كشف موقع “ديبكا” الاستخباراتي الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة حول لقاء القيادة الإيرانية كانت مفاجأة من العيار الثقيل لتل أبيب.
وقال الموقع إن إسرائيل تفاجأت حين صرح ترامب، مساء الثلاثاء، قائلا: “لدي شعور بأن الإيرانيين سيتحدثون إلينا قريبًا جدًا. وقد لا يحدث الأمر ولكن لا بأس في ذلك أيضا”. وهو موقف مشابه جدا لذلك الذي أظهره ترامب قبل لقاء زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، في سنغافورة في 7 يونيو/ حزيران. ويشير الموقع إلى أن إسرائيل التي فوجئت بفعل ترامب، تم التأكيد لها من قبل “مسؤول أمريكي كبير” بأنه ليس هناك أي تغيير في السياسة الصارمة ضد إيران.
ويرى “ديبكا” أنه لا ينبغي أن يكون هذا التطور مفاجئًا لإسرائيل فقد خرج ترامب منذ شهرين وتحديدا في 7 يونيو/حزيران ، بتصريح قال فيه :”إيران مكان مختلف عما كانت عليه قبل شهرين، وسنرى ما سيحدث. وربما، في النهاية، سيحدث شيء ما معهم”. وفي مناسبة أخرى، قال: “إيران تتصرف بشكل مختلف. لم يعودوا يبحثون كثيرا عن ما في منطقة البحر الأبيض المتوسط. ولا يبحثون طويلاً عما يحدث في سوريا، وما يحدث في اليمن والكثير من الأماكن الأخرى”. ثم، وفي تلميح واضح آخر، قال: “إنهم مجموعة مختلفة جدا من القادة. وآمل في وقت ما أن يأتوا إلينا ونجلس معا”.
ويتابع الموقع أن هذه التعليقات لم تكن بلا معنى أو غير معلنة إذ إنها فتحت نافذة على عملية دبلوماسية راسخة كانت تكتسب زخما بهدوء. فمنذ أوائل شهر يونيو/حزيران، عقد المبعوثون الأمريكيون والإيرانيون محادثات استكشافية من خلال مساعي سلطنة عُمان. لقد غابت عيون وآذان إسرائيل الدبلوماسية والمخابراتية عما يجري، لأنهم اعتبروا من المسلمات أن إدارة ترامب لن تتبنى مبادرة بعيدة المدى كهذه دون علم تل أبيب. ويشير الموقع إلى أن هذا ما حدث بالضبط. إذ كان على إسرائيل التنبه إلى زيارات وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي بن عبدالله بين واشنطن وطهران، وزيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى مسقط في أوائل يوليو/تموز. إذ إن الوزيرين كانا بمثابة الأسلاك الحية خلال عامي “دبلوماسية الكواليس″ التي بلغت ذروتها مع توقيع إدارة أوباما للاتفاق النووي مع إيران عام 2015.
ويتابع الموقع الاستخباراتي الإسرائيلي أنه كشف، يوم الإثنين، أن مثل هذه الاتصالات كانت تجري على قدم وساق تحت عنوان: “إيران تستكشف سرا شروط ترامب للتفاوض على صفقة نووية جديدة”، ليخرج ترامب في اليوم التالي ويقول بصراحة تامة إنه على استعداد للقاء الرئيس حسن روحاني دون شروط مسبقة. ومع ذلك، فوجئت تل أبيب بالأنباء التي أشعرتها بالغباء بشكل رسمي لمدة يومين. ليتم بعد ذلك، وفي مساء الثلاثاء، إصدار بيان مقتضب على لسان مسؤول إسرائيلي يفيد بأنه “أكد مسؤولون أمريكيون كبار إلى إسرائيل أنه لا يوجد أي تغيير في السياسة الصارمة ضد إيران”. هذه الجملة، تركت ثلاثة أسئلة بدون إجابة:
أولا: هل سمحت إدارة ترامب لإسرائيل بأن تعلم ببدء التبادلات الدبلوماسية السرية مع إيران لإجراء مفاوضات حول معاهدة نووية معدلة ستغطي أيضًا الصواريخ الباليستية وغيرها من القضايا؟ أم هل بقيت تل أبيب في الظلام؟ تعتقد مصادر موقع “ديبكا” أن أول ملامح حول ذلك جاءت من البيت الأبيض بعد شهرين من بدء العملية الدبلوماسية.
ثانيا: التصريح المقتضب الذي نقله المسؤول الإسرائيلي أنه “ليس هناك تغيير في السياسة الصارمة ضد إيران” بحد ذاته غير دقيق. إذ إن حقيقة استعداد ترامب للجلوس مع روحاني هو بحد ذاته تغيير في السياسة.
ثالثا: المفاوضات تقود الأطراف المعنية إلى تغييرات في السياسة من أجل الوصول إلى أرضية مشتركة. إذن ما الذي سيتخلى عنه الجانب الأمريكي من أجل التوصل إلى اتفاق؟
ويتطرق الموقع إلى مسألة العقوبات الأمريكية على طهران بالقول إنه، إلى جانب رغبة ترامب في عقد مؤتمرات قمة مع خصوم أمريكا، فإنه لم يرفع العقوبات الأمريكية الصارمة المفروضة على كوريا الشمالية قبل مقابلة كيم في سنغافورة، أو على روسيا، قبل الجلوس مع الرئيس فلاديمير بوتين في هلسنكي. ومن هنا فإن ذات المسألة بالنسبة لإيران قد تتحول بشكل مختلف أو لا.
القدس العربي