من أكتشف الآخر واختاره ؟ هل هي القوى المشار اليها هي التي اختارت غزواني ، أم أنه هو الذي اختارها قاعدة له ؟
إن ما جرى من بروتوكول يوم تنصيب الرئيس لا يجيب على تلك الأسئلة التي أصبحت تدق الآن بعنف بعد مرور مايقارب السنة.. وكل ما جرى يبدوا الآن وكأنه تمثيلية من النوع الذي يصفونه في النقد الأدبي بأنه ' متقن الصنع' أي انها محبوكة العقدة الروائية والبناء الدرامي ولكنها مزيفة !
إن المرء قد يفهم ان اجهزة بالغة التعقيد تمثلها بعض الجهات تستطيع محاصرة ولد عبد العزيز في التحقيق ، لأن مصلحتها المباشرة في الصراع هو الخلاص منه .. حتى تتمكن تلك القوى من حسم التطورات لصالحها .. ووفقا لهذه الاستراتيجية انشرحت تلك القلوب لها.. وفي الساعات الأخيرة قبل الاستدعاء.. شيء ما حدث فأقل مايمكن أن يقال عنه أنه يفصح عن ' متابعة قوية' لدرجة الإيحاء بأن الرئيس .. لم يترك الرئيس السابق وحده ..وهذه في النهاية استنتاجات تخضع للنسف إذا كشف احد لنا يوما من الأيام حقيقة مقنعة !
لذلك فالسؤال عمن أختار الآخر ، الرئيس ولد الغزواني أم تلك القوى .. لا يجد جوابا في تلك الأحداث التي جرت فور غياب ولد عبد العزيز .. والشائعات التي ملأت
سماء نواكشوط صخبا و ضجيجا حول محاكمة ولد عبد العزيز تبرهن أن كل منهما لم يختر الآخر .. وإنما الظروف والزمان جعل العلاقة التي تربطهما ليست إلا سلعة .. ينظر كل منهما اليها بعين التاجر الشريف ، بينما يعتبرها أي فرد آخر مجرد قنطرة لهدف آخر تفضح عنه احداث أخرى !
كان قدوم ولد بوعماتو الي ارض الوطن أمرًا محتما بمجرد تنحي الرئيس السابق .. وهو الأمر الذي لم تفهمه ، في العمق، مجموعة رجالات الاعمال المرتدة عن ولد عبد العزيز لم يدركوا أولًا ان بقاءهم قرب ولد الغزواني كان مفتعلًا ومعلقًا بالحجم التاريخي والاستثنائي لشخصية القائد التي ملأت الفراغ بالكاد عشر سنوات ولم يدركوا ان نظامهم الذاهب لم يحصل على الوفاة الرسمية السياسية ولم يدركوا ثالثًا أن الدولة التي يمسكون بها بقوة هي دولة من ورق ولم يدركوا رابعًا أن الرئيس السابق يتمتع مكروهًا او محبوبًا بحصانة صاحب القرار !
إذا في كل الأحوال قد خسرت مجموعة رجالات الأعمال الرهان أولئك الذين خانوه في السر والعلن !
على أية حال ، فقد كانت عودة ولد بوعماتو هي الإطار الشكلي للتغيير مسار لجنة التحقيق رغم أن دوافع كل واحد منهم ليست إلا البحث عن الانتقام .. فقد كان برنامجها - قبل مجيء ولد بوعماتو-
مختصر على الملفات التي صوتت عليها الجمعية الوطنية و هي:
التالية : - صندوق العائدات النفطية وعقارات الدولة التي تم بيعها و صفقة شركة "بولي هونگ دونگ" الصينية و صفقات الإنارة العامة بالطاقة الشمسية و صفقة تشغيل رصيف الحاويات بميناء انواكشوط و إفلاس الشركة الوطنية للإيراد و التصدير سونمكسو نشاط خيرية اسنيم .. ولكن بعودة ولد بوعماتو تم إضافة ملفات اخري كجميع صفقات الكهرباء الخاصة بشركة "صوملك" و صفقات البنية التحتية و جميع صفقات الشركة الوطنية للصناعة و المناجم "اسنيم"
ولن نقول بأن الصدفة هي التي جمعت الملفات الأولي بالثانية كما شاء البعض من المنافقين الاجتماعيين ان يقول ذلك .. ولن نقول أيضًا أن ملف صفقات الكهرباء 'صوملك' جاء صدفة لظهوره في تقرير "Sherpa" الذي كان من إنتاج بوعماتو ! ..
كان لا بد من جواب إيديولوجي يجيب على السؤال الكبير الذي أبرزه التناقض بين الواجهات المعلنة للجنة التحقيق والواقع الملموس الذي يكتنفها .. ولم تكن تلك الواجهة وذلك الواقع يحملان عنصر الغياب عند ولد الغزواني ..فهو يرى فيها عيوبا لا تحتاج من جانبه إلى اعادة النظر الجذرية وإنما يريد أن يقول لولد عبد العزيز بطريقة ما ها هم أعداؤك كلهم بجانبي .. فلا تكابر .. وبغض النظر عن المجهول 'القنبلة' الذي بين يدي ولد عبد العزيز فإن ولد الغزوانى يرى الأمور بينهما من السطح فكانت معالجته بالغة السطحية والهزل ..فهو لا يرى انه يغامر بسمعته وأن هناك فتيلا من وراء الكواليس يحكم بزمامه رجالات أعمال ومعارضة بائسة يتحركان وفق تساقط سمعته .. ومن ثم يأتي انقلاب من خارج ظلمات القبور .. كان يتسلل عبر النوافذ الموصدة وكان يتحين لحظة المناسبة -ليفجر ذلك الفتيل- يقوده جنرالات من الجيش ومن ثم تكون بذرة التناقض التي يحملها غزواني و يدعوها البعض الاعتدال أو الوسطية .. لم تكن سوى تجسيدًا لأحد وجهي التناقض داخله !
أما إذا كانت القضية فيها تلاعب بالعقول وأننا نعيش في مدينة البهائم وأن لا وجود لمشكلة بين الرئيسين السابق والحالي و أن من شاركوا مع عزيز يتحكمون حاليا في الوظائف وأن ما يحصل هو تلاعب .. فذلك امر آخر يحتاج عندما تكتب عنه ان يكون الحبر قادرًا على استخراج الرواسب الكامنة وراء ذلك لمواجهة الشمس .....
يتواصل ..
القاظي مولاي احمد