ضعف الحماية القانونية لضحايا العنف الجنسي

ثلاثاء, 10/25/2022 - 16:18

تذرف أم الخيري بنت عمار الدمع وهي تتذكر تفاصيل متعلقة بذكرى تعرضها لاعتداء جسدي خريف عام 2017 ، لكنها تعود وتسترسل حديثها في شموخ حين تتذكر لحظة تحقيق العادالة بالحكم على الجاني بالسجن عشر سنين وتغريمه ماليا ، تقول أم الخيري التي أضحت الآن صاحبة مشروع -تفضل عدم ذكرك - "ماحدث كان نتيجة عملية سطو ليلي على منزلنا بضاحية نواكشوط الشرقية حيث كنت مع أمي وأختَيَ ، واستيقظنا على ثلاثة مقنعين بعد تجاوزهم الباب....
تتجاوز أم الخير في غصة تفاصيل في تلك الليلة السوداء في تاريخها ، والمسار القضائي الذي بدأته بشكاية لدى الشرطة تطور ليتم استدعاؤها على ذمة التحقيق وأخذ شهادتها وشهادة ذويها ، في ملف هز محيطها الاجتماعي. 
تقول أم الخيري إن العدالة تحققت لها في قضيتها ، لكنها لم تكد تندمج من جديد مع محيطها حتى مرور سنتين ، لتتمكن بفضل الدعم من افتتاح مشروع مدر للدخل ، أكسبها قدرا من الاستقلالية.
أم الخيري من بين 557 جريمة اغتصاب تم تسجيلها خلال عامي 2020 سجلتها الجمعية الموريتانية لصحة الأم والطفل الناشطة في المجال ، ارتفعت الحصيلة خلال عام 2021 حيث وصلت 1046 حالة وفق ذات المصدى غير الحكومي.
تفاصيلها 336 حالة من العنف الجنسي من بينها 266 سجلت في حق قُصّر و 70 امرأة بالغة.
_نشاط جمعوي للتوعية والتحسيس 
تعمل الجمعية الموريتانية لصحة الأم والطفل المعترف بها رسميًا من قبل الدولة الموريتانية بموجب الإيصال رقم 1100 بتاريخ 10/10/0111 الذي يحدد صالحياتها وتنظيم إدارتها المركزية في المجال. 
وتتمثل مهمتها في تقديم الدعم للفئات الضعيفة وتعزيز حقوق النساء والطفال ومشاركتهم الكاملة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، كما تعمل من بين أمور أخرى  في مجال الحق في الصحة الإنجابية ومكافحة العنف ضد النساء والأطفال ومكافحة الفقر وحقوق الإنسان والدعوة الدائمة لذلك لدى صانعي القرار.
تتركز مهمة الجمعية الموريتانية لصحة الأم والطفل الأساسية حول الإدارة الكاملة لانتهاكات المتعلقة بحقوق النساء والأطفال المعرضين للخطر أو الذين يواجهون مشاكل في مجال العنف والتهميش. 
في متابعتنا لقضابا العنف ضد النساء تواصلنا مع سهام حمادي عضو الجمعية التي تقول في خضم حديثها لنا " نقوم بزيارة للضحية أولا والوقوف معها ومتابعة مسار قضيتها قانونيا حتي تحصل على حقها في معاقبة الجاني ، وبعد ذالك نقوم بمآزرة الضحية على مستوي النفسي وإعادة دمجها في المجتمع لان اغلبهن يتم رفضهن من اسرهن ومن المجتمع فيجب علينا إعادة دمجهن ومواصلة مآزرتهن ، فحين تكون بعض الأسر لاتتقبل وضع الفتاة نقوم بدور الوساطة بينهم ونبين لهم تفاصيل القضية ، كما أنه وفي حال كانت الأسرة من الأسر الهشة على الصعيد الاقتصادي نخلق أنشطة مدرة للدخل كما فعلنا مع عدة حالات ،كما ندرب الفتيات على مستوى المركز على مهن خاصة تعينهن وليتجاوزن مرحلة الصدمة.
غالبا مايتجاوب معنا أهالي الضحايا ،وهناك بعض الأسر تتكتم على هذا النوع من الحالات وهذا يعود لطبيعة المجتمع ، فتكون الأولوية الجانب الصحي ، فإن لم يحدث حمل تتم تسوية الوضعية دون اللجوء للسلطات ، فالأسر تخاف غالبا من أن تربط أسماؤها بهكذا حوادث . 
مازلنا نحتاج للكثير من حملات التوعية فالاعتداءات الجنسية في تزايد مقلق ، في الحقيقة أنا أربط بين تراجع الاعتداءات على النساء أو الحد منها بزيادة الوعي في صفوفهن بدرجة أولى ، بحيث تعرف النساء والفتيات طرق حماية أنفسهن منها ، أما بالنسبة للقانون فهو في موريتانيا لايحمي النساء مافوق 18 سنة من الاعتداءات الجنسية ، وقد أعطى القانون الجنائي الموريتاني أقصى عقوبة دون التعريف بجريمة الاغتصاب ، والغالب أن النساء مافوق سن ال18 حال تعرضهن لاعتداء والتبليغ عنه ، يتهمن بجريمة الزنا ويسجن ، ماجعل أغلبهن يتكتمن في هذه الحالة.
أما القصر فهناك قانون الحماية الجنائية للطفل ، التي تنص على أن أقصى العقوبات تصل السجن 10سنوات ،وغالبا مايتم تطبيقها ، ونطالب بسن قانون يحمي المرأة من الاعتداءات الجنسية"
_القانون الجنائي ... ومعاقبة المُعتدين 
"لاينص قانون العقوبات في القانون الجنائي على مسألة العنف الجنسي ضد النساء والفتيات ، بل ترحز على العنف بصورة عامة وتحديدا العنف البدني "الضرب" وفقا للمادة 288 التي تعتبره جنحة وتصل عقوبته سنتين سجنا ، بالنسبة لمنلرس العنف ضد الأطفال" يقول أستاذ القانون العاقل علي ، الذي يضيف "أنه بالنظر إلى الفترة التي جاء فيها سن القانون 1983 يمكن أن يتم استيعابه ، لأن التصور التشريعي في تلك الفترة لايتصور وجود حالات العنف المطروحة حاليا ، وبالتالي لم يبوب عليها القانون الجنائي بصفة واضحة ، ونفس الشيء بالنسبة لحماية المرأة ،إذا أخذنا المادة الناصة على جريمة الزنا والمادة التي تنص على الاغتصاب دون التفصيل فيه.
أما قانون الحماية الجانئية للطفل فقد فصل نظرا لتخصصه وتناول العنف ضد الأطفال".
مابين عامي 2017 و2019 طرحت الحكومة الموريتانية مشاريع قوانين لحماية النساء من العنف الممارس ضدهن ، لكنها قوبلت بالرفض من جهات عديدة وتم وأدها في البرلمان بعد أن اعترضت عليها لجنة الشؤون الإسلامية بحجة أنها تتضمن فقرات تُخالف الشريعة الإسلامية 
وانتقد فقهاء وعلماء دين القانون معتبرين أنه تم تفصيله على مقاس الحركات النسوية دون مراعاة مبادئ الشريعة الإسلامية التي هي المصدر الوحيد للتشريع موريتانيا. 
تضمن القانون خمسة فصول حول "عقوبات الجرائم والجُنح المرتكبة ضد النساء" و "الإجراءات القضائية المتعلقة بالاعتداءات الجنسية" وتدابير "الوقاية من الاعتداءات الجنسية ضد النساء" وإجراءات التكفل بالنساء ضحايا الاعتداءات الجنسية"
ووصلت بعض العقوبات في مشروع القانون حد الإعدام وذلك في حالات الاغتصاب التي يقوم بها رجال مُحصَنون. كما يعاقب القانون كل من يتستر أو يتقاعس عن الإبلاغ عن اعتداء جنسي ويمنحُ المحاكم الحق في متابعة مرتكبي أعمال العنف ضد النساء.

تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا. 
عبد الله علي.