دعت الشبكة الموريتانية للمنظمات غير الحكومية الناشطة في مجال الأمن الغذائي، أمس السلطات الحكومية إلى الإسراع بتنفيذ خطة استعجالية شاملة لمواجهة مجاعة يعانيها الآلاف ولتدارك ما تبقى من الثروة الحيوانية الموريتانية التي تواجه منذ أشهر انعداماً حاداً للمراعي بسبب نقص الأمطار والأعلاف وغلاء أسعارها.
وأكدت في مذكرة وزعتها أمس «أن على الحكومة الموريتانية الإسراع في تنفيذ خطة الاستعجال التي وضعتها لإغاثة السكان الذين يواجهون مجاعة غير مسبوقة، داعية «للتركيز على المواطنين الفقراء الأكثر هشاشة كالمسنين والأطفال والحوامل والمراضع».
ودعت «السلطات إلى بذل المزيد من الجهود لحماية المواشي التي يعتمد عليها 80% من السكان الموريتانيين في حياتهم اليومية، وذلك بتوفير الأعلاف وتهيئة أدوات تسيير الوسط الرعوي الهش، وتوفير المزيد من نقاط الماء».
وأوضحت الشبكة في مذكرتها «أن الوسط البيئي الموريتاني مهدد بقطع المنمين للأشجار من أجل تعليف مواشيهم».
ولاحظت «أن موسم الأمطار لعامي 2017/2018 قد تميز بعجز كبير مقارنة مع الموسم الطبيعي، حيث بلغ العجز السنة الحالية نسبة 52% في بعض المحطات مقارنة مع العام الماضي، ونسبة 39% مقارنة مع السنوات الطبيعية (1981-2010)».
ونجم عن هذا العجز نقص حاد في المراعي في المناطق ذات الكثافة الحيوانية، مضافا لمحدودية نقاط الماء بفعل ندرة المياه الجوفية ونضوب الآبار.
وكان برنامج الغذاء العالمي قد دق مؤخراً ناقوس الخطر إزاء معاناة أكثر من أربعمئة ألف مواطن موريتاني من المجاعة بسبب نقص الأمطار وطول فترة الصيف المتواصلة منذ خريف 2017.
وأعلن البرنامج عن انطلاق عمليات توزيع على السكان الذين يواجهون جفافا غير مسبوق قضى على معظم مواشيهم واضطرهم لتعليف أبقارهم بالملابس المقطعة، وحرمهم من قوتهم اليومي.
وخصصت السلطات الموريتانية برنامجا استعجاليا لمساعدة المتضررين بغلاف مالي يبلغ 41 مليار أوقية موريتانية (حوالي 160 مليون دولار)، غير أن حجم الكارثة أوسع مما كان متوقعا.
وأكد برنامج الغذاء العالمي «أن العجز الكبير في أمطار 2017 جعل موريتانيا شأنها دول الساحل الأخرى، تتعرض لأخطر موسم جفاف عرفته في تاريخها»، ذلك «أن الأمطار القليلة التي شهدها الموسم الماضي، يضيف البرنامج، والتي كانت سيئة التوزيع، أثرت على الإنتاج الزراعي وعلى المواشي، وهو وضع تتطلب مواجهته تضافرا سريعا لجهود الحكومة وشركاء موريتانيا».
وأضاف «أن فرق الإسعاف التابعة له بدأت عمليات توزيع الأغذية وتحويل المصاريف المالية وتقسيم مكملات الغذاء لصالح السكان المتضررين».
وأوضح البرنامج «أنه سيوفر في مرحلة أولى المساعدة ل 65 ألف متضرر عبر عمليات توزيع شهرية لفائدة سكان مدن كيهيدي وسيليبابي والنعمة في جنوب وجنوب شرق موريتانيا، على أن يقوم في مرحلة تالية ما بين يونيو وسبتمبر 2018، بتوسيع تدخله داخل مقاطعات أخرى لصالح 221 ألف متضرر بالجفاف وسوء التغذية، ليصل إجمالي عدد المستفيدين إلى 427 ألف مواطن وذلك حسب التمويلات الموجودة لدى البرنامج والتي سيتلقاها البرنامج من المانحين».
وأكد جان نويل جانتيل ممثل برنامج الغذاء العالمي في موريتانيا «أن ضعف الأمطار وسوء توزيعها، يؤثران تأثيرا كبيرا على الإنتاج الزراعي والرعوي، ويعرضان السكان للهشاشة والضعف والأمراض وسوء الغذاء».
وقال «يعمل برنامج الغذاء على إنقاذ ما يمكن إنقاذه من السكان ومن أجل توفير الغذاء خلال هذه الفترة الحرجة، إلى جانب عمله لتحديد الأسباب واقتراح الحلول ذات المدى البعيد».
وأشار إلى «أن ما يقوم به برنامج الغذاء العالمي، تكميل لجهود الحكومة وللمنظمات الإنسانية لمواجهة الكارثة».
وأكد أن «كلفة هذا التدخل تقدر ب 200 مليون دولار بينها 32 مليون مساهمة من برنامج الغذاء».
وأوضح جان نويل جانتيل «أن برنامج الغذاء العالمي يحتاج لمبلغ 29 مليون دولار لتمويل عمليات استجلاب المساعدات ونقلها وتوزيعها على المتضررين».
وعرفت موريتانيا أسوأ موجة جفاف عبر تاريخها نهاية ستينيات القرن الماضي، إذ تسببت في نزوح آلاف السكان من الأوساط القروية إلى المدن، كما عرفت منتصف الثمانينيات موجة جفاف قاسية أخرى تسببت في العديد من المشاكل الاقتصادية والمعيشية للسكان. وتقدر الثروة الحيوانية في موريتانيا بنحو 16.4 مليون رأس من الضأن والماعز و1.4 مليون رأس من الأبقار و1.4 مليون رأس من الإبل، وتساهم بشكل معتبر في الاقتصاد المحلي، كما توفر عدداً هاماً من فرص العمل.