خيبة أمل ومرارة واقع المثقف الموريتاني (مقال)

جمعة, 11/25/2016 - 10:07

لله ما أمر الخيبة التي يشعر بها المثقف في موريتانيا، وما أعظم الكرب الذي يتدفق ليلا ونهارا إلى فؤاد ذلك الشاب الموريتاني الذي قطع سينين عمره للدراسة والبحث والتحقيق، يحلم بأن سيعود رجلاً يغير بلده بفكره وتجاربه الجديدة، ثم يكتشف في النهاية أنه كان على خطأ، فما موريتانيا إلا بلد لأصحاب الواسطة يسرحون فيه ويمرحون على هواهم وهوى من عينهم أصلاً.

والمسكين الأخير الذي صرف بياض نهاره وسواد ليله وشاب فُويْدهُ في العلم والمعرفة ما له إلا آخر الطابور، وأحياء الصفيح من كل مكان أو منصب في هذا البلد، فإذا عُينَ ـ وهي الأقل ـ تجده في مكبَّات الوزارات، لا يذكره ذاكر و لا يزوره زائر، فيا لهفي عليه...!!

وأما أن لا يتم تعيينه ولا توظيفه فهي الأكثر، وذنب هذا الكادح ـ من دون شك ـ أنه بلا واسطة إذ لا علاقة له بمسئول كبير في الدولة أو رئيس مصلحة، أو أنه لم يكن بوقاً من أبواق السلطة ينطق متى تشاء ويسكتُ متى تشاء...

لماذا كل هذه الشروط؟

لماذا هذا الحيف والقسمة الضِّيزى، لماذا لا نشعر بمعاناة الآخرين؟ أليس من الظلم أن نجعل القيم النبيلة رذيلة، ونستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، نستبدل الكفاءة بالواسطة، فنخلق جيلاً بعد جيل يكره المعرفة ويحب الجهل، قد ترسخت لديه قناعة بأن الواسطة هي الأهم، فلا يبحث إلا عن كيف يصل إلى مرتبة في المنصب بدل درجة في العلم. ولماذا نهينُ العلم وأهل العلم كل هذه الإهانة؟ أليسوا أحق بالإكرام؟ من جهالٍ أعماهم الطمع وتمادوا في غيهم وضلالهم. لماذا لا حظَّ ـ في هذا البلد ـ إلا لمن سابق إلى مغفرة من سلطان أو شيخ قبيلة أونائب .... إلخ.

آآآخ... إني لأكتب بحسرة ومرارة وشفقة في آنٍ معاً، على بلدي وعلى ساسته الذين يدفعون بالبلد إلى مخافر الفناء بهذه الطريقة...

ليتنا راجعنا طريقة تعاملنا مع الغير، وأعتقد ـ بلا ريب ـ أن العدالة ما لم تطبق في موريتانيا فلن تقوم لها كدولة قائمة، سيظل هناك عرجٌ في كل شيء مادام من لا يستحق في المكان الذي لا يستحق، ومادام الرجل المناسب في غير المكان المناسب.

بقلم الأستاذ الجامعي الدكتور محمد عالي البربوشي