هناك خطوات هامة تم اتخاذها لصالح لغاتنا الوطنية تستحق التثمين والإشادة من كل من يهتم حقا بتطوير لغاتنا الوطنية، ومن هذا الخطوات يمكننا أن نذكر:
1 ـ إضافة مادة جديدة للنظام الداخلي للجمعية الوطنية (المادة 61 )، والتي جاء فيها:" توفر إدارة الجمعية الوطنية الترجمة الفورية لمداولات البرلمان باللغات الوطنية". وفي هذا الإطار فقد اكتتبت الجمعية الوطنية موظفين للترجمة الفورية من وإلى اللغات الوطنية، وقد تم وضع هؤلاء الموظفين في ظروف مناسبة (ماديا ومعنويا)، وذلك لتمكينهم من أداء المهمة الوطنية النبيلة التي كلفوا بها على أحسن وجه. وبهذا الإصلاح الهام في النظام الداخلي للجمعية الوطنية أصبحت كل مداخلات الوزراء والنواب داخل الجمعية الوطنية تترجم إلى كل لغاتنا الوطنية، كما أصبحت كل جلسات البرلمان تنقل على قناة البرلمانية بكل لغاتنا الوطنية.
بهذه الخطوة الجريئة والشجاعة ـ والتي لاقت بالمناسبة معارضة قوية من الفرانكفونيين داخل البرلمان وخارجه ـ أصبح بإمكان كل موريتاني أن يتابع تفاصيل ما يجري داخل برلمانه بلغته الأم. ألا تستحق هذه الخطوة التثمين والإشادة ممن يرفع شعار المطالبة بتطوير لغاتنا الوطنية؟
2 ـ إطلاق وحدة تكوين لتدريس اللغات الوطنية لشعبتي القضاء و الإدارة في المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء. ألا تستحق هذه الخطوة الهامة الرامية إلى تطوير لغاتنا الوطنية وإلى تقريب الإدارة من المواطنين التثمين ممن يرفع ـ حقا لا باطلا ـ شعار المطالبة بتطوير لغاتنا الوطنية؟
3 ـ تبقى هناك خطوة ثالثة ما زلنا في انتظارها، وتتمثل هذه الخطوة في إعطاء لغاتنا الوطنية المكانة التي تستحق في التلفزة الموريتانية. وفي هذا الإطار يمكن التفكير في تخصيص ساعات من أوقات ذروة المشاهدة، للغاتنا الوطنية، وذلك عن طريق تخصيص ساعات من البث في كل قناة من القنوات التابعة للتلفزة الموريتانية لإحدى لغاتنا الوطنية، فمثلا تخصص عدة ساعات من بث قناة الثقافية للبولارية، وعدة ساعات من بث القناة الثانية للولفية، وعدة ساعات من إحدى القنوات الأخرى للسنونكية.
المؤسف في الأمر، أنه لا أحد ممن يرفع شعار المطالبة بتطوير لغاتنا الوطنية أشاد بهذه الخطوات الهامة، بل على العكس من ذلك فقد حاول البعض داخل البرلمان وخارجه أن يعرقل الترجمة الفورية إلى اللغات الوطنية داخل الجمعية الوطنية، وذلك حتى لا يتراجع حضور اللغة الفرنسية داخل البرلمان.
المؤسف أكثر أن البعض لا يتذكر شعار تطوير لغاتنا الوطنية إلا إذا تم اتخاذ خطوة ـ ولو خجولة ـ في سبيل تفعيل رسمية اللغة العربية، محاولا بذلك أن يخلق عداءً بين المدافعين عن رسمية اللغة العربية والمطالبين بتطوير لغاتنا الوطنية. والحقيقة أنه لا عداء بين هؤلاء وأولئك، بل على العكس من ذلك فدورهم يجب أن يكون تكامليا، وعليهم جميعا أن يقفوا صفا واحدا خلف المادة السادسة من الدستور الموريتاني، والتي أنصفتهم جميعا، عندما قالت : " اللغات الوطنية هي العربية والبولارية والسوننكية والولفية. اللغة الرسمية هي العربية."
حفظ الله موريتانيا...
محمد الأمين ولد الفاضل