في عصر الرقمنة، أصبحت حياتنا أكثر تشكلاً بالتكنولوجيا التي نستخدمها يوميًا. من المكالمات الهاتفية البسيطة إلى الرسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تعتبر شركات الاتصالات حراس محادثاتنا. تخيلوا أن كل مرة ترسلون فيها رسالة أو تجرون مكالمة، هناك خط غير مرئي ينقل هذه المعلومات من نقطة إلى أخرى. هؤلاء الحراس هم من يضمنون سلامة انتقال بياناتنا.
ومع ذلك، عندما يفكر هؤلاء الحراس في دخول مجال المعاملات المالية من خلال إطلاق تطبيقات للمدفوعات المحمولة، تضاف بُعد جديد إلى دورهم. لم يعد الأمر يقتصر على نقل كلماتنا فقط عبر هذه الخطوط غير المرئية، بل أيضًا أموالنا. هذا يثير سؤالًا حاسمًا: كيف يمكننا التأكد من أن معلوماتنا المالية تظل محمية عندما تكون بيانات الاتصال والمالية لدينا لدى نفس المزود؟
تُظهر دمج هذه الأدوار تحديات الخصوصية وأمان بيانات المستخدمين. في عالم مثالي، ينبغي أن يجعل هذا التقارب حياتنا أكثر عملية، بتسهيل المدفوعات وجعل الخدمات المالية أكثر سهولة في الوصول. ومع ذلك، يعني هذا أيضًا أن معلومات حساسة للغاية، مثل رصيد حسابنا البنكي أو معاملاتنا الشرائية، يتم التحكم بها من قبل نفس الكيانات التي تدير مكالماتنا ورسائلنا.
إذن، كيف يمكننا التأكد من أن مصالح المستهلكين تظل محمية في هذا النظام الجديد؟ الجواب يكمن في إنشاء أطر تنظيمية صارمة وتقنيات أمان متقدمة. من الضروري أن يتم وضع معايير صارمة لفصل وحماية أنواع البيانات المختلفة التي يتم التحكم بها من قبل المشغلين. على سبيل المثال، يمكن أن تساعد تقنيات مثل التشفير في تأمين المعلومات المالية، بضمان أن الأشخاص المصرح لهم فقط يمكنهم الوصول إليها.
إذا وجدت معلومات حول محادثاتنا وماليتنا في يد فاعل واحد، يجب أن نكون متأكدين من أنها محفوظة بأمان، بعيدًا عن الأنظار غير المصرح بها. لتحقيق ذلك، يلزم وجود خزائن رقمية قوية، مزودة بأقفال معقدة يمكن للمالكين المشروعين فقط فتحها.
ولكن، كيف يمكننا التأكد من وجود هذه التدابير الأمنية وفعاليتها؟ هنا تأتي أهمية القوانين واللوائح. من الضروري وجود لوائح واضحة وصارمة تحدد كيفية حماية هذه المعلومات.
مع أننا اعتدنا على الثقة في البنوك لحماية أموالنا، السؤال الكبير هو: هل سنمنح نفس الثقة لمشغل الهاتف المحمول لدينا؟ لكي تنجح هذه الانتقالة، يجب على المشغلين ليس فقط توفير منصة آمنة ولكن أيضًا كسب ثقة المستخدمين من خلال الشفافية والموثوقية.
ابراهيم اخليل
خبير اقتصادي ومستشار مستقل في إدارة المخاطر المالية، ماجستير (بحث ماجستير 2) - جامعة سيرجي بونتواز، فرنسا
البريد الإلكتروني: [email protected]