تعج شوارع العاصمة نواكشوط هذه الأيام بالعمال اليدويين وعمال النظافة الذين يسابقون الزمن من أجل إكمال الأشغال في البنية التحتية وتجميل واجهات المحلات المطلة على الشوارع الرئيسية وكذا تنظيف الشوارع قبيل انعقاد القمة الأفريقية المرتقبة فاتح يوليو/تموز المقبل بالعاصمة نواكشوط.
ولا يولي العمال البسطاء والمهمشون الذين يعملون ليلا ونهارا في سبيل إنجاح هذه القمة اهتماما كبيرا لمضامينها ولا مخرجاتها، ولا حتى للمشاركين فيها، وإنما همهم الأول هو كيف يؤدون أعمالهم على أحسن وجه، والحصول على مصدر رزق.
مريم بنت محمد خمسينية تسكن في حي "كبة مندز" الشعبي الواقع بالطرف القصي من مقاطعة الميناء، مكلفة بتنظيف أحد أرقى أحياء العاصمة "تفرغ زينة"، قالت في تصريح للجزيرة نت "نرحب بالقادة الأفارقة. كل ما يهمني أنهم ضيوف على موريتانيا وأنا مواطنة".
وعن توقعها من القمة الأفريقية المقبلة، أجابت مريم بأنها لن تستفيد أي شيء من قدوم القادة الأفارقة لنواكشوط "بيد أن ما استجد هو أنه ازدادت فترة عملي وحرمت عطلة الأسبوع، وأصبحت أشتغل سبعة أيام في الأسبوع".
بنت محمد التحقت بالعمل في مجال النظافة منذ سبعة أشهر (الجزيرة)
موسم العمل
بنت محمد التحقت بالعمل في مجال النظافة منذ سبعة أشهر، وتتقاضى 6000 أوقية جديدة (180 دولارا) شهريا، تنفق منها 1200 (نحو 40 دولارا) شهريا على النقل من أجل الوصول لمقر عملها.
تبتسم مريم رغم ارتفاع درجات الحرارة التي تعمل فيها والتي تصل لأربعين درجة مئوية، قائلة "لا أهتم كثيرا بتفاصيل القمة، ومن سيحضر من القادة الأفارقة أو من سيتغيب، ولا الملفات التي ستناقش خلال القمة، أتمنى فعلا نجاحها ما دامت بلادي تستضيفها".
واستغلت حديثها مع الجزيرة نت لتمرير رسالة ذات طابع اجتماعي حيث توجهت إلى جميع فئات المجتمع، ودعتهم إلى المساعدة في الحفاظ على النظافة، "لتخفيف ظروف عملنا القاسية، ومكابدتنا لإزالة القمامات التي تلقى في الشارع".
محمد ولد بوب يحضر لخوض غمار مسابقة ختم الدروس الثانوية العامة (البكالوريا) العام القادم (الجزيرة)
العمل اليومي
الشاب محمد ولد بوب يحضر لخوض غمار ختم الدروس الثانوية العامة (البكالوريا) العام القادم، قدم إلى نواكشوط من مقاطعة كيهيدي (400 كلم جنوبي نواكشوط)، فرضت عليه ظروف أسرته البحث عن فرصة عمل أثناء العطلة الصيفية.
انضم محمد إلى فريق من العمال الحرفيين الذين يعملون بأجرة يومية مقابل جهودهم، ويواكبون تحضيرات القمة الأفريقية في نسختها الحادية والثلاثين.
هذا الشاب الموريتاني الذي يحصل يوميا على أجر يصل إلى حوالي 5.7 دولارات -20% تذهب في مستحقات النقل- تحدث والحماس يعلو محياه عن رغبته في أن تكون بلاده في الموعد، وقال للجزيرة "كل ما يهمني هو أن تنجز صيانة الشوارع في الوقت المحدد قبل قدوم الضيوف، لأننا بلد مضياف ونحتاج إلى أن نثبت ذلك خلال القمة".
عمل مجرَّم
وفي تعليقه على هذا النوع من العمالة، قال رئيس الكونفدرالية الوطنية للشغيلة الموريتانية محمد أحمد ولد السالك إن هذا النمط من العمل الذي تشتغل فيه مريم ومحمد "محرّم وفق اتفاقيات منظمة الشغل العالمية، ووفق القوانين الموريتانية، ويلجأ إليه العمال الفقراء لسد حاجتهم اليومية، ويفضلونه على العقود لأنه يسد خلتهم اليومية".
وأضاف ولد السالك في حديث للجزيرة نت أن "هذا النوع يسمى العمالة الهشة ولا يتوفر من يعمل فيها على الضمان الصحي، ولا على ظروف عمل قانونية، وفي الغالب يستغل عدم وعيهم النقابي وعدم اهتمامهم بحقوقهم لإرغامهم على هذا النوع من الأعمال الشاقة دون دفع مقابلها الحقيقي".
الجزيرة