على خريطة الهجرة، تحدد خطواتُ المهاجرين مسيرةً تمر بثلاث محطات لاتسلم إحداها من الضرر... طريق يبدأ من بلد المصدر مرورا ببلد المعبر ووصولا إلى بلاد المهجر.
موقع موريتانيا المقابل للسواحل الآمريكية من جهة، يجعلها أيضا محاذية لجزر الكناري، ولاس بالماس الإسبانية... ذاتُ الموقع الذي يجعل نواكشوك محط أطماع دول العالم الأول، يضعها كذلك في موقف لاتحسد عليه لما يترتب عليه من تبعات ليس أقلها صعوبة حماية الحدود البرية والبحرية أمام المهاجرين وطالبي اللجوء كونها بلد معبر نحو الحلمين "الأوروبي والآمريكي"
"موريتانيا لن تكون موطنا للمهاجرين"، هكذا طمأنت الداخلية الموريتانية الشارع الموريتاني الغاضب إزاء ما بات يعرف "باتفاقية المهاجرين" بين الحكومة الموريتانية والاتحاد الأوروبي.
زوال الخميس ال7 من مارس 2024 انعقد اجتماع موريتاني أوروبي رفيع المستوى بقصر المؤتمرات، للتوصل لاتفاق حول بنود مسودة الاتحاد الأوروبي بشأن المهاجرين الأفارقة وحماية الحدود البحرية الموريتانية.
مسودة الاتفاق الأصلية تضمنت الفقرة المثيرة للجدل والمتعلقة بإعادة المهاجرين الأفارقة إلى الأراضي الموريتانية لإعادة دمجهم أو ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية، لكن مخرجات الاجتماع المغلق أزالت الفقرة من الصيغة النهائية للاتفاق وفق المُعلن من طرف الأوروبيين والحكومة الموريتانية.
أبقت الصيغة النهائية على الدعم المالي المعلن سابقا من الوفد الأوروبي وأوضحت معالمه الأولية التي من ضمنها تعبيد طريق بين نواكشوط ومدينة نواذيبو وتعميم الكهرباء بالولايات الشرقية لموريتانيا ودعم إقامة مشاريع تنموية في بلدان المصدر، ودعم اللاجئين ومجتمعاتهم المضيفة، من أجل تخفيف الضغط على البلدان المضيفة وتعزيز صمود اللاجئين والمجتمعات المضيفة.
لكن، مايعني دعم اللاجئين ومجتمعاتهم المضيفة؟ وهل تتحول موريتانيا إلى مجتمع مضيف للمهاجرين؟
في أغسطس من عام 2023، رفضت السلطات الموريتانية بمدينة نواذيبو استقبال 168 مهاجرا غير نظامي وصلوا السواحل الموريتانية على متن سفينة "رايو راخو" التابعة للحرس المدني الأسباني.
الصحيفة الإسبانية "باييس" قالت حينها إن الدرك وقوات البحرية الموريتانية منعا السفينة من الرسو في الميناء أو إنزال الأشخاص الموجودين على متنها، والذي يفترض أنهم قادمون من الأراضي السنغالية.
السفينة توجهت بعدها إلى السواحل السنغالية حيث تم إنقاذ المهاجرين هناك بعد رفضهم من طرف الدولة الموريتانية على أراضيها...خرجت بعدها المتحدثة باسم الحكومة الإسبانية، إيزابيل رودريغيز، لتؤكد أن رفض موريتانيا استقبال المهاجرين لن يفسد العلاقة بين البلدين.
رودريغيز أضافت في مؤتمر صحفي عقدته أن الاختلافات الإجرائية المحددة مع السلطات الموريتانية لايؤثر على العلاقات والتعاون بين البلدين في قضايا الهجرة، معربة عن تقديرها “للتعاون الفعال” بين مدريد ونواكشوط معتبرة أنه يتجسد في تقلص أعداد الوافدين من المهاجرين غير النظاميين.
لكن الأعداد تضاعفت مع نهاية 2023 وبداية 2024 حيث وصلت أكثر من 11 ألف مهاجر غير نظامي، مروا بالسواحل الموريتانية، وموقف موريتانيا في استقبال المهاجرين لم يتغير، فكيف جرت المفاوضات وعلامَ رست سفينته؟
يروج الخطاب الرسمي الموريتاني لأن ماتم توقيعه هو اتفاق سياسي مشترك غير ملزم من الناحبة القانونية ويؤسس لشراكة استراتيجية، يوضح الخطاب الرسمي أن المعني أصلا بالاتفاق هم طالبوا اللجوء في "مخيم امبرة" شرقي البلاد ومن على شاكلتهم.
تنفي السلطات الموريتانية تطرق الوثيقة للمهاجربن غير النظاميين واقتصار ماتضمنته على طالبي اللجوء نظرا لأوضاع أمنية محددة وظروف سياسية معروفة.
موقف موريتانيا يوضح بجلاء اهتمامها المسبق بقضية اللاجئين قبل التفكير بالوثيقة والتوقيع عليها نيابة عن 27 عضوا مشتركا، والجديد هو الدعم الأوروبي لطالبي اللجوء على الأراضي الموريتانية، يقول المسؤولون الحكوميون.
بقلم/عبد الله علي