نواكشوط - تتواصل جلسات الحوار الوطني في موريتانيا برعاية الرئيس محمد ولد عبدالعزيز وسط مقاطعة لأبرز قوى المعارضة وهي كلّ من منتدى الديمقراطية والوحدة (تحالف لعدد من الأحزاب والمنظمات المدنية) وحزب تكتل القوى الديمقراطية.
ويركّز هذا الحوار الذي سيستمرّ حتى الـ10 من شهر أكتوبر الجاري، على إجراء جملة من التعديلات الدستورية منها استحداث منصب نائب الرئيس، وإلغاء مجلس الشيوخ “الغرفة الثانية من البرلمان”، وتغيير علم البلاد ونشيدها، وإعادة النظر في النظم والآليات الانتخابية، كما جاء في وثيقة مسودّة الحوار التي تناقلتها وسائل إعلام محلية.
كما يناقش الحاضرون، الذين يبلغ عددهم حوالي 450 ممثلا عمّا يطلق عليها بالمعارضة الرسمية ومنظمات نقابية ومدنية، جملة من الملفات الاجتماعية والاقتصادية، خاصة تلك المتعلقة بمسألة التوزيع العادل للثورات، فضلا عن الدعوات الفئوية التي باتت تثير القلق في مجتمع متعدد العرقيات.
وتشكك قوى المعارضة التقليدية أو الراديكالية، في النوايا الكامنة خلف إجراء هذا الحوار الذي دعا إليه ولد عبدالعزيز، وتقول إنّ الهدف الأساسي منه هو فتح المجال أمام الرئيس ولد عبدالعزيز إلى الترشح مجددا للانتخابات الرئاسية.
وفي افتتاح الحوار الوطني الذي تجري فعالياته بقصر المؤتمرات شدد الرئيس الموريتاني على أن أيّ تغيير لدستور البلاد يجب أن يطرح للاستفتاء بعدما رد زعماء المعارضة بغضب على اقتراح لوزير العدل بضرورة السماح له بالترشح لفترة ثالثة.
وأكد ولد عبدالعزيز، وهو حليف مهم للغرب في الحرب ضد الإسلاميين المرتبطين بالقاعدة في منطقة الصحراء، “سيتم الرجوع إلى الشعب عبر استفتاء عام للبتّ في المقترحات والتوصيات التي يقتضي تبنيها إجراء تعديلات دستورية”.
وشدّد على أن مخرجات هذا الحوار يجب “أن يكون دافعها وهدفها خدمة المصالح العليا للوطن بعيدا عن أيّ اعتبارات أخرى”.
وفاز ولد عبدالعزيز الذي وصل إلى السلطة للمرة الأولى في انقلاب العام 2008 بفترة ثانية مدتها خمس سنوات بنسبة 82 بالمئة من الأصوات في 2014. ويمنعه الدستور من الترشح لفترة أخرى.
لكن وزير العدل إبراهيم ولد داداه اقترح رفع القيود على الفترات الرئاسية في الجمهورية الإسلامية التي تنتج الحديد الخام والنفط.
وطالب ولد داداه الموريتانيين بأن يطلبوا من الرئيس الترشح لفترة ثالثة من أجل إكمال المشروعات التي بدأها.
ونقلت وكالة الأنباء الموريتانية عن ولد عبدالعزيز قوله في يونيو إن القول بأنه يسعى للترشح لفترة ثالثة محض تكهنات وإنه لم يقل مطلقا إنه أراد تغيير الدستور لترشيح نفسه. بيد أن المعارضة تشكّ في أن هذا هو محور الحوار الوطني الذي افتتح حديثا.
وقال جميل منصور رئيس حزب تواصل الإسلامي الذي يقاطع الحوار إن هذا ليس وقت المساس بالدستور.
من جهته صرّح نائب رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية محمد محمود ولد أمات، أن حزبه سيبدأ الاتصال بالقوى السياسية المقاطعة للحوار وذلك من أجل تنسيق خطوات سيتم اتخاذها ضد ما اعتبره المسار الأحادي للنظام.
وأضاف ولد أمات في تصريح لوكالة الأخبار الموريتانية، أن التكتل قاطع الحوار الجاري لسببين: أولهما أن الحوار المطروح من حيث الشكل جاء للردّ على الهبّة الشعبية والإعلامية التي أحدثتها وثيقة التكتل، أما الثاني فيتعلق بمضمونه الذي يعتبره أحاديا وسبق الإعلان عن نتائجه في النعمة، حسب تعبيره.
وسعى النظام على مرّ الأشهر الأخيرة إلى إقناع قوى المعارضة الراديكالية بقبول الجلوس على طاولة الحوار إلا أنه وفي ظل أزمة الثقة الموجودة بين الطرفين أصرت على مقاطعته، خاصة بعد أن رفض الرد كتابيا على قبوله لشروطها. وهذا ثاني حوار سياسي ينظم في موريتانيا من دون مشاركة تلك القوى، الأمر الذي يشي بأن الأزمة السياسية في البلاد ستستمر.
العرب