جزيرة “تيدرة” -لمن لا يعرفها- هي أكبر الجزر الموريتانية في المحيط الأطلسي، حيث تبلغ مساحتها حوالي 150 كم مربع.. وتقع الجزيرة، التي يبدو أنها كانت متصلة بالبر المقابل لها قبل حوالي خمسة آلاف سنة، على بعد 250 كلم غربي العاصمة أنواكشوط..
وجزيرة “تيدره” هي مهد الدولة المرابطية، حيث أسس أبو بكر بن عمر وعبد الله بن ياسين- قبل ألف سنة- على أديمها ذلك الرباط، الذي كان منطلقا لحركة المرابطين وجهادهم واشعاعهم الحضاري في القطر وفي المنطقة.. تلك الحركة الإصلاحية التي امتد نفوذها إلى الأندلس شمالا وإلى الممالك الإفريقية الوثنية جنوبا.
كما أن جزيرة “تيدرة” لعبت دورا استراتيجيا مهما بعد الإستقلال، حيث باتت نقطة تواجد حيوي ونشاط عملياتي للبحرية الوطنية الناشئة آنذاك، ومركزا متقدما للمراقبة والإستطلاع ليس لتأمين مياهنا الإقليمية فحسب، بل لحفظ عموم منطقتنا الإقتصادية الحصرية..
لذا، أعتقد بأن هذه الجزيرة يفترض-أولا- أن تكون مقدسة بحكم أنها تمثل إحدى الأساطير المؤسسة للشخصية الموريتانية.. ولأهم مفاهيم الدولة والأمة على هذه الأرض .. وهي ثانيا موقع بحري استراتيجي متقدم لا يجوز التخلي عنه بأي حال من الأحوال.. وهي ثالثا جزء من محمية طبيعية كبرى هي منطقة حوض آرغين، محكومة بموجب اتفاقيات دولية موقعة من طرف بلادنا، مثل اتفاقية “رامسار” لحماية المناطق الرطبة..
وبالتالي، لا يمكن إلا أن تشكل القضية المثارة حولها حاليا صدمة كبرى لكل مواطن موريتاني، وللرأي العام الوطني بخصوص تحقيق اللجنة البرلمانية في مزاعم تتعلق بنية الرئيس السابق لإهدائها أو التنازل عنها مهما كانت صيغة ذلك التنازل، لصالح دولة أخرى..
لا نستغرب أيضا بأن تكون لهذه الجزيرة، التي تؤوي أضرحة العديد من الصالحين وأولياء الله والمرابطين، وتسكنها أرواحهم الطاهرة، قدرة فائقة على إنتاج سلاح “التزبوت”.. التي ستظل لعنتها تلاحق وتطارد كل من أراد شرا بهذه البلاد وأهلها..