استمعت بمرارة لتسجيلات الشيخ علي الرضى الصعيدي، والتي يطالب في أحدها دائنيه بالترفق به ويقسم فيها بالله العلي العظيم على أنه يعمل جاهدا على سداد تلك الديون وفق الآجال المحددة بينه وبين أصحابها. ثم يعرج باستحياء على حاجته وعدم ترفعه عن كافة أنواع التبرعات والدعم سواء كانت هدية أم "صدقة" ومهما كانت طبيعتها
شخصيا لم أتشرف بمقابلة الشيخ ولم أعرفه من قبل، لكنني سمعت عنه كل خير، من ورع وتقوى وزهد وإقبال على الطاعات، كما أعرف بعض المقربين منه ممن أشهد لهم بالتواضع والأمانة وحسن الخلق.
والواقع أن ما يمكن تسميته بالظهور الإعلامي والتجاري الكبير للشيخ الشريف الصعيدي، فرج الله كربه، قد بدأ عمليا في فترة لاحقة من حكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز، واطلاق نشاطاته من خلال ندوات "المنتدى العالمي لنصرة رسول الله" صلى الله عليه وآله وسلم. ولا يمكنني الربط بين ظهور الشريف وبدء حكم عزيز ثم إفلاس الأنشطة التجارية لمكتب الشيخ الشريف مع اقترابنا من نهاية المأمورية الأخيرة لرئيس الجمهورية، لكنني عمليا أستطيع القول إن بعض رجال الشريف الصعيدي، حفظه الله وفرج كربه، أصبحوا نافذين في الفترة الحالية، سواء كانوا من رجال الأعمال أو من المثقفين، وهو ما يعني للبسطاء أن للشريف أهمية ومكانة معتبرة لدى القصر الرئاسي، فهل ما زالت كما كانت عليه؟.
أسئلة مهمة تطرح نفسها بإلحاح حول ظاهرة الاتجار بالعقارات والمنقولات، من خلال عمليات شرائها بالدين وبأسعار مرتفعة وبيعها بأسعار عاجلة لكنها رمزية، فالنسبة لكل ممارسي مهنة التجارة لا يمكن تكرار عمليات من هذا النوع دون الوقوع في مخاطر الإفلاس المبكر إلا إذا كان ثمة ضامن لربح مضاعف للمبالغ الزهيدة المتحصل عليها من عمليات بيع العقارات والسيارات التي يتم شراؤها بأسعار باهظة؟
ولعل السؤال الأول الذي يطرح نفسه بالنسبة لمن يبحثون عن أحسن المخارج للشيخ الشريف هو: هل استدان كل هذه المبالغ انتظارا لتمويل ندوات "المنتدى العالمي" لنصرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، الذي يرأسه، وكان يتوقع الحصول على تمويلات ودعما من جهات داخلية وخارجية يمكن أن تغطي الخسائر الحاصلة في عمليات البيع بأسعار رمزية ؟ ربما.
ثم، أين ذهبت كل تلك المبالغ التي حصل عليها مكتب الشيخ ومساعدوه من عائدات بيع العقارات والمنقولات؟ ألم يتبق منها ما يسدد جزء ولو يسيرا من الديون التي تجاوزت، حسب بعض التقديرات، 76 مليار أوقية قديمة؟
وهل وصل الإفلاس بالشيخ الشريف درجة الاعتماد على ناقتين أو بضعة نوق للنفقة على نفسه وعياله من عائدات بيع لبنها؟!
وما الذي يدفع رجلا في مكانة الشريف العلمية أن يطلب "الصدقة" التي لا تجوز لرسول الله ولا لآل بيته الأطهار أصلا؟ أم أن حال الأمة وغياب النسبة المخصصة لآل البيت النبوي من بيت مال المسلمين "الخزانة العامة" جعلت الشيخ الشريف يعتبرها مثل الهدية ولا يستنكف عنها؟
ولعل مما يخشاه جل المتابعين لحالة الشريف الصعيدي هي أن يكون هناك من استغل طيبة الرجل وصفاء سريرته ليحقق مآرب دنيوية باسمه وعلى حسابه ويتركه في هذه الوضعية الصعبة التي أضرت به مثلما اضرت بآلاف المواطنين الفقراء والمتوسطين والأغنياء على حد سواء وأثرت بشكل كبير على سوق العقارات والبورصات وأضرت بالعاملين فيها.
أتمنى أن يسارع أهل الخير من داخل البلاد وخارجها إلى مساعدة الشيخ علي الرضى الصعيدي عبر تقديم الدعم الذي يمكنه من سداد الديون المستحقة عليه والتفريج عن أصحابها الذين يعيشون ظروفا صعبة نتيجة لعلامات الاستفهام التي تطرح نفسها حول مصير مستحقاتهم التي لا شك أنهم عولوا عليها في معاملاتهم اليومية وربما أبرموا صفقات في انتظارها.
كما أن رجال النظام المقربين من الشريف مطالبون بدورهم بتقديم ما يلزم من دعم وتسهيلات من شأنها حل هذا الإشكال الذي تضرر منه الكثيرون.
كان الله في عون الشريف علي الرضى ويسر أمره وفرج عنه وعن دائنيه.
أحمد.م.أ