الأدب الموريتاني بين الفصحى والعامية: هل يمكن فصل التوأمين؟

اثنين, 05/24/2021 - 10:01

يتصاعد في موريتانيا سجال بين الأدباء والشعراء منذ أسابيع بشأن مساعٍ لفصل الأدب الفصيح عن العامي في اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين.

وتأسس الاتحاد عام 1975، ويهدف إلى تنشيط الحركة الفكرية والأدبية وتوسيع قاعدتها والعمل على توسيع دائرة القراء وتعميق ثقافتهم.

في 5 أبريل الماضي، دعت مجموعة من الأدباء إلى فصل الأدب الفصيح عن الشعبي في اتحاد الأدباء والكتاب، وإنشاء اتحادين “متكافئين ومتوازيين”، تماشيًا مع ما تمليه مصلحة الأدبين الفصيح والشعبي.

ووقّع البيان ما يزيد عن خمسين من كبار الأدباء والشعراء، بينهم الأديب محمد الأمين ولد الكتاب، والروائي والشاعر محمد فال ولد عبداللطيف، والأديب والشاعر سيدي ولد الأمجاد.

ودعا هؤلاء “الجيل الحالي من الأدباء إلى تحمل المسؤولية التاريخية الملقاة على عواتقه، وفي مقدمة ذلك التركيز على فصل التوأمين: الفصيح والشعبي”.

وأوضحوا أن هذا الفصل يأتي “أسوة باتحادات الأدباء في الوطن العربي، حتى يستطيع كل اتحاد من اتحادينا المستقبليين أن يؤدي رسالته الجمالية والحضارية الوطنية والعربية دون مضايقة من توأمه”.

وتابعوا أن “الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب” لا يعتمد في البلدان العربية الأعضاء إلا اتحادات يستخدم منتسبوها اللغة العربية الفصحى حصرا، بالإضافة إلى أن “الشعر والأدب اللهجي (العامي) في البلدان العربية يعرف بخصوصية محلية لكل بلد”.

وفور صدور هذا البيان، أصدرت مجموعة أخرى من الأدباء والشعراء بيانا عبرت فيه عن أسفها لما سمته محاولات تفكيك اتحاد الأدباء الموريتانيين.

ووقع هذا البيان أكثر من 100 شاعر وأديب، بينهم الشاعر والأديب الشيخ ولد ببانا، والشاعر محمد الحافظ ولد أحمد.

 

الفصل بين أدباء الفصيح والشعبي في اتحاد أدباء موريتانيا مسألة صعبة لأن أغلب الأدباء يخلطون بينهما

ووصف هؤلاء دعوات فصل الأدب الفصيح عن العامي بأنها مجرد محاولة لتفكيك الاتحاد دون مسوغات.

وحذروا من أن “الترخيص لأي اتحاد مواز باسم الأدب الشعبي يفتح دوامة من الاتحادات الفئوية والعرقية من شأنها تهديد الأمن الاجتماعي، ومن يدري فقد تفضي هذه الفوضى إلى كانتونات أدبية لتمزيق المجتمع”.

وأضافوا أن “ادعاء البيان التقسيمي أن اتحادات الدول العربية موزعة بين الشعبي والفصيح، غير صحيح بالمرة، فلكل دولة عربية تجربتها الخاصة، كما أن الفصل بين أدباء الفصيح والشعبي هنا في موريتانيا مسألة صعبة، لأن أغلب أعضاء الاتحاد يخلطون بينهما، وليس من حق أي كان أن يحشرهم في زاوية التصنيف هذه”.

وشددوا على تمسكهم بوحدة الاتحاد، معتبرين أن “تقسيمه يتحقق بحصول أغلبية داعمة لهذا الطرح في إطار تشاور عام داخل الجمعية العامة”.

وفي إطار هذه المعركة الفكرية، أعلن “تيار الأدب العربي الموريتاني” (إحدى الهيئات التابعة لاتحاد الأدباء) دعمه لفكرة فصل الشعر الشعبي عن الفصيح في اتحاد الأدباء.

وقال هذا التيار، في بيان منتصف أبريل الماضي إن “نظرة فاحصة وتقييما موضوعيا لأداء ومسيرة هذا الاتحاد، والاختلالات العميقة في بنيته التنظيمية وحصاده العام، تفرض علينا كنخبة أدبية وثقافية في عرين لغة الضاد الفصحى العربية، أن ندافع عن الرسالة التاريخية التي أنشئ من أجلها هذا الاتحاد، ألا وهي حمل رسالة الأدب العربي في موريتانيا إلى كل الأصقاع”.

واعتبر أن “التجربة المحلية بيّنت أن التعايش بين جيلين مختلفين في نمط الإبداع وهموم الثقافة شكل أكبر عائق حقيقي في وجه تطور وتقدم اتحادنا”.

وأردف “نطالب ببقاء هذا الصرح العريق (اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين) كيانا مستقلا فقط لأصحاب القلم بالفصحى من سدنة الضاد الذين أسسوه، حاملين ريشة الفن والإبداع، بين البحر والتيه والذاكرة وفي ظلال النخيل، يسكنهم هاجس الإبداع المرفرف بجناحيه كطائر الفينيق منبعثا من رماد الصحراء هنا من ربوع شنقيط حتى أفياء المربد في العراق ومهرجانات الشعر العربي في دمشق وبيروت والرياض وسائر مدائن العروبة”.

وفي خضم السجال الدائر بشأن الفصحى والعامية، طمأن المستشار في وزارة الثقافة، الشيخ ولد سيدي عبدالله، بأن الاتحاد الذي يجري التفكير فيه للشعر الشعبي، لن يكون أقل شأنا من اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين الحالي.

وأضاف ولد سيدي عبدالله، خلال ندوة نظمها “تيار الأدب العربي” في 20 أبريل الماضي، أن “هذا ليس موقفا عدائيا من الشعر الشعبي، وإنما هي مقتضيات عمل فرضتها روح العصر”.

واعتبر أنه “من المستحيل أن يتعايش الشعر الفصيح مع الشعبي”، داعيا الجميع إلى مواكبة هذا المسار، خدمة للشعر والشعراء.