أهلا وسهلا بكم معنا في هذه المقابلة التي نستضيف لكم الأستاذ محمد فاضل ولد الهادي الاطار المصرفي و الناشط السياسي والخبير القضائي مدير مؤسسة صوت نواكشوط للإعلام النشر ، ونبدأ مع الأسئلة:
-كنتم أحد الداعمين للمرشح سيدي محمد ولد ببكر وقبل أيام أعلنتم دعمكم لغزواني ، ما الدافع خلف ذلك. ؟؟
-بداية شكرا لكم على الاستضافة، و اتمنى لموقعكم التوفيق و النجاح و للاعلام الموريتاني عموما التوفيق و لمخرجات اللجنة المكلفة باصلاح الحقل بالنجاح.
أما فيما يخص سؤالكم، فبالنسبة لي لدي مبدأ راسخ كرسته من خلال تلك القناعات التي رسخت في شباب 25 فبراير حول الوضع السياسي و تقييمه و إشكالاته و تعقيداته الجمه.
فقد جعلنا نصب عينينا هدفا أساسيا و مبدأ ثابتا منطلقا من قناعتنا التامة أن الحاكم يجب أن يكون مدنيا صرفا، لذا و احتراما لهذا المبدأ قررت على مر كافة الانتخابات منذ 2008 و حتى اليوم عدم دعم أي مرشح رئاسي قادم من الثكنات مهما كانت ثقافته و مستوى قبوله لدى عامة الناس، و مهما كانت التداعيات و الاسباب و الخلفيات التي أدت به إلى أن يكون المرشح الأوفر حظ.
بالنسبة لي أعتقد أن كافة مشاكل هذا البلد جاءت بسبب تركيع العسكري للمدني و اخضاعه لرغباته و لا أدل على ذلك من هشاشة المؤسسات الوطنية العليا و ضعفها أمام مؤسسة الرئاسة التي تجمع السلطة و القوة في يدها بوجود عسكري كرئيس ما يعني عدم تكافئ في السلط التي هي في الاساس و كمبدأ دستوري مستقلة عن بعضها البعض.
و من هذا المنطلق بطبيعة الحال جاء دعمي للمرشح الرئاسي سيدي محمد ولد ببكر و كان بالفعل خيارا من أفضل الخيارات المتاحة و لمست شخصيا فيه حنكة و شخصية رزينة قادرة على اصلاح البلد رغم ماضيه كشخصية من نظام الرئيس السابق العقيد معاوية ولد سيدي أحمد الطائع.
إلا أنه في نظرنا نحن الإداريون المجربون أن اكراهات السلم الاداري تفرض على الموظف الانسجام في المنظومة التي يعمل معها، و بالتالي فنظرة ولد ببكر لواقع البلد في عهد ولد الطائع و ما شاهده من اختلالات تجعله قادرا على تصحيح تلك الاختلالات و الابتعاد بالبلد عن ذلك الواقع و تفادي أخطاء غيره، لأسباب عدة منها تكوينه الاكادمي و تجربته الواسعة و ثقافته و اطلاعه و حتى مستواه الادبي النقدي الذي يتيح له الكثير.
لكن لي أيضا مبدأ آخر تعلمته من تجربتي المهنية الطويلة في قطاع المصارف القطاع الأكثر تنظيما و الأكثر انضباطا إداريا، و هو أن رب العمل يجب أن يحترم من خلال احترام ارادته و حقه في ممارسة سلطاته كاملة و مطلقة بحسب النصوص الناظمة للمؤسسة القانوني و النظامي و الاداري منها المجسد في المساطر.
من نفس المنطلق الرئيس المنتخب مهما كانت خلفيته يجب أن يتبع و أن يعامل من مبدأ احترام سلطه المخولة دستوريا و قانونيا و سياسيا بحكم انتخابه بشكل مباشر من قبل الشعب.
لذا تريثت، عكس ما يظن البعض، حتى بدر لي حسن نية الرئيس الحالي و ان كنت لا أخفيك أنه فاجئني كثيرا بأسلوبه ففي العادة ـ و هذه نظرة قاصرة ربما لكنها راسخة في أذهان الأجيال التي عايشت حكم العسكر و ولدت من رحم المعاناة التي جسدها على ارض الواقع ـ ففي العادة يكون الرئيس ذو الخلفية العسكرية متغطرسا و قد تمنعه اخلاقه في الانغماس في الفساد، لكن يكسبه تكونه العسكري سلطوية فائقة الحدود تجعله يفرض رأيه و يجسد رغابته و لو في الاستغلال السلطة الممنوحة له ليسير كل شيء في فلكه. إلا أن الرئيس ولد الغزواني صراحة فاجئني كما أسلفت في عدة مواضع، فقد فاجئني بإرادته القوية في الفصل بين السلط، فاجئني أيضا و أنا الإداري الممارس بشكل عملي، بأسلوبه الذي يتيح الفرصة للمؤسسات لتكون شيئا مذكورا بعدما أن كانت لا شيء مجرد يافطات على جدران و موارد بشرية تنتزف موارد مالية فقط لا غير دون أثر إيجابي على تجسيد الدولة ككان حي واجد نافذ التصرف و التصور متوازن الاجهزة.
-هل انضممتم للحزب الحاكم من جديد أو تنوون الانضمام إليه ؟
-لا لم أنضم إليه من جديد، أنا فقط أدعم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في توجهاته و مسلكياته كرئيس مختلف النمط عن سلفه و جسد ارادة قوية في فصل السلطات و ضمان توازنها.
لكن ليس مستبعدا أن أنضم إليه إذا بادر بالتعاطي بشكل إيجابي معي كداعم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مرجعية الحزب، ففي الأخير أنا من دعاة تعزيز المؤسسات العمل من داخلها و أرى في ذلك إيجابية كبيرة.
-انتقدتم قرار تجريد مديرة سوماغاز وذكرتم أن تجريردها يعد استهدافا على أسس جهوية ، على ماذا بنيتم هذا الاستنتاج.. ؟
-نعم هذا صحيح، انتقدته بشكل واضح و جلي و دون همز و لا لمز و لا إشارة، وجهت الانتقاد مباشرة للوزير الأول و لوزير النفط، و ذلك لدرايتي الكبيرة بخطورة التجسس، و استغلال ادلة مركبة تمت في غير سياق العمل الطبيعي و في غير مكانه، و اعتبرت كأدلة رسمية، لإقالة موظفة شابة ذات كفاءة عالية و ذات مكانة رفيعة بين أقرانها في المجتمع الموريتاني.
لقد اعتبرت أن الجهة التي ينتمي لها الوزير الأول هي من حرضه على هذا الفعل، و السبب هو أن الوزير الأول نفسه قد أبان في أجوبته عن تردد و تخوش و تخوف كبير يوحي للمتابع له عدم تمكنه من الملفات التي يديرها و يوحي له كذلك أنه لم يكن حضر بشكل جيد للأسئلة و كأنه ظن فيما ظنه أن الصحافة الرسمية لن تطرح عليه أسئلة مباشرة تحتاج أجوبة محددة من قبيل الاسئلة عن رصيد صندوق كورونا و حجم الانفاق و أوجهه و أسئلة أخرى كثيرة من هذا القبيل.
ما سائني أكثر هو قضايا أخرى ارتبطت بالاقالة ذات بعد أخلاقي و ذات تأثير نفسي على المقربين من الإطار السامي فطمة منت دحي، تلك هي ما أثار حفيظتي بشكل كبير.
أما ما انتقدته على الوزير الأول هو ما ذكرت آنفا من أمور جعلت من تجريد الاطار السامي من منصبها يعتبر تجني و قرار غير مقبول شكلا و لا مضمونا، بل هو قرار مستفز بالأساس و بني على معطيات أخذت بطرق غير شرعية و لم يتم التثبت من صحتها و ما بني على باطل فهو باطل.
و هذه فرصة لمطالبة رئيس الجمهورية بإنصاف هذا الاطار و الغاء التجريد و استبداله بقرار إقالة ذا اثر رجعي يتيح الفرصة للدولة للاستفادة من اطرها و الابتعاد عن شخصنة الامور. و أعتقد أن الرئيس سيلبي هذا الطلب لما ينطوي عليه من حكمة بالغة.
-كيف تقيمون نتائج السنة الأولى من حكم الرئيس محمد ولد الغزواني.. ؟
-أعتقد أنه يجب أن يبنى تقييم السنة الاولى من حكم فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني على جملة من المعطيات ينظر لها و تؤخذ بعين الاعتبار سأذكر أهمها و أكثرها تأثيرا إيجابا أو سلبا على مسار عمل الرئيس و جهازه التنفيذي :
أولا يجب النظر إلى الوضع الذي استلم فيه الرئيس البلد من النواحي الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية، فالبلد بنظري كان يعرف أوضاعا اقتصادية صعبة للغاية بسبب فشل بعض سياسات سلفه، و بسبب الفساد المستشري في الادارة الموريتانية من ألفها إلى يائها. و كذلك كان الاحتقان السياسي سيد الموقف بنظري بالتالي لم تكن الارضية السياسية تتيح مساحات للرئيس للتحرك،
كما أن المواجهة المفاجئة مع الرئيس السابق كان لها أيضا أثر على تقدم العمل، لأن الرئيس السابق كان يمسك بعديد الجوانب الهامة من خلال معاونيه من الدرجات الثانية و الثالثة في مفاصل الدولة و من الدرجة الأولى بالأخص في الجهاز العسكري و الأمني.
و هو ما استدعى بعض الاجراءات منها الاستعجالي و منها المتريث حسب الظروف و كانت كل تلك الاجراءات حكيمة و ضمنت انسجاما و تناغما ساعد على تخفيف وطأة مستوى التحكم الكبير للرئيس السابق في الدولة بل وصل مؤخرا لتقليم الأظافر و هو أمر بالغ الاهمية لإظهار قوة الرئيس، ففي الاخير رمزية الرئيس و مكانته الاعتبارية تستدعي اظهار قوته سياسيا و أمنيا و تحكمه في الدولة و هو حقه الشرعي كرئيس منتخب.
كما يجب النظر إلى الوضع الدولي بكل تجلياته، منذ تسلم الرئيس مهامه في العام الماضي
أيضا يجب النظر إلى الوضع الصحي العالمي و الانكماش الاقتصادي العالمي و التأثيرات السلبية لجائحة كورونا على حياة الناس و اقتصاد الدول و حتى تحركاتهم الدبلوماسية و السياسية على الصعيد الإقليمي و الدولي.
فتلك الجائحة انهكت الاقتصاد زيادة على ما كان يتعرض له فقد انخفضت نسبة النمو بشكل كبير و ضعف الناتج المحلي و تراكمت الديون بفوائدها و تضاعفت نسبة البطالة كمؤشر اجتماعي و اقتصادي له تأثيرات أمنية حتى على الدول و شعوبها، كما أن التضخم هو الآخر ارتفع بشكل ملحوظ، و لولا دعم الشركاء مشكورين و مساهمة أبناء الوطن من الخيرين في ظل تلك الجائحة لأنهارت الدولة لا قدر الله، و أعقتد أن ذلك موثق في تقارير مؤسسات بحثية عالمية تحدثت عن تأثيرات كورونا خاصة على الدول النامية و الفقيرة و هو ما كان له بالغ الاثر على الاقتصاد الوطني و كان يشكل خطرا داهما لا قبل للدول به على عدة اصعدة اقتصادية و اجتماعية و سياسية و امنية.
لكن رغم تلك المشاكل الكبيرة و الازمات و المطبات و المفاجئات فقد استطاع الرئيس رغم ضعف جهازه الحكومي و ضعف أداءه و كذلك انعدام الثقة لدى الشارع في بعض الشخصيات التي تتهم بالفساد من طرف الناس إلا أن الرئيس استطاع بشكل ايجابي النهوض بعدة قطاعات و واجه الأزمة بكثير من الحكمة و ترشيد الموارد كما اهتم بالطبقات الهشة و حاول حماية الاقتصاد الوطني الذي فيما يبدوا لي تضرر كثيرا خاصة منه القطاعات الغير مصنفة و الغير مأمنة ضد الصدمات المفاجئة.
بالمجمل و باختصار الرئيس نجح نجاحا باهرا بشكل عام، رغم بعض بوادر الفشل على مستوى بعض القطاعات الحكومية، و رغم تجاهل بعض القطاعات الحيوية و التغاضي عن مساعدتها خاصة المؤسسات المتوسطة و الصغيرة و القطاعات الغير مصنفة التي تساهم بشكل كبير في امتصاص البطالة.
صراحة في نظري كان من الممكن أن يحقق الرئيس الكثير من الانجازات لو لم تمر به هذه العواصف الكبرى، و هو ما يثبته صمود الدولة لحد الساعة في ظل اجراءات احترازية كلفت الاقتصاد الكثير و اشعرت الناس بالقلق و أثرت على حياتهم بشكل كان من الممكن أن ينفجر الوضع بسببه.
-ما هو تقييمكم للإستراتيجية الحكومية لمكافحة وباء كورونا، كيف تقيمون عمل الحكومة خلال الأزمة.. ؟
-كما أسلفت في الاجابة على السؤال السابق، فقد شكلت الاستراتيجية الحكومية حصنا لا بأس به ضد جائحة كرونا رغم بعض الثغرات هنا و هناك كان السبب الرئيسي فيها حسب اعتقادي نقص التجربة لدى بعض الوزراء خاصة في مناصبهم كوزراء، و وجود وزراء لا يثق فيهم المواطن و لا يتجاوب معهم.
إلا أن الشوائب بكل أمانة لا ترقى لدرجة الانتقاص من أداء الحكومة بشكل عام فقد شفعت بعض الانجازات بشكل كبير في حدوث اخفاقات هنا و هناك، و اعتقد أن القطاعات الوزارية التي تحركت بشكل قوي و عملت بشكل جدي كانت ما أسميه أنا من منظوري الخاص "وزارات المواجهة" مع الفيروس، خاصة وزارة الصحة و وزارة الداخلية و وكالة تآزر و وزارة الثقافة و الصناعة التقليدية و العلاقات مع البرلمان الوصي على القطاع الاعلامي الذي شكل جبهة التحسيس و التوجيه الجبهة ذات الاهمية القصوى في تثبيت المواطنين و تقديم لهم التطمينات الأساسية في ثباتهم و استقرارهم.
-قمتم سابقا بتجربة إنشاء إذاعة إلكترونية ثم تراجعتم عن المشروع بعد فترة ، لماذا ؟؟
-لم أتراجع عن المشروع و أنتظر بفارغ الصبر نتائج اللجنة المكلفة من طرف رئيس الجمهورية بإصلاح القطاع.
رغم أني في البداية شككت فيها بشكل كبير، لكن بعد اكتشافي لوجود شخصية واحدة أعرفها بشكل جيد و أتشارك معها نشاطا مهما في المجتمع المدني في مجموعة "موريتانيا أولا" التي يراس فيها رئيس لجنة الحكماء و أرأس فيها لجنة الإعلام، و أقصد العميد كيسيما جياكانا استبشرت خيرا باللجنة و أنتظر نتائجها بفارغ الصبر لإطلاق المشروع من جديد، ففي الأخير ذلك الاستثمار الذي قمت به لم يكن في الوقت المناسب و لم يكن النظام في تلك الفترة يولي أهمية لمشاريع اعلامية جادة و مستقلة، خسرت الكثير من المال في ذلك المشروع، و خسر النظام فرصة اثبات جديته في اصلاح الحقل بعدم مواكبة المشاريع المستقلة الواعدة.
-كم كلفكم ذلك المشروع و هل تنوون الاستثمار من جديد ؟
-ليس ضروريا ذكر ما كلفني لكني مقتنع بالفكرة و أتمنى أن يكون من ضمن مخرجات اللجنة توفير ظروف حسنة تتيح الفرصة للمؤسسات الاعلامية الناشئة للحصول على ما يلزم من مواكبة من أجل انطلاقة جيدة.
-أليس ممكنا ذكر حجم الاستثمار ؟؟
-لا لا اعتقد أنه ضروري، لكن أؤكد لكم أن المشروع استمر عامين متتاليين و لم يكن له دخل يذكر و كان يوظف عشرات الشباب و درب العشرات، و كنتم من ضمن ما اشرف على برامجنا و نشراتنا و تكوين الشباب الجدد. كما قدم خدمة اعلامية متميزة و جريئة في اطار المسموح مما لا يخدش الحياء و لكن يساهم في توعية المجتمع و انتقاد الواقع و اعطاء الفرصة لاصحاب الافكار النيرة للولوج الى الاعلام من اجل المساهمة في تثقيف المواطنين.
-ماهو تقييمكم للدور الذي تلعبه نقابة الصحفيين المورتانيين ؟؟
-تماما كما اخبرتكم عن تقييمي لأداء الحكومة في ظل جائحة كورونا فإن أي نظرة تقييمية لأي جهاز يجب أن تنطلق من معطيات الفترة محل التقييم، لذلك أعتقد أن نقابة الصحفيين هي صمام أمان للحقل برمته و اعتقد أنها قطعت أشواطا كثيرة في طريق التطور لكنها أيضا لاقت صعوبات جمة كان أبرزها انعدام ارادة الاصلاح لدى النظام الذي كان يحكم البلد في العشرية المنصرمة و تمييعه للحقل الاعلامي و تلطيخه بشبه مؤسسات اعلامية هدفها تلميع النظام و من يدور في فلكه و أيضا تضييقه على الحريات و تهجيره للكتاب و الاعلاميين البارزين، و ظلمه لموظفي الاعلام العمومي.
بنظري كل ذلك كان عائقا أمام مجلس النقابة و رئيسه محمد سالم ولد الداه الذي أوجه له التحية من هذا المنبر.
-بعد دعمكم للرئيس غزواني، هل تأثرت علاقتكم بالمرشح الذي دعمتموه في الانتخابات الماضية.. ؟؟
-بطبيعة الحال العلاقات السياسية مرتبطة بالمواقف السياسية و تتأثر بها بشكل طبيعي، لذلك فكما أني كنت قبل ترشح ولد ببكر داعما لغزواني كإطار في حزب الإتحاد من أجل الجمهورية و لعدم وجود خيار أمثل و حين دعمت ولد ببكر تأثرت مباشرة علاقتي بالحزب الحاكم، حتى انهم اتصلوا بي و اعتذرت لهم لأن اتصالهم جاء بعد اعلان دعمي للمرشح سيدي محمد ببكر، اليوم أدعم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني و لم تعد لي صلة سياسية بالمرشح السابق سيدي محمد ولد ببكر، رغم احترامي له و تقديري و تشرفي بدعمه ابان الانتخابات المنصرمة.
-يتحدث البعض عن خلافات كثيرة بين أطراف الموازنة السياسية على مستوى آدرار ، بوصفكم أحد اللاعبين في نفس الموازنة ما مدى صحة تلك الأخبار.. ؟
-لا توجد خلافات كثيرة بالمعنى الدقيق للعبارة، فقط هناك مواقف و رؤى تتباين حسب موقع كل شخصية سياسية على مستوى آدرار، نظرتي للواقع الآدراري تنطلق من فهم التوازنات السياسية في الولاية و أعتقد أن غالبية القوى السياسية الوازنة في الولاية تتقاسم دعم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني و تتقاسم معه رؤاه و أفكاره و نمطه في تسيير الحكم، تبقى فقط بعض الشخصيات ذات القيمة الكبيرة بكل تأكيد لكنها لا تشكل أغلبية في الولاية و تقف مواقف ما بين المتحفظ على دعم ولد الغزواني بسبب وجود شخصيات سياسية بالقرب منه لها دور كبير في الفساد الذي شهده البلد في عهد الرئيس السابق ولد عبد العزيز و ربما تغير مواقفها حين يتخلص الرئيس من تلك الشخصيات، و ما بين المعارضين بالاساس للنظام القائم و هي مواقف قديمة و ثابتة لدى بعض الشخصيات القليلة جدا و ذات التأثير المحدود على مستوى الولاية رغم مكانتها و تقديرنا لها.
المجتمع الآدراري ليس مجتمعا قبليا بالمفهوم المتواتر فهناك ممارسة ديمقراطية تطغى على الانتماء القبلي و هناك حركات شبابية و مجتمع مدني حاضر في المشهد بشكل كبير، و هناك أيضا رجال أعمال يتمتعون بمكانة كبيرة في ربوع موريتانيا مما يكسبهم مكانة وطنية لا جهوية ضيقة أو قبلية محدودة التأثير، و منهم أيضا من يحتل مناصب سياسية.
-كنتم عضوا مؤسسا في حركة 25 فبراير ماذا بقي من علاقتكم بتلك الحركة.. ؟؟
-المبادئ فقط، تلك حركة جاءت في ظرف خاصة و طوعت النظام القائم آنذاك و ألزمته بتنازلات كبيرة منها ما استفاد منه الشباب و منها مع الاسف ما لم يستفد منه الشباب.
ما الذي استفاده الشباب و ما الذي لم يستفد منه ؟
الشباب الموريتاني استفاذ من فرض وجوده داخل المنظومة السياسية حيث اضطرت كافة الاحزاب السياسية لتشكيل منظمات شبابية شبه مستقلة ماديا و اداريا عن الاحزاب بعدما أن كانت مجرد لجان ذات تأثير محدود تخضع لسلطة رئيس الحزب و تتلاقفها أمواج التبعية و القرب الاجتماعي من رؤساء الاحزاب السياسية، و هذا انجاز مهم و له تأثير مستقبلي على الممارسة السياسية لؤلائك الشباب.
من ايجابياتها ايضا انها سنت سنة حسنة للتظاهر و التعبير و هي سنة كانت مفقودة تماما بسبب الخوف من الانظمة العسكرية التي حكمت البلاد، بل إنها روضت الاجهزة الامنية و أدت إلى تغيير دور وزارة الداخلية التي كانت في الاساس الجهاز الحارس المانع من حرية التعبير و حرية التجمهر و كانت تكتم نفس المواطن و تمنعه من التعبير عن آراءه و هو الأمر الذي لم يعد ممكنا ما لم يكن هناك مساس فعلي بالاستقرار يؤدي إلى الفوضى عندئذ و من خلال نظم و مساطر واضحة يمكن لوزارة الداخلية أن تتدخل خلافا للماضي.
أما سلبياتها أنها أبرزت شبابا لم يكونوا مع الأسف يحملون هم الوطن و تحصلوا على مناصب سامية استغلوها لمصالحهم الضيقة و أبانوا خلالها عن تبعية عمياء للنظام و لم يبرزوا أنفسهم بشكل إيجابي، فقد صار بعضهم رهينا للقبلية و بعضهم الآخر رهينا للنظام السياسي الحاكم و بعضهم الاخر مرتهنا للمشيخة التقليدية و الزعامات الروحية و لم يبرزوا استقلاليتهم و لم يثبتوا جدارتهم، مع استثناءات قليلة جدا ظهرت أساسا في مناصب الادارة الاقليمة.
-في ختام هذا اللقاء هل من رسالة تريدون أن توجهوها عبر موقع الإعلام نت للقراء ؟؟
-الرسائل كثيرة و مهمة، الرسالة الأولى أود أن أوجهها لفخامة رئيس الجمهورية و تتمثل في نصحه في عدم التخلي عن نهجه الحالي و المواصلة فيه لأن له ايجابيات كبيرة مستقبلية على المديين المتوسط و البعيد على كيان الدولة و قوتها و هيبتها و على النسيج الاجتماعي و اخلاقيات الممارسة السياسية. كما أقترح عليه تفريغ كافة المسؤولين المشمولين في ملفات فساد و المطلوبين للتحقيق معهم و اتخاذ في ذلك الصدد قرارات شجاعة تسمح بوقف الفساد و ردع المفسدين و تجسد إرادته المتميزة في محاربة الفساد بالطرق الدستورية و القانونية و دون شخصنة للملفات و لا تسييس للقضايا العدلية.
أما رسالتي للمواطنين فهي أن يمتنعوا عن مناصرة أي مفسد مثل أمام العدالة في عهد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لأن الرئيس أظهر بالفعل أنه يتحرى الدقة فيما يصدر من قرارات و يلزم حكومته عدم التدخل في عمل الأجهزة الأخرى (البرلمان و القضاء).
أما رسالتي الأخيرة فهي للنخب أرجوا منهم مزيدا من الوعي و مزيدا من التمرد على التقاليد البائدة و الولاء الاعمى للنظم القديمة و مزيدا من الايمان بالدولة و المأسسة.
-أشكركم جزيلا أستاذ محمد فاضل وأتمني لكم موفور الصحة والسعادة.