لم يكن مفاجئا أن يحتل المرشح العيد محمدن امبارك الرتبة الرابعة في رئاسيات 2024، ولكن المفاجئ حقا، بل والصادم، أن يحتل هذه الرتبة بنسبة متدنية جدا لم تتجاوز 3.57%.
كانت التوقعات المتفائلة تقول بأن المرشح العيد سيحصل على الرتبة الثالثة، وكانت التوقعات المتشائمة تقول بأنه سيحصل على الرتبة الرابعة، ولكن بفارق بسيط جدا مع صاحب الرتبة الثالثة. أما أن يكون الفارق مع صاحبة الرتبة الثالثة يقترب من 10% فهذا أقل ما يمكن أن يقال عنه هو أنه صادم جدا.
هناك أسباب وجيهة قد نفسر بها تأخر العيد إلى الرتبة الرابعة، منها أن تحالف جود انقسم إلى فسطاطين في وقت مبكر من بعد تأسيسه، فسطاط دعم العيد وفسطاط دعم سوماري، ومنها رواج شائعة تقول بأن العيد دُفِع به إلى الترشح للتأثير على مرشح آخر، وأنه يتلقى الدعم من أحد رجال الأعمال الداعمين للسلطة.
وبغض النظر عن مدى صحة تلك الشائعات، فالمؤكد أن حملة العيد عانت من عجز مالي كبير، وحتى لو افترضنا جدلا صحة تلك الشائعات، فإنها لا تكفي وحدها لتفسير لغز خسارة العيد، وحصوله على نسبة 3.57% فقط، من أصوات الشعب الموريتاني.
نظريا، يمكن القول بأن المرشح العيد هو المرشح المثالي للمعارضة، فهو عمريا ينتمي إلى فئة الشباب، ومن حيث التخصص فهو قانوني، وقد انتخب في البرلمان لمرتين، وهو رئيس سابق لميثاق لحراطين، ومناضل منذ صغره، وخريج من مدرسة أعرق حزب معارض، وصاحب خطاب وطني يحاول أن يكون خطابا جامعا، فلماذا لم يصوت له جمهور المعارضة، ما دام يجمع كل هذه الصفات التي يفترض أنها هي الصفات المطلوبة في المرشح الرئاسي لدى الناخب المعارض؟
ما حدث مع المرشح العيد في رئاسيات 2024، هو بالضبط ما حدث مع مرشح المعارضة "المثالي" في رئاسيات 2019. في تلك الرئاسيات كان المرشح محمد ولد مولود يمثل من الناحية النظرية المرشح الأمثل للمعارضة في تلك الانتخابات، وذلك بعد أن أفنى الرجل عمره وهو يناضل في صفوف المعارضة، وكان يُصوت لمرشحيها دائما في الانتخابات الرئاسية، وكان يتخذ مواقفه وفقا للمزاج المعارض، ومع ذلك فلم يمنحه جمهور المعارضة في رئاسيات 2019 أكثر من 2.44% من الأصوات المعبر عنها.
لم أجد تفسيرا للغز خسارة العيد وحصوله على نسبة متدنية جدا في رئاسيات 2024، كما أني لم أجد من قبل ذلك تفسيرا للغز خسارة محمد مولود وحصوله على رتبة متدنية في رئاسيات 2019، وعلى المعارضة أن تدرس هذه الظاهرة الغريبة من نوعها، وأن تبحث لها عن تفسير، فبأي منطق يتكرر حصول "مرشح المعارضة المثالي" على أسوأ النتائج في الانتخابات الرئاسية؟
محمد الأمين ولد الفاظل