من حق الموريتانيين أن يقدروا عمل وخطط حكومتهم، وجهودهم هم وتضحياتهم التي حالت ـ لحد الآن ـ دون تفشي فيروس "كورونا" وانتشاره في البلد، وإعلان موريتانيا خالية من أي إصابة ولله الحمد. لكن ما إن أعلنت الظرفية الحالية حتى خلنا أن كل شيء انتهى، وأننا صرنا في مأمن وحرز منيع من أي إصابات جديدة، وطالب بعض ممن ربما لم يحسوا ببطش "كورنا" بأقرب الجيران إلى تخفيف أو إلغاء كل الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها موريتانيا لمحاصرة الفيروس. لهؤلاء أقول "هيهات" ف"كورنا" يفتك بأقرب البلدان منكم، حالات تتزايد في الجارة مالي، وما حدودنا بالمسدودة بالقدر الذي يليق ـ في ظل كل هذه الإجراءات في وجه القائمين من هناك ـ ، وحالات أخرى في الجارة السنغال لا تقل بأسا، وما الأصدقاء في الشمال بأحسن حالا فالمغرب والجزائر رغم إجراءات الأولى الاحترازية، وبعد مسافة الأخرى مقارنة بالجنوب بمعدومي خوف من عدوى قد لا يتوقف لا سمح الله، وعرف الفيروس بعدم قفزه، فهو ينتظر السانحة الأنسب، ولكن نسبة الزيادة كما التجربة في العالم غير محدودة حين يبدأ المؤشر في الارتفاع. كونوا واعين بالأمر، ولا تنزعوا حزام الأمان وأنتم في منتصف الطريق، والخطر لا يزال محتدما، والشواهد قائمة. برهنتم على صدق تضحياتكم وصبركم رغم كل الظروف، ورغم صعوبة الجلوس في البيت خصوصا لمن لا دخل لهم ولا معيل، ولكن سبب تلك التضحيات وذاك الصبر لا زال قائما. موريتانيا لا تزال بحاجة لمزيد من الصبر ولنفس أطول، ولنركز تفكيرنا وجهدنا في دعم السلطات لتوقيف كل المتسللين من خارج الحدود، فهم على حبنا لهم محض الخطر وعين الضرر في حال كان من بينهم مصاب لا قدر الله. وهنا لا شك من الواضح ان مسؤولية لجنة متابعة "جائحة كورونا" أن تتصل بهؤلاء وتأويهم وتوفر لهم الأمان للدخول دون مخالطة أي شخص، وتجري لهم الفحوصات وتؤمن لهم الحجر الآمن حتى تضمن سلامتهم وتأمن من خطرهم فهم في الأخير من أبناء هذا الوطن ويستحقون عليه الكثير. ولكن لحين يتم ذلك ونضمن أن لا خطر يهددنا على الحدود القريبة جدا من الأجدر بنا أن لا نفكر في تخفيف الإجراءات ولا إلغائها فحظر التجول أداة تأديب نافعة، وعزل الولايات لا نرجو ان يأتي اليوم الذي نضطر لأن نقول فيه أنه أخف الضررين، وما إغلاق الأسواق والمحلات ذات الشبهة في الاختلاط وتبادل الناس واحتكاكهم إلا وسيلة ناجعة وطريقة واضحة الجدوى. والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين.