قال العلامة الموريتانى الشيخ محمد الحسن ولد الددو إن مؤتمر "اغروزنى" الأخير هو اعلان حرب صريحة على أهل السنة، مؤكدا أن " جميع مكونات المؤتمر سواء المكان أم البلد المضيف أم الداعين له والحاضرين، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الهدف من هذا المؤتمر إشاعة الفوضى والتشويش على العوام".
وقال الددو فى مقابلة مع الشرق القطرية اليوم الثلاثاء 27-9-2016 "إن الداعين للمؤتمر استهدفوا السعودية كراعية لمقدسات المسلمين، وكعاصمة للإسلام، وقيادة أهل السنة. كما دعا المسلمين وأهل السنة إلى أن يقفوا مع قيادة المملكة العربية السعودية في مواجهة هذا الاستهداف، وضد المد الرافضي".
وإليكم نص المقابلة :
"أجرى الحوار- عبدالحميد قطب
الشيخ محمد الحسن ولد الددو عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لـ"الشرق":
"مؤتمر جروزني" إعلان حرب على أهل السنة وتأييد لقاتلي المسلمين
الجهة الداعية للمحفل "مشبوهة مجهولة" ولم تشارك في نصرة الدين ولا تتبنى قضايا الأمة
لا يرجى من الجهة المستضيفة أن تكون حاملةً للواء أهل السنة أو مدافعة عن هذا الدين وأهله
أدعو المسلمين وأهل السنة للوقوف مع القيادة السعودية في مواجهة استهدافها وضد المد الرافضي
المؤتمر انعقد برعاية ورئاسة بوتين الذي لم يرعَ للمسلمين إلًّا ولا ذمة وصواريخه تقتلهم
من حضر المؤتمر وصواريخ الدولة المضيفة لهم تضرب ديار المسلمين فلا يُرجى منه نصرٌ لدين الله
أغلب الحاضرين في المؤتمر مشهورون بمواقفهم ضد القضايا الإسلامية وضد أهل هذا الدين
أهل السنة معروفون والكل يعلمهم ولا يحتاجون لجهة "مشبوهة مجهولة" أن تعرّفهم
الأشاعرة والماتريدية مذهبان كان لهما حاجة وقت شيوع المعتزلة والقدرية والجبرية والجهمية
اختفاء الفرق الضالة لا يُبقي حجة لوجود الأشاعرة والماتريدية ليكون المسلمون على مذهب واحد
فصل الدين عن السياسة تهميش له ومنعه من سلطته التي جعله الله حاكما بها
لا يمكن لأصحاب العمائم الذين يتعرضون للكاميرات وأمام أعين الناس أن نسميهم صوفية
الصوفية تعني الانقطاع والهروب عن الناس والزهد في الدنيا ومظاهرها كلها
الأزهر مُختطف.. واسمه يستخدم ضد الدين ويقف مع الظالمين ضد المظلومين
القائمون على المؤتمر قصدوا التشويش على عوام المسلمين مستغلين واقع الكون كقرية واحدة
لا يمكن أن يُصلح وضع اقتصادي أو اجتماعي أو سياسي إلا بهذا الدين الذي شرعه الله
الله جعل هذا الدين حاكما على كل شيء وجعل حكمه نافذا على كل الأشياء
من يفرّط في هويته الإسلامية كمن يبيع دينه من أجل عرض من الدنيا قليل
رغم مرور ما يقرب من شهر على انعقاده بالعاصمة الشيشانية جروزني، فإن مؤتمر أهل السنة "كما سماه القائمون عليه" لا يزال صداه قائما، إذ نشبت معارك عنيفة بين كل من القائمين والمستضيفين والمؤيدين للمؤتمر، وبين المهاجمين له، فيعدونه موجها ويناصر الكيانات التي تحارب الدين وتقتل المسلمين، بل وثار جدال كبير حول تبعية السلفية لأهل السنة والجماعة.
"الشرق" التقت الشيخ محمد الحسن ولد الددو، عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي كشف أن هناك جهات سماها بـ"المشبوهة والمجهولة" تقف خلف هذا المؤتمر، وأنه قصد منه التشويش على عوام المسلمين، بدعوى تعريف أهل السنة والجماعة، على الرغم من أن أهل السنة معلومون للجميع، وغير مجهولين.
واعتبر الشيخ أن الداعين للمؤتمر استهدفوا السعودية كراعية لمقدسات المسلمين، وكعاصمة للإسلام، وقيادة أهل السنة. كما دعا المسلمين وأهل السنة إلى أن يقفوا مع قيادة المملكة العربية السعودية في مواجهة هذا الاستهداف، وضد المد الرافضي.
وقال الشيخ إن جميع مكونات المؤتمر سواء المكان أم البلد المضيف أم الداعين له والحاضرين، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الهدف من هذا المؤتمر إشاعة الفوضى والتشويش على العوام.
وعرّف الشيخ أهل السنة بأنهم الذين يتبعون سنة نبيهم، في أقواله وأفعاله وتقريراته، ويأخذون بما جاء به من عند الله ولا يخالفونه، ولا يبتدعون في دينه، ولا يزيدون عليه، ولا ينقصون منه.
وعن دعاوى فصل الدين عن الدولة، بيّن الشيخ بالقول: فصل الدين عن الدنيا أو فصل الدين عن السياسة عبارة عن تهميش لهذا الدين، ومنعه من سلطته التي جعله الله حاكما بها.
وإلى نص الحوار:
فضيلة الشيخ، كيف قرأتم البيان الختامي لمؤتمر "جروزني" الذي اعتبر السلفية والوهابية غير محسوبين على أهل السنة والجماعة؟ وما انعكاسات المؤتمر على صعيد التجاذب المذهبي الدائر في المنطقة حاليا بقيادة إيران؟
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله.. في الواقع إن المؤتمرات يُنظر إليها من زاوية الجهة الراعية لها، ومكان الانعقاد، والموضوع الذي يناقش، ونوعية الحضور. وهذه العناوين الأربعة هي التي تحدد هوية أي مؤتمر وفائدته وما يؤمل من ورائه.
وبخصوص "مؤتمر جروزني" فالجهة الداعية إليه "مشبوهة مجهولة" وليس لها مشاركة في نصرة الدين، ولا تتبنى قضايا الأمة، ولا الدفاع عن المستضعفين من المسلمين، وما ناصرت أي قضية عادلة في العالم، فما بالك بقضايا المسلمين!! لذلك لا يرجى من الجهة المستضيفة أن تكون حاملة للواء أهل السنة، أو مدافعة عن هذا الدين أو أهله.. هذا بخصوص الجهة المضيفة.
أما عن مكان الانعقاد، فمعروف أن المؤتمر جرى تحت قيادة موسكو، ورئاسة بوتين، الذي لم يرعَ للمسلمين إلًّا ولا ذمةً، وتضرب صواريخه وطائراته ودباباته عقر دار المسلمين، ودمروا البيوت على المسلمين في الشام التي كانت من قبل دارًا للخلافة، وعاصمة الإسلام آنذاك، وبالتالي فهذا الشخص لا يرجى منه نصر لدين الله، وتحت لوائه كل من يعادي هذا الدين ويحاربه.
أما عنوان المؤتمر الذي أراد أن يُعرف أهل السنة، وكأنَّ أهل السنة مجهولون وغير معروفين، ولا يعرفهم العالم منذ أكثر من 1400 عام، فأراد هذا المؤتمر أن يصدر شهادة يعرفنا فيها بأهل السنة!! والحقيقة أن أهل السنة معرفون والكل يعلم من هم أهل السنة، ولا يحتاجون إلى جهة مشبوهة مجهولة أن تعرّفهم.
أشرت إلى أن هناك جهة "مشبوهة مجهولة" تقف خلف المؤتمر.. من هذه الجهة؟
هي "جهة مشبوهة مجهولة" لكننا نعلمها تماما، ولكن لا نريد الإفصاح عنها.
أهل السنة
فضيلة الشيخ.. من هم أهل السنة؟
كما قلت سابقا، أهل السنة غير مجهولين، والسنة ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبيّنه وسنّه لأمته. وأهل السنة هم الذين يتبعون سنة نبيهم، من أقواله وأفعاله وتقريراته، ويأخذون بما جاء به من عند الله ولا يخالفونه، ولا يبتدعون في دينه، ولا يزيدون عليه، ولا ينقصون منه.
فمن زاد عليه ابتداعًا خرق السنة وخالفها، ومن نقص مما جاء به النبي، فهذا مقصر دون السنة ولم يصل إليها.
فالسنة بين الطائفتين، الإفراط والتفريط، بين المبالغين الذي زادوا عليها وهم "المبتدعة"، وبين المقصرين الذين نقصوا عنها، وقصّروا دونها، والمتحللون من المذهب الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.
الأمر الأخير، من هم المدعوون في المؤتمر؟ إذا نظرنا إليهم سنجد أغلبهم غير معروفين، وغير مشهورين، والمشهور منهم فهو مشهور بمواقفه ضد القضايا الإسلامية، وضد أهل هذا الدين، وتجده دائما واقفاً مع الظلمة الفاجرين الفاسدين، كما قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الذي أخرجه الترمذي وعبدالرزاق، أنه "سيكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يَكْذِبُونَ وَيَظْلِمُونَ، فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ، فَصَدَّقَهُمْ بِكِذْبِهِمْ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ، وَلَيْسَ بِوَارِدٍ عَلَيَّ الْحَوْضَ، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَيُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَارِدٌ عَلَيَّ الْحَوْضَ"، فهؤلاء ممن يطردون من على حوض النبي، لأنك لن تجد لهم موقفا في وجه اليهود والدفاع عن المسجد الأقصى المبارك، ولن تجد لهم مواقف لإعلاء كلمة الله، ولن تجدهم ينصرون المسلمين المستضعفين، ويمنعون قتل النفوس، بل بعضهم مشهور بكلمته "اضرب في المليان" وهو يدعو لقتل الأبرياء، لأن هذا ليس شأنهم، بل شأنهم الوقوف مع الظلمة، فهم مع كل ناعق وظالم لهذا الدين وأهله.
هل ينطبق على الأشاعرة والماتريدية والصوفية صفة أهل السنة كما ورد في بيان المؤتمر؟
بالنسبة إلى الأشاعرة والماتريدية، هذان مذهبان كان لهما حاجة وقت شيوع المعتزلة والقدرية والجبرية والجهمية التي شاعت في صدر الإسلام وتحديدا أثناء وجود الدولة العباسية، لكن بعد أن تراجعت هذه الفرق ولم يبق لها وجود في حياة الناس، لم يعد هناك حاجة لإحياء هذه المذاهب "الأشاعرة والماتريدية" التي كانت واقفة في وجه هذه الفرق، وأئمة هذه المذاهب من أهل السنة والجماعة مثل أبي الحسن الأشعري وأبو منصور الماتريدي، وانتسب إليهما الكثير من أهل السنة وأتباع المذاهب الأربعة بسبب وقوفهما ضد الفرق الضالة مثل التي ذكرناها من قبل، ومن ثم فمبرر وجود هذه المذاهب هو وجود الفرق الضالة، وطالما اختفت هذه الفرق فلا داعي لوجود هذه المذاهب، ويبقى المسلمون على مذهب واحد في الاعتقاد، فالاتباع ينبغي أن يكون لما شرعه الله والله قال في كتابه: "هو سماكم المسلمين"، وقال: "وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ".
أما بالنسبة إلى الصوفية فهم في الأصل الزهاد الذين انقطعوا عن الدنيا للعبادة وهربوا من الناس، وهذا قد يكون ممدوحا في بعض الأحيان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَن".
وقد كان في تاريخ هذه الأمة عدد من المنقطعين الزهاد العباد الذين يهربون من أعين الناس، لذلك لا يمكن لأصحاب العمائم الذين يتعرضون للكاميرات وأمام أعين الناس لا يمكن أن نقول عنهم صوفية، لأن الصوفية معناها الانقطاع والهروب عن الناس والزهد في الدنيا ومظاهرها كلها "حتى الحلال منها"، أما الصفات التي فيها الحلول والاتحاد ووحدة الوجود والاستغاثة بالمخلوقين، فهذه نوع من الشرك بالله عز وجل، وأهل هذه الفلسفات ليسوا من الصوفية، ولا من أهل السنة أصلا.
التحالف الروسي الإيراني
من الملاحظ أن الدولة المضيفة للمؤتمر -فضيلة الشيخ- تقيم تحالفا استراتيجيا مع إيران.. وهو ما جعل بعض التكهنات تعد المؤتمر يخدم على مصالح إيران وتمددها في المنطقة بالأساس.
نعم هذا التحالف كان قائما بين إيران وروسيا وزاد الآن بأمريكا، وأصبحوا حلفا على المسلمين، والمسلمون في الحقيقة لا يضيقون ذرعا بتحالف قوى الشر عليهم، فالمسلون لا يرجون من أمريكا وروسيا أي نصرة، لأنهم يعرفون أن النصر من عند الله، ولا يعتمدون على هذه الدول ولا يركنون إليها، فالله قال في كتابه: "وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ"، وقال أيضا: "وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا * ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا".
أما بخصوص إيران، فالكل يعرف عداءها لأهل السنة والجماعة، وسعيها لاحتلال دول المسلمين، من العراق ثم سوريا واليمن، ثم يريدون الاعتداء على بلاد الحرمين الشريفين، وعلى مقدسات المسلمين.
هل المؤتمر بمثابة إعلان حرب على أهل السنة والجماعة بدعم إيراني؟
إعلان الحرب موجود قبل المؤتمر، وهؤلاء الحاضرون ليس لديهم سلاح، وإنما يريدون إشاعة الفوضى والتشويش على العوام، أما من يريد الحرب فهي إيران وهي تفعلها من خلال قواتها وميليشياتها.
كيف تقيِّم حضور شيخ الأزهر هذا المؤتمر؟
لا شك أن الأزهر حاليا مختطف، وأصبح يُستخدم اسمه ولافتته في كل هيعة، وضد الدين ويقف مع الظالمين ضد المظلومين، بعد أن كان مؤسسة سنية إسلامية تخدم الإسلام لأكثر من ألف سنة.
عنوان المؤتمر
لو طلبنا منك أن تُعنوِن المؤتمر.. ما العنوان المناسب له؟
المؤتمر ليس في حاجة كي أعنونه، فأهله قد عنونوه، وقصدوا به التشويش على عوام المسلمين، لأنهم يعلمون أن العالم اليوم بمثابة القرية الواحدة، ووسائل الإعلام تنقل كل شيء عبر وسائلها المرئية والمسموعة والمقروءة، لذلك أراد القائمون على هذا المؤتمر التشويش على الناس بطرحهم لسؤال من هم أهل السنة؟ وأهل السنة كما قلت معرفون، وغير مجهولين.
هل الداعون والحاضرون مؤتمر جروزني أرادوا استهداف السعودية عندما أخرجوا الوهابية من أهل السنة؟
بكل تأكيد استهدفوا السعودية، لكن كراعية لمقدسات المسلمين، وكعاصمة للإسلام، وقيادة لأهل السنة، وليس كدولة أو مؤسسات، وهذا الاستهداف ليس جديدا وإنما كان قائما من قبل، وبالتالي يجب على المسلمين وأهل السنة أن يقفوا مع قيادة المملكة العربية السعودية في مواجهة هذا الاستهداف، وضد المد الرافضي، واستهدافه لبلاد المسلمين، وأن يمنعوا من استطاعوا من هؤلاء العوام من التأثر بهذا النوع من الدعايات.
فضيلة الشيخ كيف تنظر لبعض الدعاوى التي تريد فصل الدين عن الدولة وفي أحيان أخرى فصل الدعوة عن السياسة؟
أقول لهم إن الدين دين الله، وهو الذي بناه على خمسة أركان، بيّنها رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: "بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان"، وبيّن الإيمان فقال: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره ". وبيّن الإحسان فقال: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".
لذلك ففصل الدين عن الدنيا أو فصل الدين عن السياسة عبارة عن تهميش لهذا الدين، ومنعه من سلطته التي جعله الله حاكما بها، لذا فلا يمكن أن يُصلح شيء إلا على وقع هذا الدين الذي شرعه الله عز وجل، ولا يمكن أن يُصلح وضع اقتصادي أو اجتماعي أو سياسي إلا بهذا الدين الذي شرعه الله، وهو علام الغيوب، وهو الذي خلق عباده ويعلم أحوالهم، والله شرع كل هذه الشرائع لمصلحة العباد، وهو أعلم بخلقه "أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ"، وجعل هذا الدين حاكما على كل شيء، وجعل حكمه نافذا على كل الأشياء وقال: "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ".
فمن أباح الربا فقد هدم ركنا من أركان الدين قال تعالى: "وأحل الله البيع وحرم الربا"، ومن أباح الزنا فقد هدم ركنا من أركان الدين، قال تعالى: "ولا تقربوا الزنا"، ومن أراد إباحة الإجهاض فقد هدم ركنا من أركان الدين وهو مخالف لدين الله، قال تعالى: "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق"، وهكذا القياس في كل الجوانب الأخرى.
هوية الأمة
فضيلة الشيخ، هناك جماعات وحركات ثورية إسلامية ارتضت التنازل عن هوية الأمة الإسلامية في مقابل التطبيع أو الاصطفاف مع كيانات ترفض هوية الأمة الإسلامية وتعاديها.. ما قولك فيهم؟
هذا ما يريده أعداء الدين، وقد بيّن الله ذلك في كتابه، قال تعالى: "ولاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ"، وقال تعالى: "وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ" فحدود رضاهم معروفة، وما يريدونه معروف، وكل ذلك جاء به الوحي ونزل به جبريل -عليه السلام- من عند الله، فليس ذلك جديدًا.
لكن إذا جاء هذا التوافق أو الاصطفاف بُغية مواجهة قوى أكبر مثل انقلاب عسكري أو احتلال أجنبي.. فهل يحق لهذه القوى التخلي عن هويتها في مقابل ذلك؟
هم في الحقيقة كمن يريد أن يبيع دينه من أجل عرض من الدنيا قليل، وهم المفتونون الذين بيّنهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم الواقعون في الفتن، وسيقع ذلك في آخر الزمان وربما هو واقع الآن، كما قال رسوال الله صلى الله عليه وسلم "إن بين يدي الساعة فتنًا كقطع الليل المظلم، يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه، ويصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع فيها أقوام دينهم بعرض من الدنيا قليل" أخرجه الترمزي