وصلت أمس دفعة أولى من السعوديين ورعايا دول أخرى إلى مدينة جدة بعد إجلائهم من السودان، حيث دخلت المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع أسبوعها الثاني، وفشل تطبيق الهدنة المؤقتة المُعلنة. وذلك مع دخول المعارك أسبوعها الثاني. ومنذ اندلاعها في 15 أبريل، تسببت المعارك بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف بـ «حميدتي» بسقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى.
وللمرة الأولى منذ بدء المعارك، أعلنت الرياض بدء إجلاء سعوديين ورعايا آخرين بحرًا إلى جدة بغرب المملكة. وأعلنت السلطات السعودية إجلاء 91 مواطنًا سعوديًا و66 شخصًا من رعايا دول أخرى من السودان بينهم دبلوماسيون، وأوردت قناة «الإخبارية» السعودية الرسمية أن أربع سفن أخرى «قادمة من السودان إلى جدة على متنها 108 أشخاص من 11 دولة». وعرضت القناة شريطًا مُصوّرًا تظهر فيه سفينة حربية لدى وصولها إلى الميناء. وهي أول عملية إجلاء معلنة لمدنيين منذ اندلاع الاشتباكات، علمًا بأن الجيش السوداني أعلن في 20 الجاري، إجلاء 177 عسكريًا مصريًا كانوا في مدينة مَرَوي بشمال البلاد. وبات موضوع إجلاء الدبلوماسيين والرعايا يُشكّل موضوعًا ضاغطًا خصوصًا للدول الغربية، في ظل تواصل المعارك. وتقوم أطراف عدة بينها الاتحاد الأوروبي، بإعداد خطط لإجلاء رعاياها الأجانب، بينما نشرت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان قوات في دول مُجاورة استعدادًا لعمليات كهذه. وأكد البرهان في بيان للجيش موافقته على «طلب عدد من الدول تسهيل وضمان تأمين إجلاء رعاياها وبعثاتها الدبلوماسية من البلاد»، و«تقديم المُساعدة اللازمة لتأمين ذلك».
وأفاد البيان بأنه «ينتظر أن تبدأ عملية إجلاء كل البعثات التي تطلب دولها ذلك خلال الساعات القادمة». وتابع بأن كلًا من الولايات المُتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين ستقوم بإجلاء دبلوماسييها ورعاياها جوًا «بطائرات نقل عسكري من الخرطوم، ويتوقع الشروع في ذلك فورًا». وأعربت قوات الدعم السريع من جهتها عن استعدادها لفتح «كل مطارات» السودان لإجلاء الأجانب، مع أنه من غير الممكن معرفة ما هي المطارات التي تسيطر عليها هذه القوات. وشدّد البرهان لقناة «العربية» على أن «كل المطارات تحت سيطرة الجيش»، باستثناء مطارَي الخرطوم ونيالا بولاية جنوب دارفور، حيث «توجد إشكالية».
في الخرطوم، المدينة التي يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة، قلب الصراع حياة المدنيين الذين احتموا داخل منازلهم -يتملكهم الرعب- من دون كهرباء في أجواء من الحرّ الشديد. ويغامر عدد منهم بالخروج للحصول على مواد غذائية على نحو عاجل أو للفرار من المدينة. خلال المعارك العنيفة في الخرطوم خلال الأيام الماضية، شنّت طائرات مقاتلة ضربات على مواقع عدة، بينما جابت دبابات الشوارع وأطلق الرصاص والمدفعية في مناطق مُكتظة. لكن العنف امتد إلى أنحاء أخرى من البلاد أيضًا. واتهم الجيش في وقت مُتأخر من الجمعة قوات الدعم السريع بشنّ هجمات في المدينة التوأم للعاصمة أم درمان حيث أخرجوا «عددًا كبيرًا من نزلاء أحد السجون». لكن «الدعم السريع» نفت ذلك. ووقعت معارك في إقليم دارفور في غرب السودان حيث قالت منظمة أطباء بلا حدود في مدينة الفاشر إن الوضع «كارثي»، و«لا يتوفر عدد كافٍ من الأسرّة لاستيعاب عدد الجرحى الهائل»، وبينهم عدد كبير من الأطفال. وقالت منظمة الصحة العالمية إن 413 شخصًا قتلوا وأصيب 3551 بجروح في القتال في جميع أنحاء السودان، لكن يُعتقد أن العدد الفعلي للقتلى أكبر من ذلك.
وقالت نقابة الأطباء إن أكثر من ثلثي المُستشفيات في الخرطوم والولايات المجاورة «توقفت عن العمل». وتعرضت أخرى للنهب وقُصفت أربعة مُستشفيات على الأقل في ولاية شمال كردفان.
وقالَ برنامج الأغذية العالمي إن العنف قد يوقع ملايين آخرين في براثن الجوع في بلد يحتاج فيه 15 مليون شخص – أي ثلث السكان – إلى المُساعدات.