إعادة رسم مسرح وفاة زيني ولد الخليفة..جريمة قتل ام انتحار؟(تحقيق)

ثلاثاء, 06/14/2016 - 10:30

استبعدت سلطات التحقيق أي شبهة جنائية في وفاة الشاب زيني ولد الخليفة  الذي عثر عليه  ميتا في منزل بالحي المجاور للقصر الرئاسي بنواكشوط، في حادث غامض أثار كثيرا من الجدل والصدمة.
وباتت القضية لغزا غامضا حير الشارع العام، واستمرت تلك الحيرة حتى بعد أن اقدم  وكيل الجمهورية على حفظ القضية، وإطلاق سراح المشتبه بهم، ما يشي بأنه اقتنع ضمنيا بفرضية الانتحار بعد الاستماع لعدد من الشهود.
فهل كان المتوفى هو الجاني؟  أم أنه كان ضحية لعمل مدبر وبشع؟ وكيف تم العبث بمسرح الحادثة؟، و لماذا أهمل  التقرير الطبي  الذي لم يكن جازما بحادثة الانتحار، والذي تضمن خطأ جسيما حيث سجل بأن تاريخ الوفاة هو 30/03/2016 أي عدة اشهر قبل الحادثة.. تساؤلات نحاول إثارتها في التحقيق التالي:
الانتحار هو انتزاع الروح، عكس التمسك بالحياة وهي عملية بشعة تنافي الفطرة البشرية،  التي تولد فيها غريزة التشبث بالحياة، وتكون اقوى من البحث عن الهلاك، وفي حالة اراد شخص ما إنهاء حياته من الطبيعة أن لا يتوجه إلى  مكان يجد فيه من ينقذه، كما أنه يصاب بحالة يأس تجعله يركض وراء الهلاك بأسرع طريقة ممكنة تخرجه من الحياة، كأن يقفز من برج عال، أو يتناول سما، أو جرعة زائدة من وصفة ما، أو يطلق الرصاص على رأسه، أو يرمي نفسه أمام قطار أو سيارة مسرعة، أو يحرق نفسه،.
مشاهد متعددة لحالات الانتحار لم تتجسد في حالة الشاب المتوفى زين العابدين ولد الخليفة الذي  تقول شهادات محضر التحقيق بأنه توجه إلى منزل اسرة قريبة من منزل عائلته ودخل مطبخ المنزل، واخبر المشتبه بها أنه مقدم على الانتحار،  واستخدم لثاما ربطه في نافذة هو أطول منها أو يوازيها وهو ما يستحيل معه منطقيا أن يلفظ أنفاسه فكيف مات؟، أو كيف قتل؟، وهل هناك أياد أخرى يحاول البعض مواراتها خلف ستار المشتبه بها ؟أم ان الأمر هو محاولة لخلق صورة نمطية عن الانتحار لم تحدث فعليا ،وتتنافى مع المنطق بشكل تام؟.
سنحاول استنادا لقصاصات نشرها محام اسرة المتوفى سيد أحمد ولد بوبالي  من محاضر التحقيق مع المشتبه بها ، إضافة لشهادة أحد أصدقائه، رسم مسرح الحادثة، وإثارة تساؤلات حول حقيقة الانتحار التي بدا أن النيابة العامة استندت إليها في حفظ القضية.
يقع المنزل الذي توفي داخله الشاب زيني ولد الخليفة بالقرب من القصر الرئاسي في حي ILO Cبجانبه شركة للأمن، وشركة خصوصية اخرى، الساعة تشير إلى العاشرة والنصف بالضبط عندما تم نقل جثمان الشاب زيني ولد الخليفة،  بينما يشير محضر الشرطة إلى أن المعني وصل الثامنة والنصف وبقي حوالي 50 دقيقة انتحر خلالها حسب اقوال  المشتبه بها .
تقول شهادة مريم منت ايطول عمرو من محاضر التحقيق:”..رمى دراعته في المنزل ومفاتيح السيارة وعلبة السجائر في الصالون، واقفل عليه باب المطبخ وبعد اربعين دقيقة عدت ونظرت  فوجدته قد اغلق الباب، حطمت الباب فوجدته قد شنق نفسه في نافذة المطبخ انزلته و اخذت هاتفه و اتصلت بأحد اصداقائه فاعتذر عن الحضور، واتصلت بآخر فأخبرني  بأنه في كرفور BMD وطلبت منه المكوث هناك في حدود العاشرة و اربعين دقيقة وصلت و انتقلنا إلى المنزل”.
وتناقضها شهادة إحدى صديقاتها التي قالت أمام  مفوض الشرطة ان “الدراعة” وجدتها مريم في المطبخ وعلقتها في النافدة!
الملاحظ أن المشتبه بها كانت هادئة الأعصاب، وتناولت هاتف المتوفى وتعرفت على رقم أحد أصدقائه دون أن تتصل بشخص آخر، ولم تحاول إخطارأسرته القريبة من المنزل، أو أي رقم مسجل في ذاكرة الهاتف، ودخلت زحمة المرور لجلب أحد اصدقائه.
اتصلت المشبته بها بأحد أصدقاء المتوفى  فأخبرها أنه بعيد، واتصل هو على صديقه الآخر واخبره بأن مريم اتصلت به من رقم زيني  وهي تبكي واخبرته بأنه فاقد للوعي وطلب منه أن يحضر بسرعة – إن كان أقرب منه – مؤكدا بأ سيلحق به.
وصل أحد الشباب في سيارة المتوفى التي تقودها مريم إلى منزل عائلتها ووصل الشاب الآخر وجري بينهم الحديث التالي: “..احملاه إلى المستشفي… لا يمكننا ذلك ويجب علينا ابلاغ الشرطة، لا.. احملاها على مسؤوليتي”.
رفض صديقاه نقله بتلك الطريقة، وتوجها مسرعين إلى منزل اسرة المتوفى الذي كان في نفس الحي واعلما والدته فانطلقت دون وعي حافية القدمين من هول الصدمة فوجدته موسدا على حصير دون حراك.
يتبادر للأذهاب سؤوال هام، و هو كيف لشخص عزم على الانتحار أن يذهب لمنزل أسرة ويدخل المطبخ ويغلق على نفسه الباب وينتحر باستخدام لثام ربطه في نافذة هو أطول منها أو يحاذيها تقريبا حيث يبلغ طول المتوفى 181 سنتم ووزنه حوالي 70كلغ.
حمل المتوفى للمستشفى وبدأت تبرز معطيات جديدة ومتناقضة، بعد أن تم تغيير معالم مسرح الحادثة  بشكل تام، ما أفقد القضية أهم عناصرها، من الأدلة، و المعطيات التي يستند إليها التحقيق بشكل كبير، و لم تعد هناك إمكانية لرفع البصمات التي قد تكشف معطيات تدعم ملف القضية.
تقول صديقة المشتبه بها:”…”اتصلت علي وصلت المنزل و نظفت المطبخ جيدا” ،  هكدا تم التلاعب بمسرح الحادثة وفقدت الأدلة والعينات.
أول سؤال يتبادر للأذهان هو أن المعني خرج من منزل ذويه التاسعة والنصف حسب شهادة والدته، بينما قالت المشتبه بها أنه حضر لمنزلهم حوالي الثامنة وعشرة دقائق.
الفتاة قالت بأنه لم يسبق له أن زارهم في المنزل،  إلا أن مشهد وصوله يشي بغير ذلك حيث انه من غير الممكن لشخص يدخل منزلا لأول مرة أن يرمي ملابسه ومفاتيح سيارته وعلبة السجائر دون أن يشعر بالراحة والانسجام.
كما أن المقبل على عملية انتحار ليس لديه متسع يمكنه من الاستعدادا وربط الحبل ورمي الفضفاضة وعلبة السجائر ومفاتيح السيارة في الصلون كأنه ذاهب للاستحمام.
ومن المعروف أن الانتحار حالة لوث عقلي وجنون لا تتيح لفاعلها كل ذلك الهدوء والاستعداد .
كما أن المتوفى يتوفر على غرفة أو جناح في الطابق العلوي من منزل عائلته، ويمكنه أن ينتحر هناك دون أن يشعر أحدا، ومن العادة ان المنتحر يبحث عن مكان لا يجد فيه من ينقذه، وبشكل لا يمكنه حتى أن ينقذ نفسه في حالة أحس بأن روحه تغادر جسده، وهي طبيعة بشرية تناقضها وقائع حادثة وفاة زين العابدين ولد الخليفة.
حلقة مفقودة في القضية الغامضة، تثيرها شهادات التحقيق العديدة تجعلنا نقول كما دون أحد أصدقاء المتوفى الذي كتب:”..كثرت علي الأسئلة عن سبب وفاة المرحوم زيني وسأظل اجيب : الله تعالى اعلم اطلب من المولي عز وجل ان يدخله الفردوس الأعلي من الجنة” .

المصدر الحرية نت