فرضَ الوضع "المتقلّب" في منطقة السّاحل تعزيز فرص التّعاون العسكري الاستراتيجي بين فرنسا والمغرب اللذين يتواجدان في هذه المنطقة ذات النفوذ الدولي والإقليمي "المعقّد"، لا سيّما بعد محاولة تنظيمات إرهابية متطرّفة فرض سياسة "الأمر الواقع" في بعض الدّول ذات "السّيادة" الضّعيفة، وهو ما حتّم على فرنسا البحث عن آليات استراتيجية لتثبيت الأمن القومي في المنطقة بدعمٍ مغربي
واستقبل عبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، الخميس بالرباط، قائد الجيش فرانسوا لوكوانتر، رئيس هيئة الأركان العامة للجيوش (CEMA) بالجمهورية الفرنسية.
ووفق بلاغ صحافي للقوات المسلحة الملكية، فقد "كان الاجتماع فرصة للمسؤولين لإبراز علاقات الصداقة والتعاون متعددة الأوجه بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية، حيث أكد المسؤولان أهمية الدور الذي يلعبه البلدان في تعزيز الاستقرار والأمن".
كما استقبل المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، عبد الفتاح الوراق، بمقر هيئة الأركان العامة للجيش الملكي بالرباط، المسؤول العسكري الفرنسي، الذي يقوم بزيارة خاصّة إلى المملكة في هذه الأيّام.
وتجتمع لجان عسكرية مختلطة كل عام بالتناوب بين الرباط وباريس. وقد انعقدت الدورة الأخيرة في الرباط خلال الفترة من 25 إلى 27 يونيو 2019. ويتمحور عمل هذه اللجان حول دراسة السبل والوسائل المتعلقة بالعديد من المجالات ذات الاهتمام لكلا الطرفين؛ وذلك في إطار توطيد العلاقات المثالية في مجال التعاون العسكري بين القوات المسلحة للبلدين.
وتأتي هذه الزّيارة في وقت قالت فيه شركات تسليح فرنسية إنّها حصلَت على رخص بيع معدّات حربية لصالح القوات المسلحة الملكية، مكسّرة بذلك هيمنة الأمريكيين على غالبية الصّفقات العسكرية التي تعقدها المملكة.
ووفق مصادر إعلامية، فقد "حصلَت شركات تسليح فرنسية على رخص بيع معدّات حربية لصالح القوات المسلحة الملكية، مكسّرة بذلك هيمنة الأمريكيين على غالبية الصّفقات العسكرية التي تعقدها المملكة"، مبرزة أنّ شركة "Nexter" الفرنسية أبرمت مؤخرًا عقدًا بقيمة 200 مليون يورو لبيع أنظمة مدفعية من طراز "Caesar" (قيصر) (170 مليونًا) وذخائرها (30 مليونًا).
ويعتبر المغرب من أكبر زبناء السوق الفرنسية في ما يتعلق باقتناء الأسلحة في العالم؛ إذ احتل المرتبة السادسة بعد السعودية والهند والبرازيل والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، حسب تقرير لوزارة الدفاع الفرنسية بشأن صادرات الأسلحة.
وقال الخبير والمحلّل السّياسي مصطفى الطّوسة: "لا بدّ من وضعِ هذه الزّيارة (زيارة قائد الجيش فرانسوا لوكوانتر إلى المغرب) في إطارها وظرفيتها السّياسية والدّبلوماسية لفهمٍ أهميّتها"، مبرزاً أنّها "تأتي بعد الانقلاب الذي شهدته مالي مؤخّراً، والذي وضع المنطقة أمام خطر انتعاشِ التّنظيمات والمجموعات الإرهابية المتشدّدة، وأن تستولي على الحكم في مالي؛ وبالتّالي تصبح مصدر تهديد لبعض دول الجوار".
وشدّد المحلل ذاته من باريس على أنّه "معروف للمغرب وفرنسا دور مهم في منطقة السّاحل، ولا نستبعد أن يكون هناك تنسيقٌ على المستوى العسكري إلى جانب التّنسيق الدّبلوماسي والسّياسي"، مبرزاً أنّ "المملكة وفرنسا تتابعان عن كثب التّطورات الإقليمية في منطقة السّاحل، وتعيان أنّ ما يجري في هذه المنطقة يمكن أن يرتدّ على مصالحهما وأمنهما الإقليمي".
ولفت المتخصّص في الشّؤون الفرنسية إلى أنّ "أحد العناوين الأساسية لزيارة هذا المسؤول العسكري هو الحديث عما يجري في منطقة الساحل وكيفية تعبئة الجهود الإقليمية ودول الجوار لمحاربة التهديدات بعدم الاستقرار في المنطقة".
وأورد الباحث ذاته أن "باريس والرباط تسعيان إلى التنسيق بينهما على المستوى العسكري والدبلوماسي والسّياسي، وهناك نقطة أخرى مرتبطة بالملفّ الليبي من خلال المساهمة في تثبيت وقف إطلاق النّار عبر التفكير في اللّجوء إلى المغرب كدولة ضامنة لذلك".
المصدر : هسبريس