عادات رمضان في موريتانيا...غالبية الصائمين يفرون من حرارة الجو للنوم في المساجد

خميس, 06/09/2016 - 09:52

عادات رمضان في موريتانيا... الشاي يُفسد صيام المواطنين.. وحلاقة شعر الأطفال تيمنًا بالشهر الكريم.. غالبية الصائمين يفرون من حرارة الجو للنوم في المساجد

وسط جو من الترحاب والسرور يعظم الموريتانيون شهر رمضان الكريم بالكثير من مظاهر الاحتفال أبرزها الإقبال على مساعدة المحتاجين وصلة الأرحام ضمن عادات كادت تندثر ويخصص بعض رجال الأعمال راتبا إضافيا للعمال خلال الشهر الكريم.

ويقبل الموريتانيون - وهم سنة يتبعون المذهب المالكي بنسبة مائة في المائة - على أكثر من ثمانية آلاف من المساجد من بينها أكثر من ألف مسجد في العاصمة نواكشوط ، وتنظم هذه المساجد محاضرات بإشراف وزارة الشؤون الإسلامية التي تتولى إنعاش المحاضرات التي يرد من خلالها الفقهاء والعلماء على استشكالات المواطنين.

العادات الرمضانية تعود
يلاحظ عودة للعادات الرمضانية الموريتانية التي كادت تندثر خلال الأعوام الماضية فالموريتانيون الذين تغيرت حياتهم خلال الربع الأخير من القرن العشرين بفضل الجفاف الذي ضرب هذا البلد الزراعي التنموي بات أبناؤها يقبلون على عادات رمضانية أصيلة في موريتانيا كادت تندثر بفعل تأثير الحياة العصرية وانشغال الناس، وتشكل أيام الشهر الفضيل فرصة نادرة للموريتانيين للتواصل وصلة الرحم والقيام بالأعمال الخيرية وتفقد أحوال أقاربهم في القرى النائية.

ويجتهد الموريتانيون للفوز بالأجر المضاعف في رمضان من خلال المواظبة على الشعائر الدينية والعمل الخيري الاجتماعي، ومع بداية الشهر الكريم يقوم معظم الموريتانيين بحلق شعر الرأس للأطفال تيمناً بقدوم شهر رمضان وحتى ينبت لكل شخص شعر رمضان.

الموائد لا تتأثر بالوضع الاقتصادي
رغم الأزمة الاقتصادية العالمية التي ألقت بظلالها على موريتانيا خلال الأعوام القليلة الماضية فإنه لم يلاحظ أي تأثير يذكر للمائدة الرمضانية بفضل الدعم الحكومي أو ما يسمى في موريتانيا بعملية رمضان التي توفر من خلالها الحكومة الموريتانية نقاطا للبيع بأسعار مخفضة لجميع مستلزمات المائدة الرمضانية وسط رقابة دقيقة حتى لا يستغل المهربون المواد للبيع في الأسواق العادية. 

ومكنت عملية رمضان من توفر المواد الغذائية بأسعار تعادل نصف سعرها في الأسواق العادية الأمر الذي خفف عن فقراء موريتانيا في هذا الشهر الكريم.

وتعرف مائدة الطعام تغيراً شاملاً ينسجم مع العادات الغذائية في الشهر الفضيل، ويبدأ الإفطار بالتمر والماء والحليب قبل أداء صلاة المغرب ثم الحساء المحضّر من دقيق الشعير، وما يسمى الأطاجين وهو لحوم الجمال المحضرة مع البطاطس والبصل والجزر وتحظى هذه الوجبة بمكانة كبيرة على مائدة إفطار الموريتانيين، وبعد جلسة الشاي مع الحلويات وأطباق المقبلات ينصرف الجميع لأداء صلاة العشاء والتراويح.

الشاي الأكثر تأثيرا 
يلقي الشاي اهتماما لا مثيل له في شهر رمضان بموريتانيا، ويبدو المدمنون له في وضع لا يحسدون عليه خلال الأيام الأولى لشهر الصيام خصوصا قبيل الإفطار فالمدمنون للشاي غالبا ما يصابون ببعض الآلام الحادة بسبب افتقادهم للشاي في نهار رمضان وبعد الأيام الثلاثة الأولى يصبح الأمر معتادا لديهم وتنتهي المشكلة.

ويجمع موريتانيون على أن الشاي الموريتاني هو المشروب الوحيد الذي لا يمكن الاستغناء عنه والذي يكاد يفسد الصوم لدى البعض فمن آلام الرأس والصداع إلى التقيؤ وأحيانا الغيبوبة التي يدخلها نتيجة التوقف عن تناول الشاي في أوقاته المألوفة.

ولعل الغريب في أمر الشاي الموريتاني خلال شهر رمضان أن الأيام الأولى للصيام أفسدت - بفعل فاعل هو هذا الشاي الأخضر شديد التركيز مقارنة بالشاي الأحمر في الدول العربية الأخرى - صوم البعض ، والكثير من الأشخاص اشتكوا من إفساد صيامهم بسبب التقيؤ المستمر طوال النهار المصحوب بالآلام والصداع الناجمين عن الامتناع عن تناول الشاي حتى أن زوار موريتانيا يعتبرونه من خصوصيات البلاد ومميزاتها .

وعلى الرغم من تأثيرات الشاي السلبية على الصيام فإنه بدون منازع المادة المفضلة الأولى التي يتم التركيز على تناولها مباشرة بعد الإفطار حيث يتجمع أفراد الأسرة حول مائدة الشاي وبنفس الطريقة المألوفة في صنعه، إلا أن المشاعر تختلف لتظهر اشتياقا غير عادي لشرب الشاي بعد ساعات صيام طويلة وكأن المرء لم يسبق له تناوله.

ولعل الملفت للنظر هو أن صنع وتداول كؤوس الشاي ينتشر بشكل اكبر في أوساط ذوي الدخل المنخفض اكثر من الاغنياء. 

وبالرغم من الإقبال الملحوظ للموريتانيين على تناول الشاي خلال سهرات رمضان إلا أن الأطباء الموريتانيين يركزون خلال سهرات رمضانية تبثها الإذاعة والتلفزيون مباشرة على الهواء على ضرورة توخي الحيطة من خلال تناول الشاي في أوقات السحور لتجنب الانعكاس السلبي طوال يوم الصيام والذي قد يؤدي إلى التقيؤ والصداع وبالتالي إفساد الصيام حتى إذا عاود الصائم الإمساك وفقا لما تأمر به الشريعة الإسلامية.

الشهر الكريم هذه السنة يأتي وسط طقس حار لم يسبق له مثيل في موريتانيا منذ ثلاثين عاما، وفيما خلت الشوارع الرئيسية من المارة بشكل ملحوظ طيلة ساعات النهار الأولى يلجأ الكثير من أبناء العاصمة الموريتانية وخصوصا الفقراء وأصحاب المهن اليدوية إلى المساجد المزودة بأجهزة التكييف القوية وسط درجات الحرارة التي تتجاوز الأربعين درجة في ساعات النهار، ويستمع الكثيرون منهم إلى المحاضرات ، في حين يخلد آخرون للراحة بعد ساعات من العمل وسط حرارة شديدة

dostor