انطلقت صبيحة الأربعاء 09/01/2019 المسيرة الوطنية ضد خطاب الكراهية التي دعت إليها الحكومة الموريتانية وقادها رئيس الجمهورية.
تشكل دعوة الحكومة الموريتانية للمشاركة في هذه المسيرة خطوة بالغة الأهمية لمالها من دلالة على أن خطاب الكراهية أصبح في بلادنا يشكل خطرا على استقرار البلاد من خلال ضربه لحبل اللحمة الاجتماعية الذي ظل التمسك به والاعتزاز بالانتماء لهذه البلاد والتلاقي على جوامع مكوناتها العرقية التي يتقدمها الدين الاسلامي والسماحة والطيبة التي جبل عليها الشناقطة ومن مروا بأرض المنارة والرباط.
لقد شكلت هذه الدعوة بادرة علاج لمرض استشرى وتنامى في غفلة أو تساهل ظلت وسائل التواصل الاجتماعي تغذيه يوما بعد يوم وتزرع الشحناء والبغضاء بين الإخوة والأحباب، تضررت بذلك علاقات، ومزقت روابط، وتنافرت أرواح، وتباعد الود بين الأحبة.
إن من يدخل اليوم مجموعات الفيسبوك أو يزور صفحات رواد هذا الفضاء الأزرق في بلاد الود والعلم والبساطة والضيافة والشعر، يجد نفسه مرغما على التأفف قبل التأسف لما يقابله عليها من نشر لأوضار نفوس أقل مايقال عنها أنها مريضة بالحقد والكراهية، بغض النظر عن الأسباب والمسببات، وعن وجاهة التوجه وأحقية التشبع من عدمه، إننا ندرك جيدا أن الموريتاني بطبعه ميال إلى الألفة والمحبة يهتدي إلى اللطافة ويتسم بالحنان والظرافة إن ظل على طبعه دون غيظ أو شحن أو استلاب، لكنه في النهاية بشر يستغفل وتستجاش عواطفه ويوظف وقد يتاجر به!
بعيدا عن ذلك كله وهروبا إلى الأخوة الجامعة واستقرارا في حضن تعاليم الإسلام الواقية والمنجية والمنصفة والعادلة، علينا أن نعود قليلا إلى الوراء لنرتب أوراق الأمس التي كانت تجمعنا على نقاء قبل أن تتضرر في غفلة منا بنفث كراهية، علاجه ممكن، وتجاوزه ملزم والعيش في ظله مستحيل..
علينا أن ندرك أن مشاركة رئيس الجمهورية في هذه المسيرة خطوة لها أكثر من دلالة ورمزية وأن تركيزه على عدة أمور من بينها واقع التعليم الذي يعد الرافعة الأساسية للأمم والشعوب، واهتمامه بالحديث عن الواقع الافتراضي الذي خرب بلدان وسبب لها الويلات والحروب بفعل اقتصار كثير من رواده على جانبه السلبي، كل ذلك ينبئ بالأهمية، ويؤكد على حجم الاطلاع وقوة التركيز على تثبيت الدعائم الأمنية والاهتداء إلى مفاتيح النهضة التي يتصدرها التعليم ولا شيء غير التعليم، وهنا تأتي الفرصة سانحة إلى تعميم النقاش حول واقع التعليم والبحث عن سبل النهوض به، والتي يأتي في طليعتها إشراك المدرسين الميدانيين في إثراء النقاش حوله والأخذ بأرائهم وتوصيات اجتماعاتهم؛
وهنا أشير إلى أني قد سطرت كتابا في هذا المجال عن واقع التعليم ومشاكله مستندا في ذلك على مايزيد على أربعين مقالا كنت قد كتبتها عن واقع التعليم ومشكلاته خلال السنوات الست الماضية أو تزيد قليلا، وهو الآن قد انتهت مراجعته وقدم للطباعة، وارجو أن يكون فاتحة نقاش مستفيض حول واقع التعليم سبيلا إلى النهوض به، فلا مجال لتصور تنمية أو تقدم دون نجاح التعليم وتحقيقه لأهدافه..
إننا ندرك جميعا أن هذه المسيرة وكل الأعمال التي تدعو إلى التلاقي والتآخي ونبذ الكراهية وكل أشكال دعاوى الجاهيلة هي خطى مباركة، وسواء اختلف حولها السياسيون أو اجتمعوا فإن هدفها جامع والإيجابية منها هي المتتظرة ولامجال لغير ذلك طرحا أو تنجيما أو تشاؤما دأب عليه من رامه، واستمرأه من استكان إلى فقدان الأمل أو استحضار مآسي الألم، وتأبط القلق وأراد لو قدر؛ إنهاء الحياة على أسوء اللحظات.