يمكن القول أن أهمية المواقع الألكترونية -بشكل عام- تكمن في كونها أداة عصرية كغيرها من الأدوات التي تساعد على ربط الناس بعضهم ببعض ؛ ولكونها وسيلة مساعدة لنقل الأخبار وتداول المعلومات ، الشيء الذي يجعلها تأخذ المكانة الخاصة ذات الأهمية البالغة في نفوس الناس ، ومن هنا -أيضا- يتضح السر وراء الإقبال الكبير على هذه المواقع سواء كانت عامة أم متخصصة .
إن الاهتمام الكبير بالمواقع الألكترونية مبعثه السعي وراء تحقيق الفائدة العلمية وحصول الاستفادة العملية من الطفرة الإعلامية الحاصلة بشكل إيجابي يجد فيه الباحث ضالته والمتسائل شفاء لتساؤله ..
وبالإضافة إلى تمتين الروابط بين الناس ؛ تُقدم *المواقع* المعلومات الهامة للباحثين عنها بمجانية كبيرة ؛ سواء من خلال المواقع الموسوعية أو تلك المتخصصة بأنواع معيّنة من العلوم والمعارف المتعددة والمختلفة؛ مما كان له كبير الأثر في تسهيل الوصول إلى المعلومة وامتلاك ناصية الثقافة لمن كان تواقا إلى ذلك في أسرع الأوقات وبمنتهى السهولة واليسر ؛
إن مما لا شك فيه أن *المواقع* حلت مشاكل ضيق الوقت وتراكم العمل وقلة الأموال من خلال تسريع إنجاز الأعمال الروتينية وسهلت عملية التسوق ؛ومنها ما وفر الرفاهية ومشاهدة الأفلام والعديد من الأمور الأخرى ، كما يمكن من خلال بعض المواقع الألكترونية البدء بأعمال خاصة تدر دخلا جيدا على الأفراد ؛ الشيء الذي يمنحهم استقلالية مالية بشكل أكبر ، والأهم من ذلك كله أنها سهلت إكمال المسيرة التعليمية للراغبين في ذلك من خلال التعلم عن بعد والتواصل مع الجامعات عبر المواقع المختصة بذلك .
هذا باختصار شديد يمكن أن يقال أنه توصيف للمواقع الألكترونية النموذجية -بعض الشيء- ، وهذا الحال هو الذي ينبغي أن تكون عليه مواقعنا الألكترونية -دون استثناء- الشيء الذي يجعلها *مواقع* بمعنى الكلمة وبكمال الدلالة ، لكن الذي يوسف عليه هو أن أغلب مواقعنا الألكترونية حاد عن هذا النهج و نكس الطريق و انحرف عن المسار ونكص عن مبادئ المواطنة ..!
وبالرغم من أن بلادنا تنعم بجو مثالي للحريات ؛ يشكل -في حد ذاته- مصدر فخر واعتزاز ومكمن عز حري به أن يذاع على حقيقته و يصان على طبيعته ، بالرغم من ذلك كله تظهر مواقع محلية فاقدة للصبغة الإعلامية ؛لِتُلوث الحقل الإعلامي بنشر الأباطيل وتقديم الأكاذيب وصناعة الأحداث من الأوهام والنفخ فيها ؛ اختلاقا للتأزيم وانتشاء بالافتراءات وطربا بالأوهام وتسميما للأذهان و غزوًا لقُصّار الفكر ؛خدمة لمصالح فردية ضيقة وأخرى فئوية بغيضة ..!!؟
إن غرس ثقافة التشاؤم وسقايتها بماء الكراهية وتوسيع منابع التشاحن والتباغض واستجاشة عواطف المستغفلين من المواطنين البسطاء والتدليس عليهم واستفزاز مشاعر الأمة وزرع الفُرقة والشِقاق وتخريب النسيج الاجتماعي ؛ يعد جرما ما بعده جرم وخطيئة كبرى وخيانة عظمى وتهورا مكشوفا ؛ دأبت عليه بعض مواقعنا من خلال استمرائها لكل المحظورات المذكورة -من قبل- واستعذابها لكل الممنوعات سبيلا إلى تحقيق مصالحها الضيقة وارتهاناتها المأجورة ؛ حتى صار ديدنها التحامل على الرئيس والمرؤوس وعلى الوزير والمدير والسياسي والعسكري وعلى الأمين والمؤتمن وخِلافهم..!
إن المتصفح لهذا الصنف من مواقعنا سيدرك أولا أنها تسيء بوجودها -مجرد الوجود- إلى مواقعنا المحترمة التي تتمتع بمصداقية ونزاهة ناقل الخبر بأمان والمحلل له بتجرد وموضوعية وسيدرك أن هذه المواقع تتدافع حميّة وتتسابق جهالة لإظهار منطلق خلفياتها الاجتماعية عند إقالة أي مسؤول سواء كان مسؤولا حقا في تصرفاته وأدائه لواجباته أم لم يكن مسؤولا بسرقته وسوء تدبيره واختلاسه وشبهاته ، وسيدرك تماما أنهم يتدافعون ويظهرون الحميّة الجاهلية بغض النظر عن الأسباب والمسببات ؛ أ كان النجاح عنوانا أم كان الإخفاق أبرز السمات وأظهر التجليات .. ومهما كان تعامل المسؤول أو اللامسؤول مع عناصر التكليف والانتداب لا يهم عندهم !؟
تراهم يكيلون المدائح ويقسمون شهادات الأخلاق ويمنحون صكوك الغفران إذا تم الإسهام في تعيين فلان أو التمسك بعلاّن ؛ تحركهم الدوافع الشخصية وتتغلغل فيهم الحميّة القبلية ويستميتون في تجذير الفئوية وتقزيم القومية الوطنية الجامعة التي تعد عماد الوطنية ؛ فسحقا لهم من أدوات للتنافر والانقسام و الوقيعة والقطيعة.