اكتشف ثوار ليبيا في نهاية آب (أغسطس) 2011 على مدرج مطار طرابلس فخامة الطائرة الخاصة لمعمر القذافي. وبعد خمس سنوات، ما زالت هذه الطائرة المتوقفة في فرنسا وحاولت شركة كويتية شراءها، ملكاً للدولة الليبية. وكان المتمردون هاجموا في أوج الانتفاضة في ليبيا في العام 2011 طائرة «آررباص آي-340»، وفي صور التُقطت حينذاك، يظهرون في داخلها وهم يفتحون الباب الزجاجي لحمامها ويتمددون على السرير أو على المقاعد الجلدية فيها.
ووصف المصور الصحافي باتريك باز الذي زار الطائرة في 29 آب (أغسطس) 2011 المتمردين بأنهم كانوا يشبهون «أصحاب السراويل المخططة في فرساي»، أي الثوار الفرنسيين الذين كانوا يرتدون سراويل مخططة وهاجموا قصر فرساي في العام 1789. وقال «بالنسبة إليهم، كانت الطائرة اكتشافاً... وبالنسبة إلينا أيضاً بصفتنا صحافيين». بعد النزاع، أرسلت الحكومة الانتقالية الليبية الطائرة إلى فرنسا في إطار عقد للصيانة وُقع مع شركة «آر فرانس»، بحسب وثائق قضائية. وحطت الطائرة في بيربينيان جنوب غربي فرنسا حيث تولت إصلاحها شركة فرنسية للخدمات بتكليف من «آر فرانس».
وفي العام 2013، أُعيد وضع شعار الدولة الليبية على الطائرة التي كانت تحمل اسم شركة «الطيران الأفريقية» «بهدف تجنب رصد تحركات العقيد القذافي»، قبل أن تُستخدم لنقل رئيس الوزراء علي زيدان إلى إيطاليا وإلى تونس، بحسب ما ذكر محامو الدولة الليبية في فرنسا. ولكن في حزيران (يونيو) 2015، طالبت مجموعة «الخرافي» الاستثمارية الكويتية بالحصول على الطائرة، انطلاقاً من مطالبتها بتعويضات عن عدم التزام نظام القذافي بعقد أُبرم معها في العام 2006، ويقضي ببناء مشروع سياحي على شاطىء المتوسط كان يفترض أن تستثمره الشركة على مدى 90 عاماً.
ورفعت الشركة الكويتية شكوى لدى القضاء المصري، فأصدرت محكمة مصرية في آذار (مارس) 2013 حكماً قضى بتعويض المجموعة الكويتية بمبلغ 937 مليون دولار، تضاف إليها نسبة 4 في المئة فائدة. لكن في فرنسا، اعترضت ليبيا على مصادرة الطائرة. وفي 30 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، أقرت المحكمة العليا في بيربينيان بحق ليبيا، فاستأنفت الشركة الكويتية الحكم، لكن بعد رد الدعوى تخلت عن القضية نهائياً، وفق ما ذكر محامو الطرفين الجمعة الماضية.
وأكد المحامي الفرنسي لـ «مجموعة الخرافي» ريمي باروس «فضلنا مواصلة عمليات مصادرة أرصدة ليبية أخرى يمكن إنجازها بسهولة أكبر»، مشيراً إلى «شكوك حول صفقة لبيع الطائرة وسعرها». وكانت الشركة الكويتية ترغب في بيع الطائرة في مزاد علني يبدأ بسعر 62 مليون يورو. وعبرت محامية الدولة الليبية كارول سبورت عن ارتياحها لأن «الطائرة 5 آي-وان، لم تعد خاضعة لإجراءات قضائية وستبقى ملكية الدولة الليبية». لكن الطائرة ستبقى على الأرجح في بيربينيان «لإصلاحها وصيانتها وبغية حمايتها نظراً إلى الوضع غير المستقر في ليبيا»، وفق ما قال محامو الدولة الليبية خلال الجلسة. وهناك قضية أخرى عالقة تكمن في أن شركة الطيران الفرنسية «آر فرانس» ما زالت تملك حق الحجز على الطائرة بهدف استعادة مبلغ 2.4 مليون يورو، هي كلفة الإشغال التي أجريت على الطائرة، وفق ما قال مجلس إدارة الشركة والتي لم تُدفع بعد.
اقلام