أي صدفة أن يكون النائب البرلماني والمحامي العيد ولد محمذن ولد امبارك أول المترشحين لرئاسيات 2024 في ظل توتر العلاقة بين أحزاب المعارضة من جهة وانحياز بعضها للنظام من جهة أخرى وأفول نجم المعارض الأشرس في الفترات الأخيرة أو تغييبه، بيرام الداه اعبيد.
مساء السبت ال2 من مارس، أعلن العيد ولد محمذن من قصر المؤتمرات وسط العاصمة نواكشوط ترشحه لرئاسيات يونيو المقبل، وسط حشد كبير لأنصاره وحضور لأبرز الشخصيات السياسية ومختلف التشكيلات والتكتلات الحزبية.
حضرت المعارضة، بشقيها، المعارضة التقليدية وأختها ذات النهج الجديد ومايمكن وصفه بالمعارضة الموالية، اعتلاء ولد امبارك للخشبة الرسمية حضر معه الخطاب المعارض وتأجيج الجماهير ومحاولة تذكيرها وتحفيزها بعوائق التنمية وتخلف البلاد بسبب سوء التسيير والفساد وبعض الرواسب العرقية والشرائحية.
يقول مرشح الرئاسيات الأوحد حتى الآن إن موريتانيا ما زالت على آخر قوائم التنمية، وتتصدر قوائم الفساد والفقر وضعف المؤسسات، وهو ماخلف غياب الأمل في تغيير الواقع لدى الكثير من أبناء الشعب، يضيف ولد محمذن منتقدا في الوقت نفسه ارتفاع الأمية وانتشار الفقر في البلاد.
لماذا بعد 63 سنة من الاستقلال، ما زالت موريتانيا على حالها؟... يتساءل العيد.
يسترسل المرشح أمام جماهيره "إن موريتانيا ما زالت تعتمد على الخارج في أكثر ركائز وجودها في الدواء والغذاء" وهناك كم هائل من المواطنين الذين يسافرون للعلاج في الخارج.
فرَضيا، لايعدو هذا غير خطاب سياسي لمرشح يطمح حشد أكبر كم من الداعمين، حسابيا، لن يكون العيد أقوى المترشحين حتما في صفوف المعارضة إذا سلمنا بترشح النائب بيرام الداه اعبيد الذي يواجه مشاكل قضائية، والرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الذي يطمح لمأمورية ثانية...
فأين مصلحة المعارضة في ترشح اثنين من رجالاتها؟
لن يكون صادما للشارع الموريتاني إذا لم يتوصل ماتبقى من المُعارَضة العارِضة لمرشح إجماع تلتف حوله، فلحزب الصواب مرشحه وهو ولد اعبيد، وذاك سيحظى بدعم أنصار حركته "إيرا" وحزبه غير المرخص "الرك" وحلفائه، ولتحالف "أمل موريتانيا" مرشحه وهو العيد ولد محمذن، وأما تواصل فحجمه وقوته وشعبيته تسمح له بتقديم مرشح له إذا أراد.
بقية الأحزاب وضعيتها أقرب للمعارضة الموالية، وجماهيريا لم تعد بتلك القوة كما كشفت آخر انتخابات تشريعية وبلدية وجهوية.
معارضوا ولد محمذن يرون في ترشحه شرخا لوحدة مجموعة اجتماعية وشريحة كانت فيما قبل محط اهتمام خطاب ولد اعبيد، يفسر معارضوا الرجل ترشحه بالمخطط له سياسيا وبدعم خفي من السلطات لتغييب ولد اعبيد عن الساحة السياسية بخلق منافس من شريحته وبخطاب متزن نسبيا تلتف حوله الجماهير إذا رأت فيه إمكانية تحقيق مالم يستطعه ولد اعبيد.
فرضية تَرشيح ولد محمذن يغذيها إلى حدٍ ما إتزان خطابه مقارنة بصاحبه، إضافة إلى ماقد يخلقه ترشح بيرام وحيدا مع الرئيس محمد الغزواني من مشاكل للطيف السياسي الموالي وتحديات في صناديق الاقتراع، كما تغذيه سوابق السلطات في الدفع بمترشحين في أوقات سابقة لخلط الأوراق على المنافسين المعارضين، فهل آن أوانُ أفولِ شمس بيرام كسابقيه من الحقوقيين والزعماء السياسيين؟ أم أنه مازال في جعبته مايدفع به عنه ويحول الوضعية لصالحه؟
وهل سيكون ولد محمذن رجل المرحلة المقبلة؟
وحدها صناديق الاقتراع ستحدد ذلك، والأيام القادمة كفيلة بكشف أجوبة كل التساؤلات.
عبد الله علي