تشهد المدينة المنورة هذه الأيام توافد حجاج بيت الله الحرام، تكلأهم رعاية المولى جل وعلا وتحفهم سلسلة متواصلة ومتتابعة من الخدمات الجليلة التي وفرتها حكومة المملكة، بتضافر جهود جميع الجهات الحكومية والأهلية ذات العلاقة بأعمال الحج، بإشراف مباشر من الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة، ونائبه الأمير سعود بن خالد الفيصل، لتقديم كل سُبل الرعاية والعناية بضيوف الرحمن زائري مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
ويحرص حجاج بيت الله الحرام خلال موسم ما قبل الحج أثناء وجودهم بالمدينة المنورة على زيارة المساجد والمواقع الأثرية المرتبطة بالسيرة النبوية إلى جانب قضائهم لعدد من الليالي في رحاب المدينة المنورة والصلاة في المسجد النبوي, قبل مغادرتهم لمكة المكرمة وبدء مناسك الحج.
وتحتضن المدينة المنورة العديد من المساجد التي يحرص الحاج على زيارتها وأداء الصلاة فيها, ومنها أول مسجد أسسه الرسول – صلى الله عليه وسلم- “مسجد قباء”، الذي خطه بيده صلوات الله عليه عندما وصل إلى المدينة المنورة مُهاجراً من مكة المكرمة, كما شارك -صلى الله عليه وسلم- في وضع أحجاره الأولى ثم أكمله الصحابة -رضوان الله عليهم-، وكان الرسول المصطفى يقصده بين الحين والآخر ليصلي فيه ويختار أيام السبت غالباً حيث وروى الطبراني بسنده إلى سهل بن حنيف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له أجر عمرة.
كما يحرص حجاج بيت الله الحرام على زيارة “مسجد الجمعة” القريب من قباء، وأداء الصلاة فيه، حيث اكتسب هذا المسجد مكانة خاصة في التراث الإسلامي، إذ ارتبطت نشأته بهجرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بعد أن أقام في قباء أربعة أيام حتى صباح يوم الجمعة الموافق 16 من شهر ربيع أول من العام الأول من الهجرة، عندما خرج -صلى الله عليه وسلم- متوجهاً إلى المدينة المنورة، وأدركته صلاة الجمعة فصلاها في بطن (وادي الرانوناء)، وقد حدّد المكان الذي صلى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الجمعة، وسمي بعد ذلك بمسجد الجمعة.
وفي المدينة المنورة العديد من المواقع التاريخية التي يزورها الحجاج والزوار خلال موسم ما قبل الحج, ومنها “جبل أحد” المعّلم البارز في التاريخ الإسلامي، والذي وردت في فضله عدد من الأحاديث النبوية الشريفة, إلى جانب ارتباط اسمه بموقعة تاريخية وقعت في السنة الثالثة للهجرة, وسميت باسمه “غزوة أحد” التي كان ميدانها الساحة الممتدة ما بين قاعدته الجنوبية الغربية وجبل الرماة الذي يُجاوره ويُسمى أيضاً بـ “جبل عينين”.
ومن هذه المساجد “مسجد القبلتين” الذي له أهمية خاصة في التاريخ الإسلامي، ففيه نزل الوحي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالتحول إلى قبلة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة بعد أن كانت القبلة هي بيت المقدس، وكان ذلك في 15 شعبان من العام الثاني للهجرة، بعد أن أتم -صلى الله عليه وسلم- ركعتين من صلاة الظهر نزل عليه الوحي بالتحول إلى الكعبة المشرفة في الآية الكريمة (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره).
كما يحظى موقع “بئر عثمان” بزيارة حجاج بيت الله الحرام ضمن زيارتهم للعديد من المواقع الإسلامية بطيبة الطيبة, وهي بئر الصحابي عثمان بن عفان – رضي الله عنه – وتُعرف ببئر “رومة” التي سخرها للتجارة مع الله تعالى من خلال تركها وقفاً للمسلمين منذ أكثر من 1400 عام ولازال يُستفاد من مائها إلى اليوم.
وبجوار المسجد النبوي، يقف “مسجد الغمامة” أمام أنظار المصلين والزائرين, حيث يعد هذا المسجد أحد أبرز المعالم التاريخية والإسلامية بالمدينة المنورة، حيث عرف بالمكان الذي صلى فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- صلاة العيدين والاستسقاء.
ويقع المسجد في الجهة الجنوبية الغربية للمسجد النبوي الشريف، على بعد 500 متر فقط من باب السلام، واُشتهر بمسمى الغمامة، لما يقال أن “سحابة” حجبت الشمس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أثناء صلاة الاستسقاء.
المواطن - واس