كشفت وثائق داخلية لرابطة علماء موريتانيا عن اتهام مسيّري الرابطة بالمسؤولية عن فساد مالي وإداري خلال السنوات الأخيرة، شمل الاستحواذ على ممتلكات تابعة للرابطة وإنفاقات غير مبررة في ميزانيتها البالغة ما يناهز نصف مليار أوقية.
وبحسب الوثائق التي حصلت عليها الأخبار فإن بعض أعضاء الرابطة أبدوا استياءهم من ما يحصل، داعين إلى تدارك سمعة الرابطة وما ينبغي أن يقدمه مسيروها من أمثلة تحتذى في الشفافية والنزاهة المالية.
اعترافات وتأكيد
وتشير الوثائق التي حصلت عليها الأخبار إلى اعترافات بعض كبار مسؤولي الرابطة وتأكيدهم وجود فساد مالي وإداري في عمليات التسيير، وحمّلوا المسؤولية عنه للمجموعة التي تتولى التسيير، فيما لم يعلن لحد الآن عن إيفاد بعثة تفتيش حكومية لمتابعة الأمر.
وبحسب هذه الوثائق فإن عددًا من أعضاء الرابطة ومنسقيها في ستّ ولايات منذ 14 عامًا، وجهوا أصابع الاتهام إلى كلّ من المرابط ولد محمد الأمين وبي ولد هباز ولد خطاري، وحمّلوهما المسؤولية الكاملة عن ما يحصل.
وعزت الوثائق ظهور فساد مالي في تسيير رابطة علماء موريتانيا إلى تعيين هيئة مسيّرين تتولى مهمة تسيير الرابطة نيابة عن الأمين العام العلامة حمدًا ولد التاه نظرًا لوضعه الصحي الذي يمنعه من مباشرة تفاصيل التسيير اليومي.
فساد بنهَم، وتقاسم أموال
وتحدثت الوثائق عن ما أسمته "فسادًا بنَهم" يتورط فيه مسيّرو الرابطة منذ 2017، دفع بهم إلى الاستحواذ على سيارات رباعية الدفع كانت ملكًا للرابطة، إضافة إلى استئجار سياراتهم الشخصية في رحلات وُصفت بأنها "غير ضرورية".
وتقول الوثائق إن ميزانية الرابطة التي تناهز نصف مليار أوقية يتم استنزافها في أنشطة وهمية ينفق على تكاليف نقل وإقامة وتعويض أتعاب بضعة أشخاص يحضرونها خارج العاصمة نواكشوط أضعاف ما ينفق منها على الأنشطة ذاتها بما فيها تكاليف التنظيم وتعويضات العمال والمشاركين.
وتؤكد الوثائق أن مبالغ مالية معتبرة تعود لرابطة علماء موريتانيا يتم تقاسمها بين أشخاص محدودين بدون مبرّر، من بينها مبلغ 10.000.000 أوقية منحه الرئيس محمد ولد عبد العزيز للرابطة بمناسبة التصويت لصالح التعديلات الدستورية في استفتاء أغسطس الماضي، حيث استفرد ثلاثة من المسيّرين بـ 9 ملايين من هذا المبلغ، فيما تم توزيع المليون الباقي على مجموعات تضم عدة أشخاص.
زبونية، وتراجع في الأداء
وتبدي الوثائق تذمرًا في صفوف عدد من العاملين بالرابطة وشكاوى من تهميش قدماء الأعضاء والمنسقين، واستجلاب عمال جدد توكل إليهم مسؤوليات لا يتوفرون على الخبرة اللازمة لتوليها، وهو ما مكن أسرًا بأكملها من أن تكون ضمن قائمة عمال الرابطة.
وتفيد المعطيات التي حصلت عليها الأخبار أنه تم تقليص رواتب المنسقين الجهويين وتقليص عدد الأشهر التي يتقاضون فيها رواتب خلال السنة، مقابل زيادات في رواتب آخرين يعملون بوظائف غير مؤهلين لتوليها مع منحهم رواتب شهر إضافي سنويا لعلاقات قرابة بالمسيرين.
وتظهر وثيقة خاصة بقوائم عمال رابطة علماء موريتانيا البالغ عددهم 208 أشخاص أن ما يناهز 70 منهم يعملون في وظائف: كاتب وملحق ومتعاون وبواب وحارس ومراقب حرّاس، ما يعني أكثر من نسبة 33% من مجموع عمال الرابطة.
وتقول الوثائق التي حصلت عليها الأخبار إنه وبعد أن كانت الرابطة تصرف مساعدات شهرية لصالح أكثر 300 محظرة لم يعد يستفيد من مساعداتها في الوقت الحالي سوى ثلاث محاظر أنشأها مسيّرو الرابطة خلال عام 2017.
عجزٌ عن الإصلاح
وتقول الوثائق إن العديد من الموظفين والعلماء الأعضاء شكوا لدى الأمين العام للرابطة حمدًا ولد التاه ووزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي أحمد ولد أهل داوود الوضعية التي باتت تعيشها الرابطة جراء استشراء الفساد.
كما حذروا من تبعات ما أسموه "استشراء داء الفساد المالي والإداري" على سمعة الرابطة ورمزيتها بالنسبة للموريتانيّين وغيرهم، داعين إلى انتشالها من ممن وصفوهم بأنهم يدوسون بتصرفاتهم على سمعة ومكانة العلم والعلماء.
ورغم التجاوب مع هذه الشكاوى بتشكيل هيئة مسيّرين جديدة خلال عام 2017 تتولى تسيير الرابطة، فإن ما تصفه الوثائق بنفوذ بعض أعضاء هيئة التسيير السابقة الذين أُبقيَ عليهم ضمن الهيئة الجديدة جعلهم يواصلون الاستحواذ بمفردهم على عمليات التسيير.
الأخبار