حسب المعلومات التي تصل إلينا من وقت لآخر، وخاصة فيما يتعلق باستجواب بعض كبار المسؤولين السابقين في البلاد وغيرهم ممن لا يزالون في السلطة، يبدو أن لجنة التحقيق البرلمانية تجد صعوبة في تحديد المسؤوليات ومصدر المعلومات التي تريد استغلالها.
على وجه الدقة، أود أن أتحدث هنا عن الصفقات التي تحكمها مدونة الصفقات العمومية الموريتانية (دخلت حيز التنفيذ في فبراير 2012).
يجب الإقرار أنه منذ عام 2012، فوضت السلطة بموجب قانون 2010-044 لجان إبرام ورقابة الصفقات العمومية إدارة عملية التعاقد، وبالتالي لا يمكن مقاضاة الوزير أو الأمين العام أو المدير لتوقيع العقود ولكنهم مسؤولون عن تنفيذها. ولذلك، يمكننا التمييز بين مرحلتين:
المرحلة الأولى (قبل توقيع العقد)، تظل تحت المسؤولية الكاملة للجنة إبرام الصفقات العمومية واللجنة الوطنية لرقابة الصفقات العمومية. وفي حالة العقود عبر الاتفاق المباشر (صفقات التراضي)، فإن المسؤولية تقع على عاتق لجنة الرقابة المخولة وحدها الترخيص لترخيص العملية برمتها وفقا للمادة التالية: المادة 34: الإذن المسبق قانون 2010-044:
'' يجب أن تحصل الصفقات المبرمة بالتفاهم المباشر على الإذن المسبق من طرف لجنة رقابة الصفقات العمومية المختصة على أساس تقرير خاص تعده لجنة إبرام الصفقات للسلطة المتعاقدة على إثر جلسة لتحليل مبررات اللجوء إلى هذه الطريقة والإجراءات المحتملة للمنافسة. ويعتمد التقرير الخاص للجنة إبرام الصفقات على دراسة للأثمان ويحال إلى سلطة تنظيم الصفقات العمومية. ويجب أن تبلغ على سبيل الإعلام كل صفقة تبرم بالتفاهم المباشر إلى سلطة تنظيم الصفقات العمومية التي تقوم بنشرها. ''
الغريب هو أن المراجعات السنوية التي تجريها سلطة تنظيم الصفقات وبعضها منشور على موقعها تؤكد بشأن اللجنة الوطنية لرقابة الصفقات ما يلي: '' عدم الامتثال لشروط استخدام الإجراءات غير التنافسية (الاتفاقية المباشرة والمصادقة) يشكك في مبدأ الشفافية المشار إليه في مدونة الصفقات '' وهو ما يعني بشكل مباشر تأكيد رسمي لعدم الامتثال لأحكام قانون الصفقات العمومية من طرف لجنة رقابة الصفقات العمومية.
فيما يتعلق بالمرحلة الثانية:( بعد توقيع العقد): في كثير من الأحيان لا يتم استيفاء المواصفات المنصوص عليها في العقد بالطبع مقابل العمولات. هنا تأتي مسؤولية السلطة لأنها هي المسؤولة الرئيسية عن تأكيد حسن تنفيذ الأعمال على الرغم من أن لجنة الرقابة ممثلة في اللجنة المسؤولة عن تأكيد التنفيذ السليم للعمل وكذلك لجنة إبرام الصفقات.
هذا هو السبب والكارثة في أننا خلال العقود الماضية نرى أن صفقات البنية التحتية قد تم تنفيذها بشكل سيئ وهي مركز وحضانة تبديد الأموال العامة.
الاستنتاجات:
1. فيما يتعلق بعقود الاتفاق المباشر أو صفقات التراضي إذا اتبعت الإجراءات اللازمة، المسؤولية تقع على عاتق اللجنة الوطنية لرقابة الصفقات العمومية الوحيدة القادرة بموجب القانون على ترخيص العملية برمتها.
2. أي عقد باتفاق مباشر غير مصرح به من قبل لجنة المراقبة يعتبر باطلاً ولاغي. السلطة المتعاقدة مسؤولة عنه أمام القانون.
3. تقع مسؤولية أي عقد بموجب اتفاقية مباشرة بتكلفة باهظة على عاتق لجنة إبرام الصفقات واللجنة الوطنية لرقابة الصفقات والشريك المتعاقد.
4. تقع مسؤولية العقود الملحقة على عاتق اللجنة الوطنية لرقابة الصفقات (المادة 51: ..... ويخضع إبرام العقد الملحق لإذن مسبق من طرف لجنة رقابة الصفقات العمومية المختصة).
5. رئيس الجمهورية وأعضاء حكومته مسؤولون أمام القانون إذا أعطى أحدهم أمرًا صريحًا بتنفيذ عقد خارج أي إجراء تنظيمي أو مارس سلطته على الهيئات المسؤولة للحصول على استثناء أو تعريض مصالح البلد الاستراتيجية للخسارة أو إذا كان المستفيدون من العقود هم أقاربهم أو إذا كانت لديهم مصالح مباشرة أو غير مباشرة مع الموردين.
6. يجب أن نلفت الانتباه إلى حقيقة أنه إذا كان هناك سوء إدارة أو تبديد للأموال العامة، فإن كل هذا لا يمكن أن يحدث بدون تواطؤ من الموردين وبالتالي فإنهم هم الذين أصبحوا أثرياء على حساب أموال دافعي الضرائب وممتلكات البلاد.
7. إن عدم استجواب الرؤساء السابقين للجنة الوطنية لرقابة الصفقات العمومية والذين عزل أحدهم من منصبه قبل بضعة أشهر والآخر هو الرئيس الحالي لسلطة تنظيم الصفقات العمومية يعطي الانطباع بأن لجنة التحقيق تفتقر إلى الخبرة في المهمة الموكلة إليه.
في النهاية يدير رئيس الجمهورية البلاد من خلال كبار المسؤولين الذين يجب أن يُسألوا في حدود صلاحياتهم ولكن لا يمكن لأحد أن يتجاهل كيف كانت تدار الدولة، لهذا السبب الأمر يتطلب احترافية ودقة في تحديد المسؤوليات وتجنب أن يبدو هذا التحقيق بمثابة
أعل طالب عبد القادر
استشاري دولي في إبرام الصفقات العمومية