تعتبر الشواطئ الموريتانية من أغنى شواطئ العالم بالأسماك حيث تختزل المياه الإقليمية الموريتانية ـ والتي يمتد ساحلها الى 780 كلم ـ 300 نوع من الأسماك النادرة وتعتبر 170 منها قابلة للتسويق.
ولهذا السبب نلاحظ تزاحم الشركات الصينية واليابانية والتركية والأوربية والروسية للاستئثار بهذه الثروة والاستفادة منها الاستفادة القصوى.
تولي الدولة الموريتانية هذه الثروة عناية كبرى بوصفها أكبر مصدر للعملة الصعبة خاصة وأنها تمثل 58 بالمائة من صادرات البلد إلى الخارج.
وقد بدأت موريتانيا في السنوات الاخيرة فرض شروط جديدة على الشركات الأجنبية منها الشركات الصينية والأوروبية التي تشغّل 200 سفينة صيد في الشواطئ الموريتانية، كما قامت بانشاء موانئ جديدة بهدف تفريغ الشحنات ومعرفة الكميات والأنواع، وزادت من قدرات الرقابة البحرية لمنع السرقة والاستنزاف التي تقوم بها بواخر الصيد الصناعي العملاقة.
الشعب الموريتاني بدأت تنتابه في السنوات الاخيرة مخاوف من انقراض الثروة بسبب جشع المستثمرين الاجانب
ولا تخفي الدولة ضمن استراتيجيتها فتح المجال أمام اليد العاملة الموريتانية لامتصاص البطالة وتحسين فرص العيش ويصل عدد الموريتانيين العاملين في قطاع الصيد إلى 60 الف عامل وهو عدد ضئيل جدا قياسا الى ضخامة هذه الثروة.
هذا وعلى الرغم من عدم اهتمام جانب كبير من الموريتانيين بالصيد البحري ونظرا لهيمنة الاجانب عليه لردح من الزمن، الا ان الشعب الموريتاني بدأت تنتابه في السنوات الاخيرة مخاوف من انقراض الثروة بسبب جشع المستثمرين الاجانب واستغلالهم المفرط لهذه الثروة مستعملين التحايل وتقديم الرشى وغيره.
وفي هذا الصدد يحذر بعض نشطاء البيئة من مخاطر الضغط على هذه الثروة، وتقول البيانات الرسمية ان هذا البحر تستخرج منه سنويا 840 مليون طن من الأسماك، وهي أرقام لا تتضمن ما يعرف بالصيد الجائر الذي تقوم به سفن صيد صناعية عملاقة تابعة لشركات صينية وتركية، فيما يشكو العاملون في الصيد التقليدي من غياب الدعم وبدائية الوسائل المتبعة في الصيد السطحي الذي يقومون به عبر زوارقهم البسيطة ويرون ان جهدهم بالكاد يغطي الاحتياجات المحلية.
وتتحدث تقارير إعلامية عن إتباع سفن الصيد الاجنبية لأساليب ممنوعة بحكم النظم الدولية الخاصة بالتوازن الحيوي للبحار والمحيطات.
كما تدق بعض المنظمات غير الحكومية في كل مناسبة ناقوس الخطر من نضوب الثروة السمكية الموريتانية.. مستندين في ذلك إلى اعتماد السفن التركية والصينية على منظومة من المعدات والتقنيات الخاصة بصيد الأسماك، تقوم على شباك قادرة على جرف جميع الأحياء البحرية بما فيها الأسماك النادرة الممنوع صيدها، إلى جانب تجهيزات متطورة تقوم بشفط جميع ما يوجد في محيط المنطقة التي تُمارس فيها الصيد، بحيث تجرف الرخويات والأسماك السطحية وكافة الأسماك على حد سواء.
هذا وعلى الرغم من السياسات التي اتبعتها الدولة في السنوات الأخيرة والتي أعطت بعض النتائج الايجابية بعكس ما كان عليه الحال في الماضي، الا ان المواطن العادي لا زال يتساءل بإلحاح عن مدى نجاعة الإستراتيجيات المتبعة لصيانة هذه الثروة الطبيعية من عمليات الاستنزاف المنظم داعيا الى رفع يد الاحتكار الاجنبي عن هذه الثروة الوطنية وزيادة استثمارات الدولة في هذا القطاع حتى تتحقق الاستفادة منه بشكل جدي وحقيقي.
محفوظ الجيلاني