"النوع الاجتماعي"... ليس الملفت في القانون المثير للجدل والمزمع التصويت عليه تسميته وتمييزه لجنس دون غيره بقدر ماتصيره مواده المقننة من تساؤلات حول توفقها مع مفاهيم وتشريعات الشريعة الإسلامية.
النسخة الثالثة من "قانون النوع الاجتماعي" بعد إنهاء الدراسة عليها رأى فيها مشرعوها توافقا مع نصوص الشرع، والإصرار على إبرازها وقوننتها فيه حاجة لاتكاد الصدور تحجبها لمنظمات غربية وأخرى موريتانية لما ترى فيه من "حماية المرأة من العنف" يزيد من ذلك الضغط الأممي على الحكومة الموريتانية لتمرير القانون عبر البرلمان، تجسد ذلك اجتماعات عقدتها وتعقدها خبيرات الأمم المتحدة المتخصصات في مجال النوع بمسؤولين موريتانيين في المجال العدلي.
_ نقاط إثارة الجدل
تعدى الخلاف حول القانون الشارع الموريتانية ليأخذ مسارات أكثر وعورة وأعمق في الدلالة على جدليته، إذ نشب خلاف بين أعضاء مجلس الإفتاء حول شرعيته وتوفق مفاهيمه مع الشريعة، فقد رأى بعضهم عدم شرعيته ومخالفته للقواعد والنظم الإسلامية، ودليل ذلك ضبابية المفاهيم وعدم وضوحها، ومن نقاط ذلك:
*فلسفة القانون: وانتماؤه إلى مجموعة من القوانين التي تسعى الدول الغربية إلى فرضها وتطبيقها بشكل حرفي في مختلف أنحاء العالم، مستوردة بذلك القيم والصراعات التي تعيشها الأسر الغربية، والفلسفة السائدة التي تعمل على تحطيم البيت، والتي تحطم بشكل مستمر المجتمع والأسرة الغربية، المدمرة التي هي أسوء نموذج وبعده عن الواقعية والبيت السعيد.
* ضبابية التعريفات: حيث تقدم تقديم العنف ضد المرأة في تبوبيات مختلفة منها العنف الاقتصادي- الجنسي- العنف المعنوي
* ضرب قوامة الوكيل الشرعي: حيث حدد القانون مجموعات من العقوبات المتعددة، تزداد ضراوتها دائما ضد الوكيل الشرعي من زوج أو أب أو محرم.
* فتح الباب أمام التهم الجزافية: فعلى سبيل المثال تعتبر المادة: 25 مجرد اللمس الجنسي المتكرر من المحارم محاولة للاغتصاب، وهو ما قد يفتح الباب للبنات المنحرفات لاتهام وكلائهم الشرعيين من آباء بمحاولة الاغتصاب وجرجرتهم إلى العدالة.
* ضبابية مفهوم الخطف والاحتجاز في المادة 28 من القانون، وهو ما قد يفتح الباب أمام البنات الراغبات في الخروج عن الوصاية الشرعية وادعاء أنهن تحت الاحتجاز والخطف.
* الإكراه على الزواج: وهو ما يعني أيضا كسر القوامة الشرعية للوالدين، ويمنح البنات الحق في رفض الزواج بمجرد عدم رضاهن عن اختيار الوالدين، وهو ما قد تنتج عنه كوارث كما حدث سنة 2007 عندما تقدمت فتاة موريتانية مقيمة في إسبانيا بشكوى ضد والديها، لأنهما زوجاها وهي في الرابعة عشرة من عمرها، وقد تم سجن الوالدين عدة سنوات.
* وصاية المنظمات الحقوقية: التي أصبح بإمكانها أن تأخذ الإسناد القانوني للضحايا المزعومات، وهو ما قد يزيد من تعقيد النزاع.
رئيس مجلس الإفتاء الفقيه اسلم ولد سيدي المصطف قال أكد تحوير بعض المواد القانونية، واقتراح إلغاء بعض المواد التي رأى المجلس أنها لا يمكن تهذيبها، وإحالة إلى مسؤولية الدولة ما كان مسندا لغيرها ثقة بالحكومة الموريتانية.
يضيف ولد سيد المصطف في تصريح نقل عنه أن مدونة قانون الأحوال الشخصية لا ينبغي أن تطالها يد التغيير من خلال هذا القانون، لأنها في حقيقة أمرها تنظيم ديني بحت، منظم بالقرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، وأنه إذا كان القائمون على الأمر يرون ضرورة تحسينها ، أو تحيينها فإن ذلك ينبغي أن يكون من خلال مراجعتها هي نفسها مراجعة عامة، لا من خلال هذا القانون لما في ذلك من تشرذمها، وتعريضها للتبديل، لا للتهذيب، أو للتحسين.
_ المدافعون عن القانون
تصدرت جمعيات نسوية موريتانية الدفاع عن القانون إبان عرضه وظهوره عام ألفين وستة عشر زعما منها أنه يحفظ المرأة ويحول دون التحرش يها واغتصابها وينفرد بالدفاع عنها، ويجميها من الاغتصاب والتعنيف.
عودة القانون للواجهة بعث الروح في بعض الناشطات من النسويات للدفاع عنه من جديد واستذكار شعار "حمايتي بالقانون حقي" الذي مافتئت ترددنه، وتشريع القانون قد يفتح باب لم تعهده البلاد يخالف قيمها وتقاليدها وجزء من شريعتها الإسلامية.