مقابلة "ماكرونه" مع الجزيرة «رأي»

أحد, 11/01/2020 - 10:22

- واضح أن اللقاء رتب له من الجانب الفرنسي ضمن مجهود الدعاية الخارجية لمكتب الرئيس ماكرونه (قال حرفيا في المقابلة إنه أراد اللقاء) وأن الجزيرة أيضا أرادته في بعدين : خلفية العلاقات الفرنسية القطرية والحرج الذي تسببه المقاطعة والرغبة في "تجاوز" الموضوع إعلاميا على الأقل. خط الجزيرة أصلا هو بذكاء ما يمكن تسميته فن الصمت الرهيب عن المكروه و التحيز الشديد للمقصود بأنعم وسائل التمييز. كما أن بالموضوع ترويجا في "الشو" الاعلامي ومداءات الفرجة نظرا لتزامنه مع الذكرى ال 24 لاطلاق القناة.

- أن طبيعة الأسئلة كانت دون المستوى في تناسبها مع الحدث كما ان حيز الكلام الممنوح للرئيس كان واسعا لإبلاغ وجهة نظره (إرسال رسالته التي يريد في "اللقاء الذي أراد") على حساب المشاهد الذي يفترض مهنيا أن القناة نائبة عنه تبليغا للإشكالات والمآخذ: لاحظت ذلك في تخلي الصحفي عن متابعة أسئلته (أعني أن يستوقف الرئيس ليصحح أو يؤكد على نقطة في السؤال تم تجاهلها أو راوغ بشأنها) وسهل بذلك مهمة ماكرونه. لاحظت أن من 45 دقيقة هي مدة اللقاء نعم ماكرونه ب28 دقيقة خطاب "اتجاه واحد" مريح حوّل المقابلة ل"مباشر" فيسبوكي للرئيس مع صحفي يعلق له كل 8 دقائق في المعدل (حسبت ذلك بدقة ويمكن للمتابع أن يلحظه: خاصة المقطع عن المقاطعة - المغزل عليه - من الدققية 13 إلى الدقيقة 20: سبع دقائق أي أكثر من سبع المقابلة)

- أن وتيرة الأسئلة والاستدراكات كانت بطيئة جدا (مهمة هي الاستدراكات ؤتغلاظ فتلة السؤال حين يراوغ الضيف) .. بل إنني تصورت أن الجزيرة أحضرت كاميرا وبث اقمار صناعية ليلقي ماكرونه خطابا موجها وفق رغبته وحاجته .. لولا صوت وصورة ؟عياش" أحيانا لاندمجت في ذلك المشهد. هذه من التفاصيل التي يدركها الإعلاميون في فن الحوار ورغبة الجهة المنظمة في مجاملة الضيف أو إرخاء حبال الشد المعهودة في نقاش قضايا ساخنة كهذه. لست إعلاميا لكن أفهم ذلك وليفندني أهل الاختصاص او ليصححوا لي.

- تكلم ماكرونه بحدة أقوى من خطابه الأصلي لكن براحة وذكاء من وجد الإطار المناسب من وجهين : أنه ضمن جهة مشاهدة مباشرة معنية (عبر الجزيرة) + أنه أعاد صياغة مقالته المسيئة بحدة وبالعرض البطيء؛ ليس إلا! كذب بشأن التوزان بين الاديان في عين العلمانية الفرنسية، وراوغ في إشكال فوضى حرية التعبير ووقع في كلامه في أكثر من تناقض في استهداف المقدسات من جهة، و أنه لا يسعه كبح حق أصيل، ثم كلامه عن الهولكوست بعد أن وضع القناع الآخر ... وعجبت أن الصحفي كان ليستوقفه عند ذلك بل حسبت أن المايك سيقفز ليسأل!
سقط في مقارنة قادة الدول بالانبياء وهذا معطى علماني صرف لكنه ليس محل منطق هنا لان الإشكال ان تزعم تقبل الدين حقا لبعض مواطنيك معتقدا ثم تمنع احترام اولئك بإباحتك حق النيل منهم عبر سب مكون أصلي من الدين - لديهم - فتعتبر ذلك حقا للجمهورية!

أخيرا؛ عياش دراجي شخصيا صحفي مجيد ومغاربي دمث الخلق عرفته عند مروري بباريس قادما من واشنطن خريف 2007 رفقة زميله نور الدين بوزيان وزرته في مكتب الجزيرة بعد أن ذكرني أخ موريتاني كريم - زميل لهما في واشنطن - لنور الدين قبل أن أعرف أننا في الطائرة نفسها الواصلة واشنطن بباريس. لكن، أتفهم أنه مجرد صحفي مدار من القناة وأن القناة أجرت المقابلة بأعين ثلاث: عين على نفسها لإظهار سبق معين في ذكراها ال 24 وعين على استثمارات قطر في باريس وعين على وقود مصداقية شابه التلوث (الانحياز النظري للشعوب)
المقابلة خدمت ماكرونه دعائيا، وخدمت الجزيرة إجرائيا، وخدمت قطر وقائيا، وخذلت الحقيقة والنصرة إعلاميا!! #إلذاك