مثلث الشيطان” أو “مثلث الموت”، “بحر الأشباح” أو “مقبرة الأطلسي”، أسماء أطلقت على “مثلث برمود”، نظراً للكوارث والحوادث الغامضة التي شهدها على مدى 150 عاما. جغرافياً، هي منطقة على شكل مثلث متساوي الأضلاع، نحو 1500 كلم في كل ضلع، ومساحته حوالي مليون كلم²، يقع في المحيط الأطلسي بين برمودا وبورتوريكو وفورت لودرديل (فلوريدا). ونظراً لحوادث اختفاء متكررة منذ عقود طويلة، صوّب العلماء سهام أبحاثهم وتقنياتهم لحلّ هذا اللغز الذي حيّر العالم طويلاً، بسبب اختفاء السفن والطائرات عند مرورها فوقه .
حوادث بالجملة حوادث عديدة سجّلت في مثلث برمودا، فقد وقع أشهر حادث اختفاء في الخامس من كانون الأول (ديسمبر) من عام 1945، القصة حسب ما يرويها فيلم مثلث برمودا، أن خمس قاذفات قنابل للبحرية الأميركية اختفت بشكل غامض بينما كانت هذه الطائرات في مهمّة تدريبية روتينية، كما اختفت طائرة إنقاذ أرسلت للبحث عنهم ولم ترجع أبدا، بإجمالي ستّة طائرات و27 رجلا، ذهبوا دون أي أثر. وقد اعتبرت هذه الحادثة من أول وأشهر حوادث الاختفاء التي سجلت في منطقة برمودا حتى الآن. لم يكتفِ مثلث برمودا بابتلاع الطائرات الحربية الخمس، بل التهم طائرة مدنية سنة 1948 هي “ستار تايغر” التي انطلقت من لشبونة في 28 كانون الثاني (يناير) بـ25 راكباً في اتجاه برمودا، غير أنها واجهت مصاعب كبيرة في طريقها، إلى أن انقطع الاتصال معها نهائيا صبيحة الـ 30 من الشهر نفسه. خلال الحرب العالمية الأولى فقدت “يو إس إس سيكلوبس” في المنطقة نفسها، وكان على متنها طاقم من 309 اشخاص، بعد أن غادرت جزيرة بربادوس في 4 آذار (مارس) 1918. في عام 1963 أحاط الغموض حادثة اختفاء طائرتين أميركيتين من طراز “كي سي 135” فوق مثلث برمودا، وبعد عدة أيام تم العثور على حطامهما متناثراً في إحدى طافيات القديمة المنطقة، ولم تستطع بعثة الإنقاذ تفسير سبب الحادث حتى الآن. حادث الطراد البريطاني المسمى “اتلنتا”، واحد من قطع الأسطول الحربي البريطاني وسفينة حربية من أكبر واقوى سفن ذلك الأسطول. وقع هذا الحادث عام 1880 حين أقلع الطراد من برمودا وعلى متنه 290 رجلاً، فاختفى ولم يعد، ولم يعثر له بعد على أثر. في كانون الأول (ديسمبر) من عام 1872 وجدت الباخرة “ماري سيلست” بحالة جيدة بعد أن فقدت منذ مدة عند مرورها بمنطقة مثلث برمودا، كان كل شيء على ما يرام إلا أنها كانت مهجورة تماماً. سفينة “ثيودوسيا بور الستون”، سمّيت تيمناً بـثيودوسيا ابنة نائب رئيس الولايات المتحدة السابق آرون بور، اختفت حين كانت على متنها ضمن إحداثيات المثلث، إذ كانت مسافرة على متن سفينة “باتريوت”، والتي أبحرت من شارلستون بجنوب كارولينا إلى نيويورك في 30 كانون الأول (ديسمبر ) 1812، ولم يسمع عنها أبداً منذ ذلك الحين. في عام 1840 كانت السفينة “روزالي” الفرنسية تعبر منطقة برمودا، وعلى حين غرة وبلا سابق إنذار اختفت السفينة بمن فيها بشكل غريب، ورغم البحث المضني والمركَّز في تلك المنطقة فإنهم لم يعثروا عليها ولا على أي اثر لها، ولكن بعد فترة عثر عليها سليمة خارجة مياه منطقة برمودا، ولكنها خالية من اي راكب أو ملاح. في عام 1881 حصل شيء غريب للسفينة “إلين أوستن” وهي ناقلة بضائع أميركية، بينما كانت تبحر غرب جزر الزور، صادفت سفينة أخرى مهجورة ولا يوجد على متنها أحد، فعرض القبطان جائزة لمن يصل إليها، وعلى الفور تشكل طاقم للقيام بالمهمة، وبعد وصولهم إليها انقطع الاتصال معهم، وعندما تشكل فريق آخر لنفس المهمة اختفى بدوره، وبعد مرور يومين وجدت السفينة خالية دون وجود أي أثر يعلل اختفاء من كان عليها، ولم يشاهدهم أحد بعد ذلك. في شتاء 1924 كانت الباخرة اليابانية “رايغو كومارو” تشق عباب البحر، وكان برج المراقبة على صلة معها بطريقة البث الراداري، فجأة بدأت السفينة ترسل إشارات إنذار متتالية ومضطربة، كان آخرها الرسالة التي هزت كل من كان في البرج حين سمعوا رسالة بالراديو يفترض أنها صدرت لحظة اختفائها بين جزر البهاما ، تقول “تعالوا بسرعة… ليس لنا مهرب… إنه يحزّ أرواحنا… تعالوا بسرعة دون إبطاء”، وعلى أثر تلك الرسائل فقد انطلقت في الحال سفن الإنقاذ في محاولة عاجلة لإنقاذ الباخرة، لكن الفرقة وصلت بعد فوات الأوان إذ اختفت الباخرة وكأنها تبخرت في الفضاء. تعتبر هذه الحوادث الابرز التي سجّلت في سجلّ الاختفاءات الغامضة فوق مثلث برمودا، فضلاً عن حالات اختفاء لطائرات وبشر. اكتشافات السنوات الاخيرة توالت الاكتشاف في السنوات الاخيرة، ففي شهر تشرين الأول (أكتوبر) من العام 2014، اكتشفت مجموعة من العلماء الروس 3 حفر هائلة، يمكن أن تساعد في تفسير الظاهرة التي تتحدث عن اختفاء كل ما يمر في تلك المنطقة، والظاهرة التي حيرت العلماء عدة قرون. الحفر الغريبة التي ظهرت في روسيا أثارت التساؤلات بأن تلك الحفر الكونية قد تكون خدعة من صنع الإنسان، أو أنها من صنع غرباء من الفضاء الخارجي أو حدثت بفعل نيازك. إلا أنهم بعد دراسة متعمقة، اكتشفوا أنه بالرغم من أن التفسيرات السابقة يمكن ان تكون واقعية، إلا أن الانفجارات الناجمة عن هيدرات الغاز يمكن أن تكون الحل للغز مثلث برمودا. الحفرتان اللتان يبلغ عمقهما 50 متراً وعرضهما 120 متراً، تقع في صحراء سيبيريا، وقد أطلق عليهما اسم “يامال وتايمر”، سلطتا الضوء على ظاهرة مثلث الموت، حيث رجح العلماء أن هيدرات الغاز التي تأخذ أشكالاً تشبه الجليد من المياه التي تحتوي على جزيئات الغاز، وخصوصا الميثان، هي المسؤولة عن اختلال التوازن بتلك المنطقة التي لطالما شكلت لغزاً كبيراً للعالم بأسره. وقال خبراء إن الطريقة التي تشكلت بها حفر سيبيريا التي أطلق عليها اسم “حفر نهاية العالم” ربما تقود إلى كشف لغز مثلث برمودا الشهير، واعتبر الخبراء ان طريقة تشكل هذه الحفرة، تفسّر اختفاء القوارب والطائرات في مثلث برمودا. في السياق نفسه، تحدث العالم الروسي ايغور يلتسوف، نائب رئيس “معهد تروفيموك”، عن فرضية أن يكون مثلث برمودا قد تشكّل نتيجة لتفاعلات هيدرات الغاز. في التفاصيل، يبدأ الأمر حيث يتحول ميثان الجليد إلى غاز، ويحدث ذلك بطريقة تشبه الانهيار، مثل التفاعل النووي، وهذا يجعل حرارة المحيط ترتفع وتغرق السفن في مياهها مختلطة مع نسبة ضخمة من الغاز، ويؤدي نفس الأمر إلى جعل الهواء متشبع بغاز الميثان، مما يجعل الأجواء مضطربة للغاية ويؤدي إلى تحطم الطائرات المارة. استكمالاً للابحاث، نشرت مجلة العلوم والمستقبل في كانون الأول (ديسمبر) من العام 2015 تقريراً، اكدت فيه مجموعة من الباحثين الروس والنروجيين انها شاهدت منطقة في روسيا فيها شقوق عديدة في الارض، وهي تنفتح دون سابق إنذار لتطلق كمية ضخمة من غاز الميثان ثم تكون حفرا.