوكالة الأنباء الموريتانية والتليفزيون والإذاعة الوطنية مخططات جاهزة وتم تسليمها كذلك بطلب من شخصية مهمة تعمل في الوزارة حاليا.
ولكني لم ألاحظ تغيرا أو حتى اعترافا بالجميل لي..!

8- رغم أنكم أحد القلائل المتخصصين في الإعلام محليا إلا أنكم غبتم عن الساحة الإعلامية في موريتانيا فلماذا..؟

- أجبت عن هذا السؤال فلم أغب، فقط كنت عضوا نشيطا في النقابة الصحفية الحالية، وشاركت عبر "الواتس اب" في الحلقات التي خصصت لتمهين الصحافة، بل قمت بإعداد المسودة الخاصة بالعهد الصحفي رفقة العميد عبد الله السيد، وكنت ضمن لجان الصياغة لهذا العهد الصحفي، وقمت كما أسلفت بوضع خطة شاملة لإصلاح الإعلام، سلمتها لرئيس الجمهورية، وليس ذلك فحسب بل قمت بتقديم دورة تدريبية لنقابة الصحفيات الموريتانيات مدتها خمسة أيام، وتبرعت لهن بجوائز المسابقة للخمسة الاوائل .
وكلها جهود ذاتية.. وفي كل مرة أزور الوطن، ألتقي بالزملاء في المهنة وأنا على اتصال بهم دائم ويعرفني أغلب العاملين في الحقل، بمن فيهم الدكتور الحسين ول مدو رئيس الهابا، الذي رفعت أنا وهو قضية على جامعة العيون قبل سنوات اعتراضا على مسابقة تم ظلمه هو فيها.
كما أن مدير التلفزة الوطنية الأخ محمد محمود أبو المعالي يعرفني ونشرت مقالا يوميا في جريدته أخبار نواكشوط عند بداياتها.

9-هل يمكن لكم أن تلعبوا دورا في تحريك المشهد السياسي والاعلامي الوطني..؟

-بكل تأكيد فأنا رهن إشارة بلدي في كل جهد وطني، بشرط أن أبقى حرا في قول ما أراه صوابا، فأنا أختلف عن أغلب من ينشطون في الساحة، لأني أقدس حرية الكلمة، وعصي على التدجين ويمكن أن أضرب لك مثالا على ذلك، بأنني لن أدخل أبدا في عملية شيطنة الرئيس السابق، لمجرد أنه لم يعد رئيسا أو أن الرئيس الحالي لايرضى عنه لكنني سجنت في زمنه لانني أرفض بعض قراراته..!

10- هل لديكم كلمة أخيرة أستاذنا تريدون أن تقولوها في نهاية اللقاء.. ؟

-أشكر موقعكم الموقر وشخصكم الكريم على إجراء هذه المقابلة وأرجو أن أكون قد وفقت في تقديم إجابات مختصرة ومفيدة حول القضايا التي طرحتم فيها دون إطالة على القارئ.

أشكرك جزيلا أستاذ محمد ولد الشيخ أستاذ الإعلام في جامعة قطر ،في نهاية هذه المقابلة وأرجو لك أوقاتا ممتعة.