ماذا تعرف عن العلم العلامة محمد بوبَ ولد عليٍ الشنقيطي

اثنين, 06/15/2020 - 01:10

في فضاء واسع من الأرض منكبه الشمالي الغربي (عگلة) أهل سيد المژضف بمرتفعات إزْمول عند منابع أودية الغارگ وتاگندست جنوب شرق إقليم واد الذهب الحالي، إلى حدبة الطنطان جنوب بئر مررزبّ ٧٠ كيلو مترا من نواذيب، إلى خط واد الخيل شرقا من مرزبَّ بتازيازت، إلى الشمال في نواحي آرش أعمر، إلى منحبس الماء في أم الاحياظ، فواد البگرات الفاصل ما بين آگْ رُبّازْ الأبيظ وآگْ رُباز الأكحل، الجبلين الجنوبيين من سلسلة جبال آدرار سَطّف، إلى أمكرز جنوبا إلى انوللان أو خط الدامي، جنوب نواكشوط الآن.

في هذا المجال الجغرافي تحرك العلامة الولي القطب الصالح علي ولد المختار إقامة وظعنا، وكذلك أبناؤه من بعده من آل سيد المصطف “أو سيدي المژضف” بيت العز وذؤابة المجد وظهر الربگ في قبيلة تندغة، ينميه سيّدٌ سَنَدٌ إلى سيّدٍ سند حتى جده “ورتنطق” أو ” تندغ ” أي ذو الجفنة العظيمة، أحد قادة وملوك لمتونة العظام.

تتميز أراضي إزمول بأنها مرتفعات رملية تكسوها حجارة صغيرة الحجم، كثيرة ومتراكمة أغلبها ذو لون ذهبي، يتخلل ما بين كل زملة وأخري منخفض يتسع في مكان ويضيق في آخر، وقد يكون عميقا كما في أودية الغارگ وتاگندست ومنخفض تن هسكل.

أما تازيارت فتتميز بالجمال والانسياب، فالأراضي من مرزبّ إلي خط واد الخيل شرقا، شمال شرق الشلخه حاليا “شلخت لگطوطه”، التابعة لبلدية لكريب “بولنوار” بولاية داخلة انواذيب، فعين الظِي جنوبا، هي تازيازت الجميلة أو “الحرة” كما يسميها سكانها، وهي ذات فضاء جميل تكسوه أشجار الطلح والسرح “آتيل” والثمام “أم ركبة” والحرض “آسكاف” وبها منخفضات تتجمع فيها مياه المطر وقت وقوعه، مما يجعلها خضرة يانعة تصون الماء العذب في باطن أرضها وتصون المرعي الخصيب في ظاهرها، وتتميز في مساربها وحدبها بألوانها المتميزة ما بين الأحمر القاني إلى الذهبي المتلألئ تتخللهما خطوط بيضاء ناصعة.

أما مرتفعات آدرار سطف أو جباله فهي قصيرة متراكمة ضيقة المسالك يركب بعضها بعضا وفيها ملامح تشابه من جبال وأودية ولون الحجارة بأرض الحجاز. وبآدرار سطف يمر مدار السرطان، فهو والسلسلة الحجازية علي خط عرض واحد، ويقول سكان المنطقة إن واد البگرات الفاصل ما بين جبلي آگ رباز يسامت الكعبة الشريفة من جهة الغرب مباشرة.

وتنعم منطقة آزفال الغربية أي منخفض عين الظي جنوب غرب مدينة الشامي الحالية إلي بئر تن إتش وأنجاد تن إت شي وتن اتشنان، بغطاء نباتي كثيف مثل الحلفاء أوالسبط وشجر الأرطي “أوراش” الأخضر الناعم وفي المنبسط غرب وشمال عين الظِي إلى اگديم الظمران فاصكجي.

أما منخفض أو فضاء عين الظِي فهو متسع ظاهر الوضاءة تنعكس علي سطحه الأبيض أشعة الشمس فتجعل سطحه الزجاجي صرحا ممردا بلون بلوري منير يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار.
ويلوح سهل أزفال في الأعلى شرق عين الظي فهو زاهٍ بتربته الحمراء التي تزينها الخضرة الفاتحة لأشجار الطلح وأوراش ويضيئها اللون الذهبي للحلفاء أو اسبط المتدثر به سطح السهل وأذرعاته.

هنا في هذا الفضاء الجميل وفي عين الظي بالتحديد -جنوب غرب مدينة الشامي الحالية- في أواخر عام 1247 هجرية الموافق 1832 رزق العلامة عليٍ ولد المختار ولد سيدي المژضف بطفل وضيء سيكون له فيما بعد شأن كبير سماه محمد، وغلب عليه لاحقا اسم “محمد بوب” أي محمد الأصغر، فبوبَه وبَبّه حكاية لصوت الصغير انتقلت إلي إطلاقه عليه، ففي لسان العرب لابن منظور “ببة حكاية صوت الصبي ولقبٌ قرشي، ومنه قول هند بنت أبي سفيان ترقص ولدها عبد الله بن الحارث:
لأنكحنَّ ببه :: جارية خدبه
مكرمة محبه :: تجب أهل الكعبه
أي تغلب نساء قريش في حسنها “.

تربى والد محمد بوبه، أي علي ولد المختار – بعد الوفاة المبكرة لوالده- في كنف عمه أحمد بن سيد المژضف، حمال ألوية المجد والسؤدد في الساحل ودفين “تيارت أحمد ول سيدي المژضف” شمال شرق الداخلة.

والدة علي هي العربية القحة فاطمه بنت السيد الطنجي أو “السي الطنجي” كما تنطق عرفا، وهي ابنة سيد قومها من أبناء اشويخ ارميثات وبالتحديد قبيلة الگرع ومعني الگرع الشجعان، ومنه الأقرع للعدواني من الأفاعي. كانت تطلق عليهم وقت الحرب فقط، ثم غلبت الصفة أو “التمجيدة” فصارت اسما لهم وعلما بالغلبة.

ومثلما حرص عمه أحمد على إكسابه معارف وعلوم جده سيد المژضف المجاز في كل العلوم من شيخه الطالب مصطف الإيگفودي، حرصت والدة عليٍ على اكتسابه مهارات أخواله في الفروسية والرماية.

تلقى (علي) العلم على ذويه واستفاد من مكتبتهم الأهلية، فقد كانت لعمه أحمد ولد سيدي المژضف مكتبة عامرة وغنية بكل أنواع الكتب ورثها عن والده، وأثراها أحمد بما اقتناه من كتب من زوايا ومكتبات واد سوس ومراكش وفاس ومكناس بفضل تجارته وأسفاره لبلاد المغرب، ولإيلافه رحلة الشتاء والصيف للتجارة وطلب العلم، وقد عكف على مكتبته علي ولد المختار قراءة واستظهارا حتى حفظها باللفظ أوالمعنى.

عرف علي بن المختار “عزري لگديم” باستجابة الدعاء وبأنه “الحرم الآمن”، وكان يقول: “إبلي لو تعارفت لتقاتلت” لكثرة ما لديه من آبال لقبائل متحاربة لا تجد غيره وسيلة لحمايتها.
أدب الوقار وعز سلطان التقي :: فهو المهاب وليس ذا سلطان

في محلة علي بن المختار، وفي جوها العلمي المشع العبق بالمعارف المضمخ بمعاني النبل والسيادة والوجاهة، تربي ابنه محمد بوبَ “اباه”، وبدت عليه مبكرا مخايل الذكاء والنبوغ. درس القرآن الكريم بروايتي ورش وقالون علي والده علي، كما درس عليه مبادئ الشرع واللغة، ثم تاقت نفسه للاستزادة من العلم، فطوح في البلاد بحثا عن المعارف. أجازه العلامة اللغوي الركوني أحمدو بن آبا في طرة العلامة المختار ولد بونه واحمرارها وكانت لدى ابنه الدواه أول طبعة حجرية لاحمرار ابن بونة وطرته.

درس علم العقائد على ابن عمه العلامة ابن عمر بن أحمد بن سيد المژضف، وأخذ عنه نظمه في العقيدة الذي يقرب فيه ابن عمر بعض مصطلحات أهل علم الكلام، كما أخذ عنه شرحه لوسيلة السعادة في العقيدة لابن بونة.

درس أكثر “الباب” علي العلامة محمد بن محمد سالم المجلسي، أما “السفر” من خليل فدرس بعضه على أمينو بن اباه بن جمال الدين الشُگاني ودرس الباقي علي علماء أهل أتشفغ موسي .. وكان يقول إنه لم يعرف فقه النوازل إلا عند علماء أهل فودية وأهل اتشفغ موسي خاصة منهم العلامة حبيب الله ولد محمذن آب ولد المختار ولد أشفغ موسى “حيلاهي”، وغيره.

كان محمد بوبه طويل القامة عظيم الهامة يميل قليلا إلى النحافة قوي البنية جميل المحيا خفيف الشعر، قوي العقيدة متمسكا بالسنة، وجيها مهابا، مجيدا لأنساب العرب، ضليعا في علوم الشرع، له الكثير من التقييدات المفيدة، عارفا بالقرآن وعلومه، وله نظم يُرجع إليه في رسم القرآن.

كانت لمحمد بوبه علاقات ممتدة بقبائل الشمال العربية، خؤولة ومصاهرة، فوالدة محمد بوب هي فاطمة بنت الفاظل ولد اعل وناس من سلالة أمراء أولاد رزگ، وجدته لأبيه أي أم “علي ولد المختار” هي فاطمه بنت السيد الطنجي، وأم جده أي المختار بن سيد المژضف هي مانه منت بكار “وكلتاهما من قبيلة الگرع”.

كما أن والدة أبناء محمد بوبه الثمانية الكبار وابنته الوحيدة، التي هي بنت عمه امريم منت عبد القادر، أمها هي عيشة بنت احميادة من أولاد سدوم، بيت العز في أولاد اللب. وجدة امريم من أبيها كذلك هي عيشه منت سيد أحمد ولد لفغير ابريكه من أولاد باعمر بيت الزعامة في أولاد دليم، وهي بنت عم الأمير الدليمي إبراهيم اخليل. ولمحمد بوبه كذلك ابن تاسع أمه من أولاد اللب.

كما كانت لمحمد بوبه علاقات مع قبائل الجنوب العربية من أبناء موسي بن تروز “لعلب” علي سبيل الخصوص، الذين أقام معهم محمد بوبَ علاقات وطيدة بفضل علاقاته الخاصة مع عظيمهم مولاي ولد حميادة، وهي علاقات ستستمر بشكل وثيق مع ابنه أحمد ثم حفيده محمدو “امّيا “. ونظرا لوجوده في مناطق خطرة في “الحجاب الحاجز” بين الجنوب وأقصى الشمال، وفي طريق عصابات النهب القادمة من الشمال، أحاط محمد بوب نفسه ومحلته المتنقلة بجيش من تلامذته ومريديه من القبائل العربية المسلحة والموالي الموالين له الحاملين السلاح، وكان وجيها يخفر الذمة ويفدي الغارم ويتوسط في فدائه ..

وحين استعصي علي الولية الصالحة آمنة بنت يوسف فداء بعض تلامذتها الغارمين لبعض الأسر العربية في الساحل، استنجدت بمحمد بوبه، فأرسل إليهم وأجبرهم علي إبرام عقد الفداء ومازالت وثيقة الفداء بيد بعض أحفاده.

كما تنازل له أهل احميادة عن بعض مغارمهم علي عدة أسر من أصحابهم لسكناهم في مجاله، فكان يحمي تلك الأسر من ظلم الظلمة.

وكما كان زوايا القبلة يلجأون إليه لرد منهوباتهم من عصابات النهب القادمة من الشمال، استنجدت به أسرة أهل البدوي من عرب لبيدات، وشكوا إليه من أن إبلهم التي تعودت الهجرة الشتوية إلي الساحل، قليلا ما تسلم من النهب، فأعطاهم ميسم إبله وهو ادجيج “حبارى صغيرة “والشويهد الخاص في الساحل بأهل سيدي المژضف من تندغة، فوضعوه ولم تزل إبلهم في مأمن لا ترد بئرا إلا سقيت، ولا يتعرض لها ناهب أو مختلس”همال” ولازالت أسرتهم تضع ذلك الميسم إلى اليوم.

كانت لمحمد بوبه علاقات واسعة مع علماء وأولياء ووجهاء منطقته وخارجها. زوج ابنته الوحيدة “أبنتَ” للشريف الولي الصالح مولاي البشير ولد مولاي البخاري رئيس أشراف وادان وله منها ولده زين العابدين.

كما أقام علاقة صداقة وثيقة بالولي القطب الشريف الشيخ سعد بوه بن محمد فاضل وزوجه أخته “منات منت علي” وهي أم لأول ولد له وقد توفي في صباه، وقد رفضت البقاء معه حين أراد الزواج عليها بثانية. وتزوجت بعده سيد أحمد ولد بصري الشُگاني فأنجب منها النجباء والنجيبات أكبرهم سيد قومه “المصطفي بن سيديا”.

كما كانت له علاقات وطيدة بالقطب الولي العلامة الشيخ محمد المامي ولد البخاري الذي درس عليه وسمى رابع أبنائه عليه. كانت له أيضا علاقات خاصة مع الزعيم القبلي البارز محمد بن أحمد بن المكناس، ابن خالة والده علي بن المختار.

ربطته أيضا علاقات متينة بالشيخ صلاحي ولد المقري من أهل بوحبيني والد الشاعر الشيخ گلاه، كما كانت له علاقة بعلماء وأعيان مثل محمد عبد الله بن مختار اللهِ والشيخ أحمد حامد بن محمذن بن مختار اللهِ.

لمحمد بوبه تسعة أبناء كالنجوم وصفهم الشاعر المجلسي ولد اند لمين بأنهم “كأصابع العسل” أكبرهم “علي” الملقب الدواه وهو عالم جواد مُمَدٌّح، يقول فيه العلامة القاضي محمدن “الملقب بلي” ولد المصطفى البوحبيني:
ضياء ظلام الليل نورا إذا جنا :: وسيل الخليج المكفهر إذا منا
عليٌ عليُ القدر نجل محمد :: طلوب المعالي بالجدا حيث ما كنا
ومصلح ما قد خان من متن ربقه :: وما من بنات المتن أنهج أو خنا
ولا عيب فيه مطلقا غير أنه :: إذا منّ لم يتبع مواهبَه مَنّا
وفي البيت الأخير تورية بديعة بذكر اسم زوجة الدواه “مَنَّ منت ابن عمر”، التي يقول فيها الشيخ گلاه:
تمن انهمال المزن منا ولم تكن :: لتتبع ما تعطي الورى أبدا منا
وإنا حمدنا الله جل جلاله :: على أن ذات البذل منّ العطا منا

وللدواه ثلاثة أبناء هم الفقيه والوجيه البارز أحمد حامد، والقاضي أحمد، والعلامة ماء العينين، الذي يقول فيه محمدن لبات البوحبيني:
ألا إن طيب الفرع من طيب أصله :: وكم طاب في أصل سليل الأطايب
وإن أمه وفد من أبناء تندغ :: لنائبة يكفيهم في النوائب
“تراه إذا ما جئته متهللا :: كأنك تعطيه” جزيل المواهب …
درس ماء العينين على العلامة حبيب ولد الزائد وعلى العلامة سيد المختار ولد والد الألفغي.

وثاني أبناء محمد بوبه هو العلامة الزاهد العابد أحمد، كان رجلا وسيما قسيما جميل المحيا حسن الأخلاق حلو المعشر، وقد توفي في ريعان شبابه ولما يبلغ الأربعين ..
أجازه الشيخ محمدو ولد حبيب الرحمن وعدد من علماء أهل فودية خاصة المصطفي بن أحمد بن إبراهيم. له أنظام وتقييدات مفيدة لشوارد العلوم، أحدها عن فقهاء المالكية وأوطانهم. يقول الشيخ گلاه في رثائه:
أرى الدهر يبدى كل يوم وليلة :: أمورا ومنها للبرية مقصد
وأي هلاك في البرية سالف :: أو آت يحاكي أن ثوى الغوث أحمد
به عِز أبنا حمير ثٌل عرشه :: ودين الهدى قد هد منه المشيد
على فقده فليبك من كان باكيا :: بكاء طويلا لا يزال يردد
سقت منتهاه كل يوم وليلة :: سحائب رحمى سكبها ليس ينفد
ولا برحت فينا وفي الناس بعده :: بنو أمه تجلو الظلام وترفد
أولئك أمثال الكواكب دائما :: طوالعها إثر الغوارب تصعد

وأكبر أبناء أحمد وأشبههم بجده محمد بوبه، هو العالم القرآني محمدو بتشديد الدال الملقب “امّيا” عرف بالأنفة وقوة الشكيمة، برع في القرآن الكريم وعلومه والتصوف وأجازه فيه الولي اليحيوي النح بن أحمد بن أمغر. كان مجيدا لأنساب العرب وله اطلاع واسع على الأدب، وهو بارع في قرض الشعر الحساني.
داعبه ذات أنس خليله زعيم لعلب محمد ولد مولاي ولد حميادة بقوله:
لريت راجل فاهل إلاه :: زين ء معلوم وذاك إجد
ذاكوان بعد امياه :: التندغيُ ولد أحمد
فأجابه اميا بقوله:
إل ريتُ راجل عطاي :: للشعرَ وحدو متفرد
ذاك آن ول اهل مولاي :: ول احمياده محمد
درس في محظرة أهل حبيب الرحمن وعلى العلامة حبيب ولد الزائد، كما درس على العالم الحسني محمدو ولد عبد الله السالم، ووالدة اميا هي أم الخير منت آبا من أهل فودية، وجدته الولية الصالحة الصغرى منت المسك.

وثاني أبناء أحمد هو ربع عزة الصلحاء وكهف الخائفين وكعبة العفاة والمريدين الولي الصالح محمد، المعروف بمحمد ولد آمنةُ علما، وجدته الولية الصالحة آمنة بنت يوسف. وقد عرف بالصلاح والاستقامة، وكان رجلا وجيها فى قومه مهابا واسع التأثير والإفادة في مجتمعه ينصح ويوجه ويسهم في معالجة القضايا وحل المعضلات.
وفيه يقول الشيخ عبد العزيز بن الرباني:
مارينَ ولادم كيفت :: محمد ول آمنتو
واند عن گاع اخليفت :: محمد ولد آمنة

ومن أبناء محمد بوب كذلك محمد المامي وهو وجيه وكريم، كانت له علاقات ممتدة، وكان صديقا شخصيا للأمير سيد أحمد بن أحمد بن عيده شهيد معركة وديان الخروب. وكذلك الوجيه الفارس الشجاع محمد الحسن الذي كان ملجأ الناس عند الغارات عليهم ونهب مواشيهم.

ومن أبناء محمد بوبة كذلك “ابّاهي” بتشديد الباء وتغليظها، أمه من أولاد اللب. قتله لمزازگه وهو في غزو من أخواله أولاد اللب. علم بذلك محمد بوبه فغضب وأرسل إلي عشيرة القاتل ينذرهم فما كان منهم ألا أن أتوا بصاحبهم موثقا بالحبال وربطوه أمام خيمة محمد بوبه وبعد عدة أيام أمر بفك وثاقه وعفا عنه.

كان محمد بوبه رجلا بأمة، أمّن الخائف في مجال لاسلطان فيه ولا سلطة، أسبغ الأكل والملبس علي الضعفاء والمحتاجين.
وبعد عمر حافل بالعطاء والأمجاد التي سطرها التاريخ في سفره بأحرف من نور، أسلم محمد بوبَ الروح إلى باريها ضحوة السادس والعشرين من رجب عام 1340 للهجرة النبوية، الموافق الخامس والعشرين من مارس 1922 عن 90 عاما ميلادية، وكان يسأل الله التخفيف، فما دل حفيدته امريم منت محمد الحسن على موته إلا انقطاع تلاوته.

اتشحت الأرض بالسواد وتداعى الناس من كل حدب ينسلون لحضور جنازته ودفن عند بئر أغنودرت الشرقي، الواقع الآن بالركن الجنوبي الشرقي من مطار نواكشوط، مطار أم التونسي الدولي.
تغمده الله بواسع رحمته.