أثبت المنتدى الوطني للمعارضة الموريتانية «أن موريتانيا توجد الأن أمام خيارين لا ثالث لهما: فإما أن يتم البدء في تشاور وطني شامل مع تنظيم حوار وطني حول الشروط الكفيلة بتنظيم تناوب سلمي ديمقراطي ومسؤول خلال سنة 2019، وإما الغرق إذا تواصل تسيير البلد بأسلوب مماثل أو شبيه بمنهج التسيير المتبع منذ عشر سنوات والذي يسد الأن منافذ أي فرصة للتناوب السلمي انطلاقا من صناديق الاقتراع».
جاء ذلك في مذكرة بعنوان " موريتانيا أمام منعطف حاسم»، وجهتها المعارضة الموريتانية أمس لزعماء القارة الإفريقية المتوقع وصولهم بعد غد الأحد إلى نواكشوط للمشاركة في القمة الإحدى والثلاثين للاتحاد الإفريقي.
وأثبتت المعارضة في المذكرة التي اطلعت عليها «القدس العربي»، والتي ضمت انتقادات شديدة لأداء نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز «أن مأمورية الرئيس الحالي ستنتهي خلال أقل من سنة من الآن، وبذلك تصبح موريتانيا أمام خيارين، فإما أن يتواصل تسيير البلد بأسلوب مماثل أو شبيه بمنهج التسيير المتبع منذ عشر سنوات، وطبقاً لهذا الخيار سيتم سد منافذ أي فرصة للتناوب السلمي انطلاقا من صناديق الاقتراع، وفي هذه الحالة لا يستبعد أن تؤدي المخاوف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن هذا الأسلوب من التسيير إلى إضعاف البلد داخليا، وتأجيج النزاعات الطائفية الضيقة في مجتمع ما زال يئن تحت متاعب الحرمان والهشاشة والظلم، ونظراً للسياق الإقليمي في منطقتنا، فمن المؤكد أن هذه الأوضاع الهشة سيتم استغلالها من قبل الشبكات الإجرامية المرتبطة بتهريب المخدرات ، ومن قبل المجموعات المتطرفة المرابطة عند الحدود، بل وحتى في داخل البلد».
«وإما، تضيف المعارضة، أن يتم البدء في تشاور وطني شامل مع تنظيم حوار وطني حول الشروط الكفيلة بتنظيم تناوب سلمي ديمقراطي ومسؤول خلال سنة 2019، وطبقا لهذا الخيار يتطلب الأمر تهدئة الساحة كشرط أولي لحل الأزمة السياسية التي تتخبط فيها البلاد منذ حادث 2008، وفي هذه الحالة سيمكن الحوار الفكري الناضج من تحديد الرؤية العامة وملامح أسلوب الحكامة الكفيل بتمكين البلاد من تجاوز تأخرها الملاحظ في جميع الميادين».
واقترحت في مذكرتها لقادة إفريقيا جملة إجراءات أثبتت أنها كفيلة بضمان فعالية الجميع، وبتجاوز الأزمة وضمان عدم استفحالها، منها «إيجاد حكومة انتخابية ذات مصداقية ومحايدة حيادا حقيقيا لتنظيم سير العمليات الانتخابية من الناحية التقنية، ومن هذه الإجراءات ضمان حياد جهاز الدولة على جميع المستويات كالإدارة الترابية، والموظفين، والجيش، مع ضمان توفير رقابة دولية شاملة وذات مصداقية بالنسبة للانتخابات الرئاسية المقررة سنة 2019».
وحول طبيعة السلطة حاليا في موريتانيا، أثبتت المعارضة «أن النظام الحالي الحاكم في موريتانيا والمنبثق عن حادث 3 أغسطس 2008 العسكري الذي أدانه الاتحاد الإفريقي فور وقوعه، يتميز بتركيز السلطات كلها بين يدي السلطة التنفيذية، وبذلك أفرغ مؤسسات الدولة من دلالاتها وحولها إلى مسميات لا معنى لها».
«وهكذا، تضيف المذكرة، أصبح البرلمان مجرد غرفة وضع، بينما وقعت المنظومة القضائية التي هي حجر الزاوية في دولة القانون، ضحية لهذا الانحراف الاستبدادي».
وانتقدت تنظيم استفتاء الخامس من أغسطس 2017 حول التعديلات الدستورية فأكدت «أن موريتانيا لم تشهد اقتراعا بهذا المستوى من السوء لما اشتمل عليه من تزوير وخروقات بينها الزج بالإدارة الترابية في الحملات بشكل غير مسبوق، والضغط السافر على موظفي الدولة لإرغامهم على الدخول في حزب النظام للتصويت بنعم، واستخدام المال العام لتمويل الحملة الداعية للتصويت بنعم، والعودة بالبلاد إلى عهود ملء صناديق الاقتراع».
«وفي هذا السياق الذي يطبعه تناقص مجال الحريات العمومية، تضيف المعارضة، تتعرض وسائل الإعلام التي تعتبر من دعامات الديمقراطية إلى تقليص ممنهج ومتواصل، فقد أرغمت قنوات التلفزيون الخصوصية على توقيف نشاطها تحت تأثير المضايقات المقصودة والمتعددة الأوجه، ليخلو الميدان للوسائل السمعية البصرية المملوكة للدولة، وبذلك خلا الجو لهذه الأجهزة التي أصبحت حكرا على الحكام لتواصل عزفها المنفرد الممل، مسبحة بحمد الحكام، وموغلة في عبادة الفرد، بدون التفكير في توفير أي مساحة لتعدد الآراء».
وتوقفت المعارضة في مذكرتها أمام الحكامة الاقتصادية المتبعة في موريتانيا، حيث انتقدت سُلُوك النظام في هذا المجال، مؤكدة «أن موريتانيا استفادت خلال هذه العشرية من وضعية جد ملائمة، إثر الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار الحديد والذهب والنحاس، وبذلك ازدادت المداخيل العمومية وقيمة الصادرات بأكثر من الضعف، لكن بالموازاة مع هذه الموارد الاستثنائية واصلت الحكومة الاقتراض لدى المانحين الأجانب، لا سيما الصناديق العربية، بحيث أغرقت البلد بالديون حيث بلغت الديون في مجملها نسبة 100 في المائة من الناتج الداخلي الخام)».»
«وبدلا من وضع نسبة إِنْتِعاش من رقمين، كما يتناسب مع حجم الموارد المعبأة، تضيف المذكرة، ظل متوسط معدل الأزدهار للفترة 2009-2016 يراوح حوالي 3.5 في المائة، أي بنسبة أخفض من متوسط معدل الأزدهار بالنسبة للفترة 2000-2008 الذي كان معدل الأزدهار فيها يصل إلى 4.2 في المائة مع أن الموارد المتوفرة آنذاك لم تكن تبلغ نصف الموارد التي توفرت خلال الفترة 2009- 2016».
وذكرت المعارضة: «وبدلا من تحسين مستوى معيشة المواطنين وضمان انتعاش الاقتصاد الوطني، نلاحظ أن مستوى الفقر قد تفاقم، وأن القوة الشرائية قد انهارت، وأن القطاع الخاص الوطني قد تم تحطيمه، وأن المستثمرين الأجانب قد لاذوا بالفرار، كما تم تحطيم بنية المنظومة المصرفية، وفقـدت العملة المحلية (الأوقية) نسبة 53 في المائة من قيمتها في الفـترة ما بين 2009 و2017».
وأرجعت المذكرة أسباب فشل السياسة الاقتصادية للنظام في جملة أسباب بينها «سوء تسيير الموارد المعدنية والبحرية (الارتجال والرشوة)، والزبونية المتفشية في الصفقات العمومية (أسلوب التراضي وغياب الشفافية كليا، والمحاباة إلى درجة الاقتصار في منح الصفقات على البطانة المقربة)».
وعرضت لمكانة موريتانيا ضمن التصنيفات الدولية لجودة الحاكمية، فأكدت «أن موريتانيا، رغم أوراقها التي كان يمكن أن تكون رابحة، توجد في آخر قوائم التصنيفات الدولية بالنسبة لمؤشرات جودة الحكامة، فقد صنفت في التقرير السنوي الأخير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي باعتبار «مؤشر التنافسية العالمية» في الرتبة 133 من أصل 137 دولة تم تقدير مؤشراتها».
ويجمع المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة الذي أسس سنة 2014، كافة أطياف المعارضة الموريتانية، حيث يتوحد في إطاره ما يناهز العشرين من أحزاب المعارضة، ومنظمات المجتمع المدني والمركزيات النقابية الأساسية في البلد، والشخصيات المستقلة.
ويعمل لتحقيق ثلاثة رؤية أولها وضع البلد على سكة التحول الديمقراطي الحقيقي بواسطة النضال السلمي من أجل توفير الظروف المناسبة للتناوب الديمقراطي عبر تنظيم انتخابات شفافة وذات مصداقية، والثاني ترقية نموذج أصلح من الحكامة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، والثالث الاعتناء الحقيقي بتسوية القضايا المجتمعية الكبرى التي كانت السبب في الأزمات المتكررة التي تهدد وحدة البلاد واستقرارها.
برجاء اذا اعجبك خبر المعارضة الموريتانية تحدر... البلاد أمام منعطف حاسم إما التشاور الوطني وإما الغرق والطوفان قم بمشاركتة الخبر على مواقع التواصل الإجتماعي . يمكنك ايضا متابعة كافة الاخبار عن طريق فيسبوك وتويتر .
الجزائر تايمز