لقد تعايش على أديم أرض الجمهورية الإسلامية الموريتانية وفي ربوعها منذ عدة قرون وأزمنة مختلف المكونات المشكلة للنسيج المجتمي الوطني.
وقد تعايش الجميع في جو يطبعه التآخي والمودة والرخاء والتكافل الإجتماعي.
ومع البدايات الأولى للتأسيس لقيام الدولة الحديثة، وما رافق ذلك من انتشار في الوعي بين صفوف الرعيل الأول المؤسس للدولة الوطنية، فقد رافق ذلك التأسيس ظهور بعض التنظيمات الشبابية وغيرها هنا وهناك تنادي بعلاج بعض الاختلالات داخل المجتمع، حيث أصبح البعض يرى في التفاوت الطبقي، والارث الانساني ومخلفات الممارسات الإستعبادية وغيرها، واتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء نوعا من الحيف والظلم والغبن الممنهج من طرف بعض المكونات على البعض الآخر ، ويتجه في كل ذلك عدة أتجاهات.
وبدأت بعض الاصوات ترتفع من هنا وهناك وإن كانت في مرحلة من المراحل لاتتعدى ما تسمح به المساطر والنظم القانوية الوطنية مما يعني انها كانت منظمة إلى حد كبير.
ومع ظهور التعددية السياسية او الحزبية الديموقراطية، وخاصة مع مطلع التسعينات من القرن الماضي أصبح لتلك الخطابات ولغيرها من الدعوات الأخرى الطارئة عليها والتي وصفت، وتوصف بالتطرف والغلو والتشدد فقد اخذت مسارات متعددة حيث اتسعت دائرة التحرك وأصبح التدويل للقضايا الوطنية جزء من الأهداف المعلنة وغير المعلنة لتلك التنظيمات أو المنظمات سواء الحزبية منها أو من هيئات المجتمع المدنية الأخرى، والتي فيما يبدو أنها كانت تعتمد أساسا على الأنظمة الأجنبية في كل شيئ.
وقد شهدت العلاقة بينها والنظام القائم ساعتها الكثير من المد والجزر من سخونة أحيانا وبرودة أحايين أخرى، وقد تطورت تلك العلاقة مع الوقت إلى مضايقات وسجن، وحل البعض أحيانا وعدم الترخيص للبعض الآخر.
ولكن مع مطلع القرن الجديد وتوسع مجال الحريات، وتعدد وسائط الاتصال الاجتماعي من فيسبوك واتويتر والواتساب وغيرها من وسائل التواصل الإجتماعي، فقد أصبح من الصعب جدا الوقوف على حقيقة بعض القضايا التي تنشر وتوزع من هنا وهناك، وإن كانت السلطات الأمنية قادرة على ضبط كل تلك القضيا والأمور في اسرع وقت وبدقة ومهنية كبيرة بفضل اليقظة والجاهزية لقواتنا وقوة أمننا، فلا مجال للإفلات من العقوبات القانونية الرادعة للأشخاص الخارجين على سلطة القانون،فالقانون فوق الجميع، ويحكم على الجميع.
ومن الملاحظ منذ بعض الوقت نشر بعض الدعوات وظهور بعض الخطابات المحرضة على العنف، والمعادية لوحدة الوطن ولتماسكه، والتي يسعى أصحابها فيما يبدو إلى زعزعة استقرار البلد وأمنه وذلك ما لا يتأتى لهم، فالوحدة الوطنية خط أحمر، والشعب الموريتاني مهما كانت اختلافاته وخلافاته السياسية وتعدد مشاريه وارائه، ومهما كانت مشاكله البينية، إلا أنه مع ذلك يبقى دائما ذلك الشعب الأبي التماسك والقوي في وقت الأزمات وسيكون بالمرصاد لكل من سولت أو تسول لهم أنفسهم بالمساس من وحدة الوطن وأمنه.
فللحرية ضوابط وحدود، فالحرية المطلقة مفسدة مطلقة، ويمكن للشعب أن يختلف في بعض القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها كأن ينادي البعض مثلا بتغيير الدستور أو تعديله فتلك وجهة نظر، ويعترض البعض الآخر على ذلك معبرا عن وجهة نظر أخرى، ولكن ان يعمل البعض على نشر خطاب الكراهية والعنصرية والتطرف لزعزعة أمن الوطن واستقراره، فذلك ما سيرفضه الجميع رفضا باتا لسبب بسيط وهو أنه في حالة عدم أو فقدان الأمن لا قدر الله فليست هنالك سياسة ولا اقتصاد ولا تنمية، فالمحافظة على الموجود أولى من طلب المفقود، فلنحافظ على أمن واستقرار وطننا.
الكاتب/ مولاي إدريس ولد العربي.