اجرت صحيفة "القلم" الفرنسية مقابلة مع الامين الوطني للشؤون السياسية والمنتخبين في حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل" الدكتور محمد الأمين شعيب، تواصل.
وتطرقت تلك المقابلة الي عدة أسئلة كالانتخابات الرئاسية المقبلة والأسباب التي أدت الي عدم تقديم تواصل لمرشح لرئاسة الجمهورية والأيام التشاورية الأخيرة التي نظمتها الحكومة ووثيقة الميثاق الجمهوري و دوافع خروج بعض المسؤولين التنفيذيين من الحزب مع وصول الرئيس ولد الغزواني للحكم.
وفيما يلي نص المقابلة:
سؤال: حددت اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة في 22 يونيو 2024. كيف تلقي حزب تواصل هذا القرار؟ وكيف تستعدون لهذا الاستحقاق؟
الدكتور محمد الأمين شعيب: بداية شكرا جزيلا للقلم على اتاحة الفرصة ونتمنى لها وللقائمين عليها المزيد من التألق والنجاح.
بخصوص الإجابة على السؤال صحيح أننا على بعد حدود ثلاثة أشهر من الاستحقاق الرئاسي في نهاية شهر يونيو القادم وبالمناسبة
هو استحقاق محوري بحكم حجم وقوة الصلاحيات الدستورية والاستثنائية لرئيس الجمهورية والتي تصل أحيانا الى مستوى من التغول على السلطات الأخرى وهو ما يعكس قوة حضور ونفوذ مؤسسة الرئاسة في نظامنا السياسي،
من جهة اخرى نحن في تواصل ورغم مرارة تجربة الانتخابات الأخيرة وغياب ضمانات جدية لحرية وشفافية ونزاهة الانتخابات القادمة لحد الساعات مع ذلك نولي اهتماما كبيرا لهذا الاستحقاق وقد بدأ التحضير له على مستوى الحزب مبكرا من خلال تنظيم ورشات ولقاءات مع قيادات الحزب في نواكشوط والداخل خصصت للتداول حول الخيارات المتاحة كما شكلت لجنة مركزية عهد إليها بمتابعة الملف وتحضير الموقف المناسب لتقديمه للمكتب السياسي صاحب القرار النهائي واللجنة تواصل عملها واتصالاتها وستقدم مقترحاتها لدورة المكتب السياسي القادمة
سؤال: تواصل هو الحزب الأكبر، ويري البعض أنه الأكثر ديمقراطية على الساحة السياسية الوطنية بفضل سنة التناوب على رئاسته، واحترام تمثيلية مكونات البلاد، والعمل الاجتماعي لصالح المحرومين. لكن رغم كل ذلك ورغم جذوره الوطنية، فإنه لم يترشح قط لرئاسة الجمهورية. كيف تفسرون ذلك؟
الدكتور محمد الأمين شعيب: للتصحيح تواصل ترشح في الانتخابات الرئاسية سنة 2009 وقدم رئيسه وقتها محمد جميل منصور كمرشح عنه في رئاسيات 2009 وفي الاستحقاق الموالي اي سنة 2014 قررت غالبية أحزاب المعارضة مقاطعة الانتخابات الرئاسية وكان حزب تواصل في مقدمة هذه الأحزاب وفي الاستحقاق الاخير سنة 2018 قرر عدد من أحزاب المعارضة ومنها حزب تواصل تنسيق مواقفها والدفع بمرشح يتبنى برنامجا للتغيير وهو ماتم من خلال دعم المرشح سيد محمد ولد بوبكر ..
وحزب تواصل حالا يحضر للاستحقاق الرئاسي القادم صحيح انه يغلب خيار الدفع بمرشح موحد للمعارضة ويعطي الأولوية لهذا الخيار حتى الآن ومع ذلك تبقى الخيارات الأخرى مطروحة بالنسبة له بما فيها خيار الترشيح من داخل الحزب.
سؤال: شارك حزبكم في الأيام التشاورية الأخيرة التي نظمتها وزارة الداخلية للتحضير للانتخابات الرئاسية. ما هو تقييمكم لنتائج هذا الاجتماع؟ هل لديكم شعور بأن التشاور المذكور ستكون شفافا وشاملا وبالتالي لا جدال فيها؟
الدكتور محمد الأمين شعيب: نحن حضرنا فعلا جلسة الافتتاح و الجلسة المخصصة للأحزاب القائمة وعبرنا عن رأينا في النقطتين المطروحتين في الورشات وهما قانون الأحزاب وضمانات شفافية الانتخابات القادمة وفي النقطة الاولى عبرنا عن إدانتنا لتعطيل قانون الاحزاب وطالبنا بتطبيقه حتى يتم تغييره، كما طالبنا بأن يكون أي تغيير له في اتجاه تسهيل ترخيص الأحزاب وليس في اتجاه تعقيدها، ثم عبرنا أيضا عن رأينا في الطريقة التي يمكن أن تنظم بها انتخابات رئاسية شفافة ونزيهة ومستقلة، هذا ما عبر عنه ممثلنا في الجلسة في عرضه المقدم في الجلسة وفي الوثيقة المكتوبة التي سلمها للجنة الصياغة، لكن للأسف لجنة الصياغة، خرجت بخلاصات عائمة محدودة ومتناقضة فيما بينها.. الأكيد أن الداخلية ستستفيد منها عندما تريد أن تخرج قانونا أو تغيره، ولكن لا نتوقع أن العملية الديمقراطية في موريتانيا ستستفيد من تلك المخرجات.
وعموما نحن حضرنا جلسة الافتتاح و الجلسة الخاصة بالأحزاب القائمة فقط ولم نحضر الجلسات الأخرى بما فيها الجلسة الختامية التي قاطعناها مع غيرنا من أحزاب المعارضة احتجاجا على ضعف حضور المقترحات و التوصيات التي تقدمت بها هذه الاحزاب في الوثيقة النهائية للورشات
وبالتالي لا نعلق أملا على نتائج هذه الورشات ونعتبرها مجرد آلية إخراج لما تنوي الحكومة اقراره لا أكثر ولا اقل.
سؤال: طالب رئيس الوزراء قبل أيام قليلة، رئيس مؤسسة المعارضة الديمقراطية التي يقودها حزبكم عدم استقبال أحزاب المعارضة غير المعترف بها بعد الآن. كيف تلقيتم هذا النوع من التحذير؟ ألا تشاطرون الرأي الذي يرى أن مؤسسة المعارضة لا تملك الإمكانيات اللازمة للقيام بدورها، بل أنها مجرد قوقعة فارغة؟
الدكتور محمد الأمين شعيب: بالنسبة لمؤسسة المعارضة الديمقراطية الطبيعي انها عنوان للطيف السياسي المعارض ، والأكيد أن مجلس إشرافها يقتصر على الأحزاب الممثلة في البرلمان. لكن الأحزاب الأخرى غير الممثلة في البرلمان، يمكن أن تكون مشاركة في المؤسسة، ثم إن المؤسسة يمكن أن تكون مظلة لكل المعارضين أحزابا وغير أحزاب، فالدستور الموريتاني يعطي لكل موريتاني الحق في الاجتماع، ويعطي أيضا لكل صاحب رأي الحق في التعبير عنه، وما حصل ليس اجتماعا موقعا من طرف مجموعة من الأحزاب وإنما هو مجرد نشر ما يمكن اعتباره محضر عن اجتماع حصل وأن أطرافا معينة حضرت ذلك الاجتماع، ولا يمكن أن يعتبر خرقا لقانون المؤسسة، وما كنا أيضا نتوقع أن الحكومة تنتبه لهذا الموضوع، وإذا كان هناك ما يزعجها فليس أن هناك بيانا صدر من المؤسسة، وإنما هو الفاعلية التي شهدتها المؤسسة والحراك الذي شهدته وشعور النظام بخطر وحدة للمعارضة عليه، وأنشطة تواصل الأخيرة ودفاعه عن المظلومين من مختلف الأصناف والمستويات وربما هذا ما يزعج السلطات وليس شيئا آخر.
اما عن إمكانات المؤسسة فهي كما تفضلتم محدودة وتحتاج حقيقة إلى أن يعاد لها الاعتبار ويفعل دورها وتمكن من الوسائل الضرورية لتأدية مهامها وإلا تبقى مجرد مؤسسة صورية لا تقدم ولا تؤخر .
سؤال : وقعت ثلاثة أحزاب منذ عدة أشهر من بينها حزبان من المعارضة " التكتل-اتحاد قوي التقدم-انصاف" على وثيقة بعنوان الميثاق الجمهوري. وردا على ذلك، قال باقي قوي المعارضة، بما في ذلك تواصل، إنهم غير معنيين بهذه الوثيقة. هل يمكنكم أن تشرحوا لنا لماذا؟
الدكتور محمد الأمين شعيب: بالنسبة لوثيقة الميثاق، عمل عليها ثلاثة أطراف لوحدهم بدون أن يشركوا الأطراف الأخرى في التحضير، وحين أصبحت وثيقة جاهزة، اتصل بنا الحزبان المعارضان وأشعرونا بوجود هذه الوثيقة، لكنهم لم يسلموها لنا، ونحن قراراتنا قرارات هيئات، والهيئات لا يمكن أن تصوت على نيات وإنما تصوت على مشاريع، وهذا المشروع لم نستلمه لِنحسم موقفنا منه، بالقبول أو الرفض، وبالتالي تحفظنا عليه، وبعدما خرجت الوثيقة، فمن الأكيد أن بها نيات حسنة، ولكن ثقتنا في السلطة الحالية وفي إرادتها لتنفيذ هذه المضامين، ليست قوية، فقد حصل الاتفاق الذي وقعناه جميعا في الانتخابات الماضية ولم ينفذ، فتعودنا أن يكون الحوار في واد وتكون المخرجات في واد ويكون التنفيذ في واد آخر، لذلك مشكلة الميثاق ليست في مضمونه وإنما في أن الطرف المتحكم في تنفيذه وهو السلطة، والسلطة لا شيء يمنعها من أن تنفذ مضامينه قبل أن يوقع ويمكن أن تنفذه إن كانت عندها إرادة وهو موجود، ورأينا أنه من غير المناسب أن نكون جزءا من وثيقة أعدت في الخفاء، ولم نشرك في تحضيرها ونعتبر الجهات التي أعدتها إما جهات لا قدرة لها على الضغط، وإما جهة غير مستعدة أصلا لإنجاز هذا النوع من الإصلاحات.
وبالمناسبة فهذا ليس موقفنا وحدنا بل هو موقف كل تشكيلات المعارضة باستثناء الحزبين الموقعين على الوثيقة وموقف جل أحزاب الاغلبية .
سؤال : تسبب ترشيح الرئيس الغزواني ثم انتخابه في يونيو 2019 في خروج بعض المسؤولين التنفيذيين من حزبكم. ألا تتخوفون من تصاعد هذه الحالات عشية الانتخابات الرئاسية المقبلة؟
الدكتور محمد الأمين شعيب: بخصوص موضوع الانسحابات من الحزب أود أن أكد ، ان حزب تواصل بخير، صحيح أنه يشهد احيانا انسحابات لكن كذلك يشهد انضمامات ويعزز حضوره وانتشاره ويمكن اعتباره الحزب الأول في البلد حقيقة، لأن الحزب الذي يأتي قبله في الانتخابات ليس حزبا وإنما هو دولة بأجهزتها ورجال أعمالها وشيوخ قبائلها وكبار موظفيها وجنرالاتها وأموالها، أما الأحزاب التي تعتمد على الله ثم على مناضليها وعلى وسائلها الخاصة، فأولها هو حزب تواصل.
وما يميز حزب تواصل هو قوة انتشاره و توسعه المستمر والقدرة على الحشد و القرب من المواطن وحمل همومه و مشاكله وهو ما ظهر جليا في مهرجانه الحاشد وغير المسبوق في 11 فبراير الماضي والذي حمل شعار "الشعب يعاني" وقد شهد الجميع بحشده الكبير وقوة خطابه و مستوى تنظيمه ما شكل ردا قويا على المشككين في شعبية تواصل وفي موقفه المعارض.
سؤال : لقد حقق السنغاليون للتو تغيير ديمقراطي بانتخاب مرشح معارض. فهل يستطيع الموريتانيون أن يحلموا به حتى لو كانت شروط التناوب الديمقراطي، كما نعلم، بعيدة المنال؟
الدكتور محمد الأمين شعيب: حقيقة ما تم في الشقيقة السينغال نعتبره انتصارا للديمقراطية ودولة المؤسسات وحلما ونموذجا يحتذى في قارتنا الافريقية التي عانت كثيرا من انظمة الاستبداد والدكتاتوريات الجاثمة على صدور المواطنين والتي حولت عدة بلدان إلى دول فاشلة
صحيح أن السينغال تمتلك ارثا ديمقراطيا عريقا وتجربة رائدة في العبور الآمن و الانتقال السلمي للسلطة و يحدونا الأمل ان نرى بلدنا قريبا يسلك نفس المسار. ولعل الدرس المستفاد من هذا الانتصار هو أن التغيير ممكن اذا تضافرت جهود المخلصين وتحملوا المسؤولية وقدموا التضحيات والنضالات المطلوبة.