التدوير عقبة في وجه الإصلاح / عبد الرحمن الطالب بوبكر الولاتي

جمعة, 11/13/2020 - 20:12

قراءة سريعة لعلم التدوير الذي بدأ منذ عهد أفلاطون، ونشأ على تدوير الأشياء بطريقة بسيطة وصولاً إلى التقنيات الحديثة، عندها كان الهدف منه التطوير والتحسين، وحماية الموارد الطبيعية من الاستنزاف، والتقليل من النفايات المتراكمة التي أصبحت تؤثر سلبا وبشكل كبير على البيئة.

عندنا والحمد لله فأنه يعاد تدوير الاشخاص المفسدين بدل المواد ..فنفس اصحاب الوجوه الذين تعود الشعب الموريتاني على رؤيتهم في كل مرة, يعاد تدويرهم في كل مرة بمنصب مختلف...فكلما اعتقدنا ان احد هذه الوجوه انتهى او انحرقت ورقته ....فانه يعاد تدويره مرة اخرى بمسمى او منصب اخر ...فيظل في حياتنا ما دام حيا ....وينغص علينا حتى يموت او نموت نحن من القهر..... 

هذه القضية التي تؤرقنا جميعا تدوير الأشخاص في المناصب العليا، تجد في السيرة الذاتيه لأحدهم أو إحداهن، تسنم عشرات المناصب وطبعا كلها من المناصب ذات الرواتب والإمتيازات العاليه، وتتعجب ان بعضهم يشغل اكثر من منصب ومهمة وعضوية مجالس إدارات وغيره في ذات الوقت، وأحيانا تشعر أن المسؤول الموريتاني صاحب الحظوه مثل التعريف الفيزيائي لقانون حفظ الطاقة (لا تفنى ولا تستحدث بل تتتحول من شكل إلى آخر)… وكذا جماعتنا… مناصب من المهد إلى اللحد ، إمتيازات، سفرات، تنفيعات، واسطات حتي بدخول للمدارس الامتياز والعسكرية و المنح …الخ، حدث ولا حرج، والمشكلة عندما تبحث عن مؤهلات بعضهم ستجد أن مؤهله الأول هو الوراثة أو قربه من س أو ص ، أو علاقه مصلحية أتت به، ولا تجد من المؤهلات المطلوبة في الإعلانات شيء لدى صاحبنا، فهو كائن خرافي يفهم في كل شيء ، ويجيد كل شيء وصالح لكل زمان ومكان، وأعجب أن يؤتى ببعضهم بعد التقاعد، لينصبوا من جديد ويعاد تدويرهم..! ناهيك عن الإستنساخ..! كنا سنرضى لو أن لدينا نقص في الكفاءات، ولكن اعتقد أن بلدنا تعج بالكفاءات القيادية والفنية، ولكن لم يأخذوا فرصتهم، لأن هنالك إغلاق وإعادة تدوير وتنفيعات من تحت الطاولة وفوقها تُفرض هنا وهناك دون خجل أو وجل… !

لقد استغلت حكومة أداة التدوير على المناصب في مختلف قطاعات الدولة، فالمرشحون لتلك المناصب يظلّون في مستودع ذاكرة أهل القرار دائماً، فيتم اختيار بعضهم اليوم، ثم يُستغنى عنهم في تشكيلات أو تعديلات وزارية، ثم يعود هؤلاء إلى الواجهات في تشكيل وزاري جديد وهكذا، فتعاد دورة تبديل الكراسي من مسؤول أو وزير احتياط يجلس بهدوء وترقّب إلى آخر تم الاستغناء عنه، وتظل هذه الحركة لبعض الوزراء والمسؤولين مهيمنة على عقيدة أصحاب القرار، ويبقى بعض الوزراء ومن في حكمهم يراوحون في أماكنهم بثبات، دخولاً وخروجاً من وإلى الوزارة أو المنصب بالوجوه ذاتها والفكر ذاته، لا يتغيرون ولا يتبدلون، فمستودع الاختيار يبقى ثابتاً على حاله مهما تغيرت الظروف وتحديات الدولة.

لكن ماذا عن النهج المفقود لدى حكوماتنا؟ والذي كان سببه تدوير لبعض الأشخاص عديمي الكفاءة، الذين أخفقوا في مواقعهم التي شغلوها، مما أدّى إلى ظهور الأزمات وتردي حال المؤسسات في فترة تسلمهم للوزارات المختلفة، فالمشكلة تكمن في التركيبة الوزارية التي تظهر في كل مرة وفي كل أزمة أنها غير قادرة على مواجهتها.

ولا يقتصر موضوع التدوير على بعض الوزراء فقط، فهذا السيناريو مطبق أيضاً على شخصيات خرجت من مواقع المسؤولية الى مواقع اخري بالإضافة إلى التخبط في القرارات وعدم القدرة على تحمل المسؤولية.

ولسان الحال في الموريتانيا يقول: إننا لسنا بحاجة لتعديل وزاري و الإداري يغيّر الوجوه أو يدوّرها، نحن بحاجة ماسة لتعديل إيجابي، يغيّر حياتنا بشكل إيجابي، عدا ذلك فالنهج سيبقى كما هو ولن يحدث أيّ تغيير و المثال علي ذالك تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة، وفي ظل ما تمارسه الحكومة من سياسة التدوير المفسدين ، لن تكون أيّ فرصة لتوليد الكفاءات القيادية والإدارية، لتمكينها من مواكبة المتغيرات والتطورات، فالدولة الديمقراطية الحديثة تقوم على مبدأ فتح باب الفرص أمام الجميع، بدافع محاربة الفساد السياسي والإداري والمالي، وبالتالي ضخّ الدماء الجديدة لتنهض من جديد في ظل هذه الحكومات.

فتجد ان احد هذه الوجوه الذين انحرقت ورقتهم عدة مرات ....يتم في كل مرة اعادة تدويره في مكان مختلف عن المكان الذي كان فيه اول مرة .... في زمن كان يطالب فيه الجميع بالاصلاح , ولا يمكن ان يكون نفس الاشخاص هم من يقود الاصلاح , لانه يعد اكبر معارض لعملية الاصلاح , والكل يحفظهم عن غيب عند هذا الحد اعتقد الجميع انه انتهى ولن يعاد تدويره مرة اخرى ابدا .....والا فان هناك شيء لا يمكن استيعابه او فهمه ..او انها عملية مجاكره للشعب الذي يطالب بالإصلاح , 

ولدت الحكومات أشخاصا في دهاليز المسؤولية حتى أصبحوا كالمسامير في حائط الوطن، ولم تعطِ الحكومة الفرصة لأي شخص لا يكون له صلة بوزير أو نائب أو متنفذ أو مدعوما من جهة عليا، أي فرصة لخدمة وطنه، إن الدول الديمقراطية الحديثة يا ساسة وضعت مبدأ تجديد النخب وفتح باب الفرص أمام الجميع ليس بدافع المظهرة، ولكن بدافع محاربة الفساد السياسي والإداري والمالي انطلاقا من مبدأ أن السلطة المطلقة هي مفسدة مطلقة بيد مسؤول فاسد، ولأنك عندما تقوم بتدوير شخص أو إبقائه في نفس المكان فمعنى ذلك أنك تمنحه فرصة خلق منطقة نفوذ ليحول المؤسسة إلى البيت خاصة به، تحديدا في ظلّ غياب مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وهذا ما حصل في مؤسستنا الوطنية، بفعل ما مارسته الحكومات من التدوير، أو من أوكلت لهم الأمر لتنفيذه ومن هنا وفي ظل هذه السياسات لا أمل معقود للوصول بمؤسساتنا وتمكينها من مواكبة المتغيرات والتطورات أو تحقيق رفع كفاءة العمل وجودته، أو في إعطاء الفرص لتوليد الكفاءات القيادية والإدارية وضخ الدماء الجديدة لتنهض في ظل التدوير مفسدين.

الديمقراطية الحديثة وضعت مبدأ تجديد النخب وفتح باب الفرص أمام الجميع ليس بدافع الأبهة، ولكن بدافع محاربة التكلس.

ولم يعد الشعب يطيقون وجوده نفس اوجه في اي منصب كان ...والامثله الكثير لا مجال لذكرها في هذا المقال والكل يعرفهم ...ولا استبعد ان يتم تكليف احد هؤلاء المحروقين ورقتهم من المشمولين بالملف الفساد....بمنصب الورزاء أو الإداري مرة اخرى....ما المانع ما دام الشعب الموريتاني يسحج دوما وتعود على اكل الخوازيق كالمعتاد دون ان ينطق باي كلمه....ودمتم بخازوق جديد ايها الشعب المسكين....