نعتذر لأخوتنا الموريتانيين.. اللهم لا نسألك رد شباط ولكن نسألك اللطف فيه!
في وقت يقف المغرب على شفى حفرة من الحرب مع البوليزاريو وموريتانيا حيث تفرق الجيشين أمتار معدودة مصوبين أسلحتهما على بعضهما البعض بمنطقة الكركرات بالحدود المغربية الموريتانية.. ويجوب المغرب لأسابع مخبرون وديبلوماسيون أمريكان يتفاوضون لمنع ما قد يثير إطلاق النار الذي تم وقفه منذ عام 1991 برعاية الأمم المتحدة ومراقبة المينورسو.. وتحاول جمعيات مغربية وأجنبية منذ أسابيع تهدئة الوضع الذي إن انقلب إلى حرب سيعود بكارثة على المنطقة والقارة وطريقة معبدة لدخول داعش من أوسع الأبواب.. يخرج علينا الزعيم المفدى شباط القذافي ـ أمين عام حزب الاستقلال ـ بتصريح وصفه الاستقلاليون من أتباعه ب”الناري” يصف الأراضي الموريتانية بالأراضي المغربية يكاد يوقظ أزمة ديبلوماسية بين البلدين لطالما ظلت صامتة، اللهم أن نائب رئيس مجلس النواب الموريتاني الخليل ولد الطيب وصف تصريحات شباط بأنها: “تافهة لا تستحق الرد، وصاحبها مصاب بالخرف.” وخرج اليوم الحزب الحاكم الموريتاني ببلاغ يرد على ما أسموه “التصريحات الاستفزازية لشباط”:
“تقديرا لعلاقات تاريخية راسخة وحفاظا على أواصر محبة وإخاء بين شعبين شقيقين.. اليوم وقد وصل الأمر إلى هذا الحد وتكلم “حميد شباط” في أمر لا يدرك أبعاده ولا يسعه مستواه السياسي ولا الثقافي التاريخي للخوض فيه، فسياسيا لا يعدو كلامه عن تبعية موريتانيا للمغرب محاولة لتصدير أزمات وإخفاقات حزبية ومحلية داخلية.. إن حديث حميد شباط بالأمس ينم عن صفاقة وانحطاط إلى قاع الإفلاس السياسي وغياب للرؤية الاستراتيجية لامثيل له تعاني منه نخب مغربية أفلست ووضعت المغرب في عزلة وحالة توتر مع كل جيرانه، ولذلك لفظها الشعب المغربي في كل استحقاق رغم قوة السلطة ونفوذ المال السياسي. إن التطاول على سيادتنا واستقلالنا لن يكون أحسن الطرق للتعاطي مع القضايا والملفات الساخنة ولن يدفع بالنزاع في الصحراء الغربية إلى الحل…”
يا سيادنا نعلم أن المغرب زمان كان ممتدا من طنجة إلى السينيغال.. كما كانت ممتدة الإمبراطورية العثمانية من تركيا أوروبا إلى الجزائر، فهل هذا يعطي الحق لأردوغان أو لزعيم حزب تركي أن يشكك في سيادة واستقلالية إحدى بلدان المنطقة؟! إن هذا فعلا كما وصفه الإخوة الموريتانيون قمة الصفاقة، وليس من الديبلوماسية ولا الحنكة السياسية في شيء ولا حل لأي أزمة قائمة في المنطقة. إن هذا الشخص الملقب حميد شباط يصدر اليوم أزمته النفسية بعد أن وعى المغاربة بأن شخصه، وليس حزبه، هو سبب الأزمة التي منعت إلى اليوم تشكيل حكومة مغربية، فأحذ يلوح بالكلام على عواهنه يمينا وشميلا قاذفا حتى المغاربة أنفسهم، إذ برر سبب رغبته في التواجد بالحكومة كون حزبه الاستقلال هو الأصل في المغرب وهو من قدم الشهداء لاستقلال البلد وكأن باقي المغاربة عبيد لهم! هذه عقليته، عقلية استعمارية إقصائية مبنية على الزعامة البئيسة على أساس التاريخ الزائل.. ولو فرضنا جدلا أن حزب الاستقلال هو الوحيد الذي قدم شهداء، فهل يحق له الركوب على شهداتهم لنيل مناصب الحكومة؟ رغم أن المغاربة جميعا من ريف المغرب إلى صحرائه مرورا بسوس والشاوية والجبل قدموا شهداء فداء للوطن!
كما أن هذا المدعى شباط يصر على التحالف على أساس أن حزبه حظي بالرتبة الثالثة في الانتخابات. لكن الحكومة في المغرب لا تتشكل على أساس رتب الأحزاب، عدا الحزب الذي يحظى بالمرتبة الأولى والذي يتم منه اختيار رئيس الحكومة ويتكلف هذا الأخير بإيجاد تحالفات متجانسة مع أحزاب أخرى بغض النظر على رتبة فوزها. ولو كان الأمر مبنيا على الرتب لكان حزب الأصالة والمعاصرة الذي حظي بالمرتبة الثانية ضمن تشكيلة الحكومة، ولغادر حزب التقدم والاشتراكية الذي تذيل الانتخابات ب14 مقعدا ذليلا مهانا، ولكننا نجد العكس، نجد ارتكان حزب الأصالة والمعاصرة إلى المعارضة وتحالف الحزب الفائز مع التقدم والاشتراكية، إذن فالأمر لا علاقة له بالرتب إنما له علاقة بتجانس الأحزاب. ولا يمكن لشخص من طينة هذا المعتوه، الذي غادر النسخة الأولى من الحكومة في الولاية السابقة دون إنذار حتى كادت تسقط لولا أنقذ حزب الأحرار الموقف، هذا المعتوه الذي اتهم يوما رئيس الحكومة بنكيران بأنه داعشي وفي نفس الوقت عميل الموساد، لا يمكن الوثوق به ولا أن يشكل أي تجانس مع أي حزب! ومغادرته اليوم هي رغبة أغلب المغاربة!
فاللهم لا نطلب منك رد شباط، وإنما نطلب منك اللطف فيه! معذرة لإخوتنا الموريتانيين، الذين نتوسم فيهم الشهامة والمروءة للتغاضي عن مثل ذاك القول وعن كل من يطمح لإحداث أزمات دبلوماسية أو سياسية أو إشعال فتيل حرب بين أشقاء الدين والعرق والأصل، إخوتكم بالمغرب.
مايسة سلامة الناجي