البوليساريو تريد الإبقاء على شعرة معاوية مع الأمم المتحدة

أربعاء, 11/18/2020 - 23:51

مآلات حرب الصحراء الثانية

 

ما اعلنته جبهة البوليساريو من عودة الى الحرب، لحد الساعة لم يتعدى كونه تهديد،  فاغلب عمليات القصف التي قامت بها ضد الحزام الدفاعي المغربي كانت في وضح النهار و باستخدام الاسلحة الرشاشة في الغالب عديمة الفعالية ضد المواقع المحصنة.
و لم تطلب من مراقبي الامم المتحدة و لا من سكان الارياف في المناطق شرق الحزام اخلاء المنطقة.
تريد جبهة البوليساريو الابقاء على شعرة معاوية مع الامم المتحدة، من خلال عدم الجنوح الى تصعيد خطير، بعمليات عسكرية كبيرة ضد الجيش المغربي تستدعي ردا مغربيا قويا سيضطر مراقبي بعثة المينورسو للمغادرة و بالتالي فتح النزاع على المجهول في وقت لم تقف فيه الجزائر بعد على ارجلها من ازمتها السياسية و الاقتصادية.
غاية جبهة البوليساريو هي ان تعود الى طاولة المفاوضات مع المغرب دون العودة لوقف اطلاق حتى تضطر الامم المتحدة الى الاسراع بالعملية السياسية.
المغرب الذي حقق ما يريده في الظرف الراهن بتأمين طريق صادراته مع غرب افريقيا من خلال مد الحزام الدفاعي الى الحدود الموريتانية، يعي كل هذه المعطيات و لن يقبل التفاوض قبل ان تعلن البوليساريو العودة للالتزام بوقف اطلاق النار. و لن يقبل التراجع عما حققه في الكركرات.
و بالتالي قد يطول عمر الازمة الحالية. ما لم تدعم الجزائر جبهة البوليساريو بصواريخ بعيدة المدى تضرب العمق المغربي و ليس الحزام الدفاعي، و خاصة ما يهدد الحركة عبر معبر الكركرات. ما يعني مواجهة مباشرة بين المغرب و الجزائر.
و في مطلق الاحوال لن ينتهي نزاع الصحراء الا بمواجهة مغربية جزائرية، إن على طاولة المفاوضات او بالحرب. و بالتأكيد في ظل الازمة العالمية الراهنة لا تملك الجزائر و لا المغرب موارد تمويل حرب بحجم البلدين و من الصعب ان تسمح الدول الكبرى و خاصة اوروبا بمواجهة عسكرية مغربية جزائرية لما ستلحقه من ضرر على اوروبا نفسها و على التجارة الدولية.
و بالتالي اعلان البوليساريو العودة الى الحرب لا يعدوا كونه وقت مستقطع في نزاع الصحراء الذي لا يوحي أي مؤشر بأنه سينتهي قريبا. او جرعة تصعيد لانعاش نزاع كاد يموت و ما تزال الحاجة اليه محليا و اقليميا و دوليا.
و الخاسر الاكبر هم سكان المخيمات كما كانوا. فالحرب الحالية تخدم قيادة الجبهة التي تهالك رصيدها حتى فقدت كل مصداقية، و بسبب اعلانها الحرب اصبح الكل يصفق لها.
و السلطة في الجزائر بعد احراج الاستفتاء على الدستور كانت بحاجة الى ازمة خارجية تلهي الشارع الجزائري حتى تمرر مشروعها. و بحاجة الى إعادة شحن سكان المخيمات بعد ان سئموا الانتظار. فقضية الصحراء تبقى ذريعة للجزائر لاستمرار غلق حدودها مع المغرب حتى تهيكل اقتصادها و تصبح قادرة على المنافسة في محيطها، و الى حينه هي ايضا عامل استنزاف للمغرب حتى لا يتقوى على حساب الجزائر.
و المغرب أمن صادراته نحو افريقيا، و استكمل ضم الصحراء النافعة خلف حزامه الدفاعي و باتت حدوده متصلة من طنجة الى لكويرة، بعد ان كانت تفصلها منطقة عازلة.
و بالنسبة للدول الكبرى، فنزاع الصحراء هو نقطة ضعف الجزائر المغرب، و استمراره يعني استمرار امكانية لي ذراع البلدين و مساومتهما.

 

الناشط الصحراوي : مصطفى سلامه