المعهد الجمهوري الأمريكي IRI (كوسكوس والعيش)

ثلاثاء, 12/01/2020 - 23:50
الشيخ ولد المامي

الإعلام نت - لست من الذين يحبون أن يقفوا في طريق أي إرادة للاصلاح مهما كانت ، لكنني أيضا من الذين يكرهون الاندفاع بسرعة وتهور في اتجاه معين بطريقة عميانية دون أن أعرف ظروفها المحيطة وأهدافها والقائمين عليها وكل الأبعاد التي يمكن أن تؤدي اليها. 

صحيح أنني أحب كلما من شأنه أن يدعم الوحدة الوطنية - حتى ولو بني على ترسيخ خلاف جهوي قديم (العيش وكسكس) - لكنني أحبه حينما يكون صحيحا وواقعيا ويعبر عن إيمان جمعوي وإحساس مشترك.

أدعم ترسيخ الوحدة على غير ترسيخ نقاط الخلاف، وحين يكون نابعا منا وليس لأي غريب يد عليه خصوصا تلك الدول التي تحمل معظم أجنداتها ألف استفهام، فكل الأنشطة التي تظلها تلك الدول عادة قد تنتج عنها نتائج لاتحمد عقباها من وجهة نظر خاصة. 

وبحسب معلوماتي فإن حفل العيش وكسكي قد تم دعمه وتأطيرا من المعهد الجمهوري الأمريكي (IRI) الأمر الذي جعلني اتحفظ جزئيا عليه ، مع اعترافي بسمو دلالته لو لم يبنى على ترسيخ خلاف جهوي قديم. 

ومعهد (IRI) لمن لا يعرفه هو منظمة أسستها الحكومة الأمريكية في عام 1983، تتولى ادارة برامج سياسية دولية، تحمل في بعض الأحيان اسم 'برامج الدمقرطة'.

والمهمة المعلنة للمعهد الجمهوري الوطني للشئون الدولية هي تدعيم الحرية في العالم. وتتضمن أنشطته تقديم الدعم والمساعدة للأحزاب السياسية ومرشحو التنمية،  وتنمية المجتمع المدني، والتعليم المدني، وتنمية ريادة المرأة والشباب، والاصلاح الانتخابي ومراقبة العمليات الانتخابية، يرأسه السناتور الجمهوري جون مكين منذ يناير 1993.

أما من ناحية الأدوار غير المعلنة فقد كان للمعهد دور معروف في انقلاب هايتي 2004.

وكذاك في أزمة هندوراس الذي جاءت في أعقاب الأزمة الدستورية الهندورية 2009.

وشارك في دعم تأسيس أحزاب اليمين السياسي المتطرف في بولندا.

 وكان له أنشطة سياسية في مصر في أعقاب ثورة 25 فبراير ودخل مصر بنفس الطرق التي دخل بها موريتانيا.

وكانت الحكومة الأمريكية قد أنشأت المؤسستين غير الربحيتين "المعهد الجمهوري الدولي" و"المعهد الديمقراطي الوطني" عام 1983 من أجل دعم الديمقراطية في العالم بأسره وبالدرجة الأولى في الدول النامية. 

ويعمل المعهدان على تنفيذ برامج في مجال السياسة والديمقراطية كما أنهما يقدمان منحا مالية لبعض النشطاء - العملاء - حسب تعبير المفكر عبد الوهاب المسيري رحمه الله.

وقد بدأ المعهدان عملهما في روسيا منذ عدة سنوات وشارك في برامجهما بعض الأحزاب الروسية بما فيها الحزب الحاكم "روسيا الموحدة".

 لكن الروس حينما لاحظوا أهداف المعهدين وضعوا قانونا مجحفا للمنظمات غير الربحية لم يتحملهما المعهدان فحزم موظفوهما الأمتعة قافلين الي أمريكا. 

صرح بعدها السيناتور الجمهوري جون ماكين رئيس مجلس إدارة المعهد الجمهوري أنهم : "اضطروا الى المغادرة بسبب ظروف العمل.

وأضاف أن الروس يقولون إن قيودا مختلفة تفرض على أية منظمة تحصل على تمويل من الولايات المتحدة".

وقد أثبت الباحث الجزائري احمد بن سعادة في كتاب  "ارابيسك أمريكية.. الدور الامريكي في الثورات العربية" بالأدلة الدامغة دور هذا المعهد والأذرع الاخرى المتعددة للإدارة الامريكية لتنفيذ برنامج التكوين والتدريب والتأطير والتمويل لنشطاء سياسيين وطلبة جامعات ومراكز دراسات وبحوث وخاصة تلك المعنية "بتصدير الديمقراطية" لاستخدامها في تأجيج الشارع العربي واشعال فتيل الاحتجاجات بشتى الطرق، 

وأكد بن سعادة أن تلك المعاهد عبارة عن اذرع استخباراتية للإدارة الامريكية، مطالبا بمعرفة الجهات التي تلقت تمويل من المعهد حيث أن المستفيدين من التمويلات يتم التكتم عليهم عادة ويمنع الباحثون من التزويد بأسمائهم.

وفي الأردن اعتبر النائب في البرلمان زكريا الشيخ في جلسة لمجلس النواب  ان المعهد الديمقراطي الوطني الامريكي والمعروف بال NDI يمثل رأسا لجسد ضخم يتغلغل في الساحة الاردنية والعربية لتأجيج الشعوب على انظمتها وخلق حالة من الاضطرابات الداخلية في الدول المستهدفة لإشاعة الفوضى الخلاقة في الدول وخاصة دول الطوق مع الكيان الصهيوني وهو جزء من منظومة المعاهد والمراكز الغربية التي تعبث بأمن الأردن بحجة ترسيخ الديمقراطية وحقوق الانسان والمرأة مثل المعهد الجمهوري الامريكي و"وست منستر" و"الشركاء الدوليون" وغيرهم الكثير.

وقد ذكر الباحث سالم العريض في بحث معنون ب(نشاطات ومنظمات ومؤسسات امريكية مشبوهة) نشره موقع (الحوار المتمدن)  بدور المعهد في البلابل التي شهدها بعض دول الربيع العربي مستندا الى تحليل كتبته مارلين سبويري، وهي باحثة في معهد كارنيجي، ونشرته صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية الشهيرة حول الاجراءات التي اتخذتها مصر ضد بعض المنظمات الأمريكية تقول فيه : 

الفكرة الجوهرية في التحليل أن غضب المسئولين الامريكيين وتصريحاتهم التي تندد بالاجراءات التي اتخذتها السلطات المصرية ضد المنظمات الامريكية والتهديدات التي تطلقها امريكا، كل هذا بلا معنى ولا مبرر، وان مصر في حقيقة الامر محقة في موقفها.

الباحثة الامريكية قدمت في تحليلها كثيرا من المعلومات والحقائق التي تؤكد وجهة نظرها هذه، الخص اهمها فيما يلي:

أن الانشطة التي تقوم بها هذه المنظمات الأمريكية في مصر و تونس ومختلف دول العالم هي انشطة لا تسمح بها الولايات المتحدة ودول اوروبا الغربية نفسها ولا تتسامح معها.

ومن ناحية اخرى فإن المعهد يمارس أنشطة قد لا تحترم قوانين الدول المستضيفة وقد تكون منحازة لأحد الأطراف كما فعلته مؤسسات مثل المعهد الديمقراطي الامريكي، والمعهد الجمهوري في دول مثل صربيا وجورجيا واوكرانيا ودول كثيرة في العالم. فهي انحازت الى احزاب وقوى بعينها ومولتها على حساب أطراف أخرى.

الخلاصة: 

إنني أؤيد كل ما من شأنه أن يخدم الأهداف المشركة للتعايش السلمي بين الموريتانيين ، كما أشدد على تمسكي بقداسة وحدتنا ، ولن أشكك في نوايا أي إنسان تجمعني به الأهداف، لكن أي أنشطة تقوم عليها مؤسسات لم تتضح لي أهدافها تماما لابد أن أفكر كثيرا قبل أي اندفاع في طريقها وشكرا لكل من دعاني لحضور حفل العيش وكسكس.