دعا وزير الاقتصاد والمالية المختار ولد اجاي جماهير سكان مقطع لحجار إلى العمل على تمرير التعديلات الدستورية بنسب مرتفعة، خلال تجمع جماهيري حاشد نظمه أطر ومنتخبو المقاطعة بدار الشباب القديمة في نواكشوط مساء أمس.
وقال ولد أجاي: " بهذا وبهذا وحده سنقطع كل الشراك، وسنفشل كل المحاولات التي تحاول أن تعيق هذه المسيرة، وسيساعد هذا العمل ؤلائك الذين يقاومون الحقيقة ، وسنعطيهم فرصة للرجوع إلى رشدهم، وسيعلمون أن كل ما وسوس لهم به البعض مجرد سراب، وستكون أحسن خدمة نقدمها للطبقة السياسية الموالية والمعارضة، وكذلك أحسن فرصة لمن يريد لهذا البلد أن يؤسس تأسيسا صحيحا، ولكل من يحب لهذا البلد أن يؤسس على حقائق يمكن أن نتفق عليها جميعا، على أساس الوحدة الوطنية، على أساس رد المظالم، على أساس تضميد جراح الماضي، وأن نتفرغ للمشاكل الحقيقة التي يعاني منها البلد، من مشاكل وحدة وطنية وحيف واظلم، وايضا لمشاكل المدرسة الموريتانية، ومشاكل الاقتصاد الموريتاني، ومشاكل بطالة الشباب ، وأخيرا مشاكل استغلال ثروات هذا البلد".
وأكد الوزير موجها خطابه للرافضين للتعديلات:" آن لهم أن يتركونا نشتغل في هذه الورشات".
وأضاف الوزير أنه بتصويت سكان المقاطعة المكثف لهذه الإصلاحات الدستورية سيعطونهم درسا نهائيا، ودعا المعارضين للتعديلات إلى الاعتذار والتوجه إلى أحضان بلدهم ويتركوا خُلص هذا البلد ليشتغلوا في هذه الورشات بإخلاص.
وكان زير الاقتصاد والمالية خلال خطابه قد اتهم البعض بالوقوف وراء إطلاق دعاية مغرضة ضد الإصلاحات في البلد، من خلال الادعاء بأن رئيس الجمهورية وحكومته ونظامه يحاولون القيام بانقلاب من أجل تمرير هذه التعديلات الدستورية، وأن البلد بحاجة للأموال التي ستنفق على هذا الحملة لتوجه إلى التنمية، وأن هذه التعديلات تمس بالمقدسات الوطنية،وأنها تهدف إلى إلغاء محكمة العدل السامية من أجل الحيلولة دون محاكمة رئيس وجمهورية وحكومته.
وتساءل الوزير عن أي منطق يجعل من الذهاب إلى الشعب للاستفتاء انقلابا على إرادة الشعب؟
وقال : " إن رئيس الجمهورية و الطبقة السياسية التي شاركت في الحوار ارتأت أن تذهب إلى الشعب الموريتاني ليقول كلمته في هذه التعديلات، أي نوع من الانقلابات هذا؟ من ينقلب على من ؟ إنه ليس انقلابا بل هي الديمقراطية في أحسن تجلياتها، انه استشارة الشعب وأخذ رأي الشعب، الشعب الموريتاني له الكلمة الفصل".
وأوضح الوزير أنه بعد تعذر تمرير التعديلات الدستورية عبر البرلمان أردنا أن نتوجه إلى الشعب، والشعب هو الحكم، وأكد قائلا: "أعتقد أن هذه الدعاية ساقطة".
وبخصوص حاجات الشعب إلى مسائل أخرى غير التعديلات الدستورية قال:" لقد برهن الماضي القريب أننا الأعرف بحاجات الشعب، لن تتعطل قاطرة التنمية دقيقة واحدة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، سيسمر تنفيذ المشاريع بنفس العنفوان والقوة والجهد والديناميكية".
وبين الوزير أن الحكومة هي من أٌقترح أن تأخذ التعديلات الدستورية الطريق الأقل تكلفة من خلال المؤتمر البرلماني لكن الجهات الأخرى هي من عارضت ذلك، ومن يحاول التشويش على ذلك، وعمل على محاولة إسقاطه.
وقال الوزير:" نحن نقبل بالديمقراطية ونحترم المؤسسات الديمقراطية، لكن مبادئ الديمقراطية والدستور الموريتاني يسمحان لنا باستشارة الشعب الموريتاني من خلال استفتاء عام."
وأكد الوزير أن وضع الاقتصاد الموريتاني وميزانية البلد يسمحان بأن تفي الحكومة وأن تفي الدولة بكل التزام وطني لهذا البلد، وقال: " لقد ولى الزمن الذي تستجدى فيه الحكومة تمويل الانتخابات كما كانوا يعتقدون أننا سنفعل". وشدد على أننا لم نعد نأخذ رأي الغير في قراراتنا المصيرية كما أكد فخامة رئيس الجمهورية خلال مؤتمره الصحفي الأخير.
وقد بشر الوزير الجماهير التي تلقت بشارته بتصفيق حار، أن التنمية لن تتوقف، وأكد أن خيار الاستفتاء لم يكن خيار الحكومة لأنها اعتبرت أن طريق البرلمان الأفضل للبلد والأقل ثمنا.
وعن المساس برموز البلد، أكد أن هذا النظام هو من يسعى لأن يعطي للرموز رمزيتها الفعلية، وأن هذا النظام هو من يرعى رموز هذا البلد، ويريد لهذه الرموز أن تكون رمزا لكل الموريتانيين من خلال فتح النقاش بينهم حول رمزية رموزهم، ومن أقدس الرموز سبيل الشهداء والمقاومة، وأن نعلن عن استعددنا من خلال لون معروف، أننا مستعدون للتضحية من أجل هذا البلد بأغلى ما نملك وهو الدم الذي يرمز له باللون الأحمر.
وتساءل الوزير هل نحن بدع من دول العالم، كل دول الجوار دون استثناء تحمل أعلامها اللون الأحمر، كل الدول العربية 22 دولة تحمل أعلامها هذا اللون باستثناء ثلاث أو أربع بلدان، كل دول العالم أيضا باستثناء 18 بلد على ما أظن يخلوا علمها من اللون الأحمر.
ما معنى ذلك؟ إنها رموز لهؤلاء، لقد أردنا أن نعزز رمزية علمنا الذي نحن مستعدون أن نموت دونه، إذا أراده الشعب الموريتاني "فبها ونعمة"، وإذا أراد أن يبقي على العلم الحالي فسيكون كما كان دائما، سنموت دونه ونتحمل كل شيء دفاع عنه.
وعن محكمة العدل السامية قال الوزير إن إلغاءها لم يكن مطلبا للحكومة ولا الأغلبية، وأن الاتهام بالخوف من المحاكمة يستدعى السؤال متى كنا نخاف؟ هل من تحلى بالشجاعة حين قرر محاربة الفساد والمفسدين وطرد سفارة الكيان الصهيوني يمكن أن يتهم بالخوف، بل لا يمكن أن يكون في قاموسه الخوف؟
ودعا مناوئي التعديلات إلى الرجوع للحقيقة لأن هذا المحكمة لم تُفعل قبل هذا النظام من إنشاء دستور 1991، وأكد أن هذه المحكمة ستبقى وستفعل لكن المشاركين في الحوار ارتأوا أن الجمع بين سلطة الاتهام والإدانة لا معنى له لدى جهة واحدة، وبما أن سلطة الاتهام لدى البرلمان فيجب أن تحال سلطة الإدانة لجهة مغايرة وهذا ما تم حيث أحيلت هذه السلطة في التعديلات إلى المحكمة العليا بكل صلاحياتها الدستورية.
وخلص الوزير إلى أن هذه التعديلات الدستورية هي جرعة جديدة من سلسلة الإصلاحات السياسية والمؤسسية التي تعزز الترسانة الديمقراطية والمؤسسات التنموية في البلد هذا هو هدفها، والقيام بها لا يعني التخلي عن المسار التنموي ولا ترك الأولويات.
وأكد الوزير في حديثه الموجه إلى سكان مكطع لحجار ضرورة التعبئة المستمرة في سبيل استغلال الفرصة التي وفر لهم البعض من حيث لا يدري، داعيا إلى استغلالها أحسن استغلال من خلال إرسال رسائل حاسمة تفيد أن مسيرة الإصلاح ستشهد عنفوان جديدا واندفاعا وانطلاقة جديدة.