أدت مشاركة قام بها المدون الموريتاني الشهير حمزة الفيلالي لفتوى أكد فيها العالم الموريتاني الشيخ محمد الحسن الددو تكفيره لبشار الأسد ومعمر القذافي، إلى إشعال جدل محموم على صفحات التواصل بين أنصار الشيخ من نشطاء الإخوان المسلمين وخصومهم من البعثيين والقذافيين.
وكان الشيخ الددو الذي يتمتع بصيت علمي كبير في موريتانيا وخارجها والمحسوب هنا على الإخوان، قد أكد في حلقة سابقة من برنامج «المقابلة» الذي كان يقدمه الصحافي السعودي علي الظفيري، أنه يكفر القذافي وبشار الأسد لكونهما ينكران عقائد معلومة من الدين بالضرورة.
وقال «كفرنا القذافي لأنه يقول بأن القرآن لا بد من حذف أشياء منه، ولأنه يقول بأنه لا بد من حذف كلمة «قل» جميعها من القرآن، كما كفرنا القذافي لأنه يقول بأنه ليس هناك دليل على أن صلاة الظهر أربع ركعات ولا على أن المغرب ثلاث ركعات، وهذا إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة وهو كفر بالإجماع عند جميع المسلمين، والقذافي أيضا يقول في تسجيل موجود بصوته وصورته «أن الله ليس عليما بكل شيء، فالله لا يعرف الفرنسية»، وهذا كلام ساذج وكفر».
وعن بشار قال الشيخ الددو «إن الشخص الذي يعتقد بأن محمدا صلى الله عليه وسلم ليس هو الرسول وليس هو المعصوم وليس هو خاتم الرسل، كافر بالإجماع».
وأكد «أن التكفير عنده لا يكون إلا بالأمور الإجماعية وليس بالأمور الخلافية، وعلى هذا الأساس فالقذافي وبشار كافران لإنكارهما عقائد مجمعا عليها».
وكانت المدونة الموريتانية الشهيرة المعروفة بلقب «الدهماء»، أول من علق بقوة على هذه الفتوى التي استجد النقاش حولها بعد مشاركتها على صفحة حمزة الفيلالي.
ففي تدوينة نشرت تحت عنوان «الشيخ الددو، والجهاد بسلاح التكفير»، أكدت الدهماء
أنه «من نَكَد الدّنيا المُمِل أن نضطر اليوم للكتابة عن «الربيع العربي» وعن دور الإخوان، وأن نُشهد للمرة الألف على «خَوَارجِيَّتنا»، وأضافت «أكره حتّى مجرّد التعليق عليه! …ولكن».
«ما زلتُ عاجزة عن التَّعود على لهجة التكفير، تقول الدهماء، وعجزي اليوم أكبر عن استيعاب أن يكون العلامة محمد الحسن ولد الددو بحسِّه الديني النَّفاذ هو المُكَفِّر، ولا أستسيغ أن يكون مفخرتنا محسوبًا على فكرٍ متطرفٍ، يَسحب معه مجموعة من معصوبي الأعين بعواطفهم لتحقيق أحلام مؤجلة أو متلكئة لجماعة الإخوان».
وشددت الدهماء نقدها للإخوان قائلة «الجماعة تَستغل نجوم «ماركتينغ ديني» من أمثال العلامة الددو لتسويق تضليلها الأقدس في كونها لا تسعى الى الحكم، في الوقت الذي لا شاغل لها إلا العمل السياسي والإرهابي الذي لا يستهدف غير الحكم وأمور الدّنيا لا أمور الدّين»»
«كَفِّر الشيخ الددو، تقول الدهماء، الراحل معمر القذافي بما لم نسمع منه ولا عنه، وكَفِّر بشار بإكليشيهات عن طائفته، ويُطالب باحترام القوانين والتزام ضوابطها اتجاه من يحكمون بالحق الإلهي في الخليج، شيخي، وهل سَرْبَلهم الله رداء الحُكم؟، في حين أغتصب المظفر بشار والشهيد القذافي الحكم ضد إرادة الرعية، وهما «قَدَرٌ» غير مرغوب لا يُنجِّيها منه إلا قدر شرعي مضاد، هو الموت أو الاغتيال على يد كتائب الإخوان أو قنابل الناتو! ؟.»
وخاطبت الدهماء الشيخ الددو قائلة «يُؤلمني، شيخي، أن تدفع بك «الجماعة» لتَعْرض ضميرك، ومُتون أسلافك الصالحين، وأرواح الضحايا الأبرياء، سلعة في أسواق النفط، فالسّلعة لا بد مطابقة، لمزاج مشتريها، لأسواقه وأذواقه.».
ورد المدون سيدي محمد المهدي على الدهماء قائلا «يبدو أن موقفك الناقم من جماعة الإخوان المسلمين وسخطك على أحداث الربيع العربي ولد هذا التحامل شديد اللهجة على العلامة محمد الحسن ولد الددو فحديثك عن الثورة والتكفير، تحديدا القذافي وبشار افتقد للموضوعية والدقة، فالشيخ لم يكفرهما من فراغ وهناك أدلة دامغة على كفرهما الصريح أهمها إنكار ما علم من الدين ضرورة».
وأضاف «هناك أقوال وممارسات تخرج صاحبها من الملة ومن لا يعرفها عليه مراجعة خلفيته الدينية، هذا بالنسبة للتكفير، أما عن الإخوان فوصفهم بالمتطرفين و«الخوارجية» كلام صهيوني وترديد ببغائي لكلام أفخاي أدرعي وعمال محطات الوقود الخليجية، لذلك هناك فرق شاسع بين النقد الموضوعي والتحامل الأعمى».
وتابع المهدي رده على الدهماء مضيفا «لم تجد هذه الأمة أكثر دموية من الحاكم المستبد أمثال القذافي وبشار الأسد ومن لف لفهما، وكل الحركات الإرهابية اليوم إفراز طبيعي لطغيانهم وغطرستهم».
وعلق المدون شيخان الشيخ على فتوى التكفير بقوله «هذا الرجل (الددو)، لا خلاف ولا اختلاف في علمه وأنه من أعلم الناس، ولكن اتضح جليا بأنه لم يعد كما عهدناه بسبب موالاته للإخوان وتسيسه وإن كان هذا ليس بعيب ولكن أيضا الشيخ الددو داعية ورجل دين وليس نبيا، ويمكن أن نناقش آراءه».
ودخل في معمعة هذا الجدل المدون يحي حامد الذي خاطب الشيخ الددو بقوله «يا شيخ هل تكفير المسلمين جائز بإجماع المسلمين، حتى إذا كان الدليل غير صحيح ومختلق من أجل إلحاق الكفر بهذا المسلم؛ اتق ربك يا ولد الددو».
ويتواصل هذا الجدل الساخن في اتجاهين أحدهما مؤيد للشيخ الددو في تكفيره للطاغيتين، والثاني ينقض ذلك متحاملاً على الشيخ الددو وعلى جماعة الإخوان، والذي يتضح من خلال تدفق التعليقات أن هذا النقاش قد يطول بل قد لا ينتهي.
«القدس العربي»