أفادت مصادر مغربية أن وحدات من الجيش المغربي انتشرت في مناطق قريبة من المنطقة العازلة التي تبلغ 5 كلم غرب الجدار الامني الذي تشيده القوات المغربية حول الصحراء الغربية وذلك في ظل أجواء توتر بعد تحركات لجبهة البوليساريو في المنطقة الواقعة شرق الجدار.
وقالت صحيفة المساء المغربية ان المفتشية العامة للقوات المسلحة المغربية أصدرت أوامر بانتقال وحدات تابعة للجيش والمشاة وفرق الدرك الحربي إلى مناطق جديدة قريبة من المنطقة العازلة في الصحراء، من بينها المعبر الجديد الذي فتحته موريتانيا مع الجزائر «شوم تندوف».
وأوضحت الصحيفة أن التحرك العسكري المغربي جاء بعد الخطوة التصعيدية التي قامت بها جبهة البوليساريو وقامت بمناورات في منطقة تفاريتي، وهي الخطوة التي استنفرت الدبلوماسية المغربية التي راسلت الأمين العام للأمم المتحدة وبعثة «مينورسو» من أجل دق ناقوس الخطر. وتم إعطاء تعليمات للوحدات العسكرية في شبة القطاع العسكري بئر كندوز وتشلا وأوسرد، من أجل الرد بحزم على أي استفزازات تستهدف القوات المغربية والبنيات العسكرية على الشريط الحدودي مع موريتانيا.
وكشفت الصحيفة عن عقد قائد المنطقة الجنوبية سلسلة من الاجتماعات مع المسؤولين العسكريين في المنطقة الجنوبية لمناقشة التوترات الموجودة في المنطقة العازلة، عقب تحركات جبهة البوليساريو التي «تتحدى القرار الأخير لمجلس الأمن، واتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع المملكة المغربية عام 1991 تحت إشراف منظمة الأمم المتّحدة».
واحتفلت جبهة البوليساريو يوم الـ20 من شهر مايو الجاري، بالذكرى الـ45 لتأسيسها وإطلاق حربها بداية ضد القوات الاسبانية التي كانت تحتل الصحراء الغربية ثم ضد الجيش المغربي بعد خروج اسبانيا من المنطقة وعودتها للمغرب.
وجاءت احتقالات الجبهة، التي لا تزال ترفض أية تسوية تنتقص من إقامة دولة مستقلة على المنطقة، في وقت ما زالت تسوية النزاع تعرف جموداً والأمم المتحدة لم تتجاوز القرارات والبلاغات إذا ما غيمت الأجواء وتلبدت بتوتر، وهي حال المنطقة منذ عدة اسابيع، بعد كشف المملكة المغربية عن تحركات للجبهة يصفها بالانتهاك لاتفاقية وقف إطلاق النار بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو رقم1 الموقعة عام 1991 تحت رعاية الأمم المتحدة. وتضمنت احتفالات الجبهة التي نظمت في بلدة تيفاريتي شرق الجدار الأمني، عرضا عسكريا ونشاطات رياضية وتعطيل ألغام ضد الأفراد، وحملت ابعاداً سياسية إذ تريد الجبهة «ترسيخ» ان المناطق شرق الجدار «مناطق محررة» وتمارس عليها السيادة فيما يقول المملكة المغربية أنها مناطق عازلة وتحت إشراف الأمم المتحدة.
وقرأ المملكة المغربية جيداً الأبعاد السياسية لاحتفالات تيفاريتي التي ليست الأولى من نوعها، لكنها توجت هذه السنة بنقل الجبهة مؤسساتها الرسمية (رئاسة الجمهورية ووزارة الدفاع) ولاجئين صحراويين من مخيمات تندوف بالجزائر الى شرق الجدار، لاستكمال الجبهة لمقومات «جمهوريتها» المعلنة من طرف واحد منذ 1976 بحيازة إقليم (أرض) تمارس عليه «سيادتها». وصعّد المملكة المغربية انتقادته لتحركات الجبهة وتقدم برسائل احتجاج رسمية للأمم المتحدة قبل اصدار مجلس الأمن الدولي قراره رقم 2414 ذات الصلة بالنزاع نهاية ابريل الماضي الذي حث فيه أطراف النزاع بعدم تبديل الواقع الراهن ، وأكد على إلزام جبهة البولبساريو بسحب دورياتها المسلحة من منطقة الكركرات على الحدود الموريتانية المغربية جنوب الجدار.
كما لوّح بامكانية استخدامه الهجمات العسكرية لتدمير منشآت الجبهة في المنطقة، وتحدثت وسائل إعلام مغربية عن تحركات عسكرية مغربية وحشودات كما كشفت عن مناورات عسكرية قام ها الجيش المغربي.
وأكد المملكة المغربية في رسالته للأمين العام للأمم المتحدة، الاسبوع الماضي، بضرورة إلزام جبهة البوليساريو بعدم تبديل الواقع القائم شرق الجدار، وأوحت بضرورة تطبيق ما ورد في القرار 2414 بشان الكركات على منطقة تيفاريتي وبير لحلو شرق الجدار. وتميز موقف نيويورك بالغموض بل ان قيادة بعثتها في المنطقة (مينورسيو) شاركت باحتفالات تيفاريتي الى جانب سفراء الدول التي تعترف بالجمهورية الصحراوية، وتقول جبهة البوليساريو ان تيفاريتي وبير لحلو تقع خارج المنطقة العازلة (على بعد 90 و80 كلم من الجدار) وهي المنطقة المحددة بـ5 كلم شرق وغرب الجدار ويحظر فيها التحركات العسكرية.
أجواء المنطقة وانعكاسات احتفالات جبهة البوليساريو في تيفاريتي، ظهرت واضحة في حملة اعلامية ودبلوماسية مغربية ضد الجزائر، الداعم الأساسي لجبهة البوليساريو ويحملها المملكة المغربية مسؤولية النزاع وتطوراته. وأدخل المملكة المغربية إيران على خط النزاع الصحراوي بقطع، فجأة، علاقاته الدبلوماسية مع طهران، على خلفية ما قاله عن دعم حزب الله لجبهة البوليساريو عبر السفارة الايرانية في الجزائر و»تدريب وتسليح» عناصر الجبهة، بمساعدة من إيران، على الأراضي الجزائرية، بتندوف.
ونفت إيران الاتهامات المغربية وقالت ان الاجراء المغربي جاء نتيجة ضغوط إقليمية مورست عليه، وأشارت الى دول الخليج والولايات المتحدة. وأكد ألامين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، عدم وجود «علاقة سياسية أو تواصل»، بين حزبه وجبهة البوليساريو. وأبرزت وسائل الإعلام المغربية ما قاله نصر الله في خطاب تلفزيوني، مساء أول أمس الجمعة: «لا علاقة سياسية لحزب الله مع البوليساريو وليس هناك أي تواصل بين الجانبين..». وأضاف: «ان وزير الخارجية المغربي توجه إلى إيران وقدم ملفاً إلى وزير خارجيتها حول جبهة البوليساريو، لكنه لم يقدم، في الحقيقة، حتى دليلاً واحداً على وجود علاقة بين حزب الله وجبهة البوليساريو».
وأكد المملكة المغربية هذه العلاقة وقال وزير خارجيته ناصر بوريطة، أن حزب الله بدأ ثأره من المملكة المغربية، بعد اعتقال قاسم محمد تاج الدين في مطار الدار البيضاء بناء على مذكرة اعتقال دولية صادرة عن الولايات المتحدة الأمريكية تتهمه بتبييض الأموال والإرهاب. واضاف أن حزب الله أرسل بعد هذا الاعتقال «أسلحة وكوادر عسكرية إلى تندوف لتدريب عناصر من جبهة البوليساريو على حرب العصابات وتكوين فرق كوماندوز وتحضير عمليات عدائية ضد المملكة المغربية»، مؤكداً إرسال صواريخ «سام 9» و«سام 11» أخيراً إلى الجبهة.